بَيْنَ اَلْمِهْنِيَّةِ وَالتَّهْوِيلِ- أَيْنَ تَقِفُ اَلدِّبْلُومَاسِيَّةُ؟
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

غصتْ وسائلَ الإعلام، ولا سيما منصاتُ التواصلِ الاجتماعي، بخبرِ احتفاظِ إحدى الموظفاتِ ببعضِ المناشفِ العائدةِ لأحدِ الفنادقِ في دولةِ جارة، بعدُ مغادرتها له، وقيامَ البعثةِ الدبلوماسيةِ بإرسالِ كتابٍ رسميٍ بشأنِ الحادثةِ إلى مرجعها في بغداد، وبتوقيعَ رئيسِ البعثة، المعروفَ عنهُ ، بالنزاهة والأمانة في السلكِ الدبلوماسيِ ، منذُ سقوطِ النظامِ بعدَ العامِ 2003، منْ الذينَ لديهمْ مخافةُ اللهِ في كلِ خطوةٍ يخطونها، ومنْ العوائلِ الدينيةِ المحترمة، علما وتعلما وأدبا وأخلاقا منْ شمالنا الحبيبِ.
منْ حيثُ الإجراء، قدْ يعدْ التصرفُ قانونيا ، منْ منطلقٍ أنَ الواجبَ المهني، يقتضي إعلامُ مركزِ الوزارةِ بما كلّ يحصلُ – كبيرا كانَ أمْ صغيرا - في ميدانِ العملِ إلى الجهاتِ المختصة، خاصةً إنَ كانَ الأمرُ يمسُ سمعةَ العراقِ أوْ مواطنيه، غيرَ أنَ ما يثيرُ التساؤلُ هنا؟ مدى فهمِ صاحبِ القرارِ لمفهومِ وأبعاد التسريب، الذي حصلَ للوثيقةِ الرسميةِ خارجَ الوزارةِ المعنية، في ظلِ وجودِ منْ يتصيدُ بالماءِ العكر، أوْ يتربصُ بأيِ زلةٍ أوْ خطأٍ لاستخدامهِ في الإساءةِ الشخصيةِ أوْ الإسقاطِ السياسيِ للدولةِ وموظفيها.
فالموضوعُ – بكلِ بساطةٍ – لا يستحقُ أنْ يوثقَ في كتابٍ رسمي، ولا أنْ يحولَ إلى قضيةٍ للنقاشِ في الرأيِ العامِ ، كانَ بالإمكانِ حلهُ وديٌا معَ إدارةِ الفندق ، أنَ ثبتتْ صحةَ المدعي عليها بعملها المذكور ، بديلاً عنْ إصدارِ وثيقةٍ رسميةٍ للمرجعِ تصور، وكأنها إنجازٌ كبيرٌ وعظيمٌ تمَ اكتشافه، يهددَ الأمنُ القومي، في ظلِ تسربِ العشراتِ منْ الوثائقِ لوسائلِ الإعلامِ ذاتِ الطابعِ الرسمي، خلافا للسياقاتِ القانونية، تحتَ مسمى (قالتْ العصفورةُ ) .
أما منْ الجانبِ الشرعيِ والديني، فكمٌ منْ الآياتِ القرآنيةِ الكريمة، والأحاديثُ الشريفةُ التي تحثُ على الستر، خاصةً في القضايا التي تمسُ أخواتنا النساء،- وتحديدا- في مثلٍ هذهِ الأمورِ البسيطة، التي لا تستحقُ التشهيرَ أوْ الفضيحة، حتى وإنْ ثبتتْ صحتها بالكامل.
إنَ ما حصلَ يكشفُ قصورَ الإدارةِ في هذا الجانب الأخلاقي؛ فالنزاهة- رغمَ أهميتها- لا تكفي وحدها لقيادةٍ إداريةٍ حكيمة، فالقائدُ الإداريُ الحقيقيُ هوَ منْ يعرفُ متى وأينَ يتخذُ القرارُ المناسب. وحتى إنَ كانَ لا بدَ منْ إرسالِ ذلكَ الكتابِ " المشؤومِ "، لكانَ الأولى أنْ يرسلَ عبرَ الجفرة (القناةُ الآمنةُ المعتمدةُ في البعثاتِ الدبلوماسيةِ ) ، وليسَ ضمنَ المخاطباتِ الرسميةِ المعتادة، حمايةٌ منْ أعينِ المتربصينَ بالدولةِ وموظفيها.
وختاما؛
نستذكرُ قولُ اللهِ تعالى: " أنْ الذينَ يحبونَ أنْ تشيعَ الفاحشةُ في الذينَ آمنوا لهمْ عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة، واللهُ يعلمُ وأنتمْ لا تعلمونَ ". صدقَ اللهُ العظيم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat