في ضوء تخيير المرجعية للمواطنين بالمشاركة في الانتخابات
حسين باجي الغزي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حسين باجي الغزي

في كل استحقاقٍ انتخابيٍّ تمرّ به البلاد، تتوجّه الأنظار إلى موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، تلك المرجعية التي لم تتعامل يومًا مع الشأن السياسي كغنيمة، بل كمسؤولية أخلاقية ووطنية. ومن هنا، جاء موقفها الأخير الذي خيّر المواطنين في المشاركة أو عدمها، واضعةً القرار بيد الشعب نفسه، في إشارةٍ عميقة إلى احترام إرادته ووعيه.
إنّ هذا التخيير ليس حيادًا، بل هو تربية على الوعي، ورسالةٌ بأن الإصلاح الحقيقي لا يتحقق بالإملاءات، بل بالمبادرة الحرة. فالمواطن الذي يشارك بدافع القناعة، لا الخضوع، هو من يصنع التغيير المستدام. أما الذي ينتظر من يوجّهه أو يأمره، فلن يغادر دائرة التبعية أبدًا.
لقد أرادت المرجعية من خلال هذا الموقف أن تقول:
"لقد آن الأوان أن يتحمّل المواطن مسؤوليته كاملة، فيختار أو يمتنع، لكن عن وعيٍ وبصيرة."
فهي لا تريد أن تُساق الجماهير بالعواطف، ولا أن تُستغل الفتوى لمآرب حزبية، بل تسعى لتثبيت مبدأ الحرية المسؤولة، التي هي جوهر المشاركة السياسية في أي نظامٍ ديمقراطي.
وفي ضوء هذا التخيير، يظهر مدى إيمان المرجعية بقدرة العراقيين على تقرير مصيرهم بأنفسهم، بعيدًا عن ضغط الشعارات والمصالح. إنّه درسٌ في بناء الدولة بالعقل لا بالعاطفة، وبالاختيار لا بالإكراه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat