صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

التصوير الفني في القرآن (ح 2) (واشتعل الرأس شيبا)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عن تفسير الميسر: قوله تعالى "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" ﴿مريم 4﴾ إِنِّي: إِنِّ حرف نصب، ى ضمير، وهن فعل، الْعَظْمُ: الْ اداة تعريف، عَظْمُ اسم. وَاشْتَعَلَ: وَ حرف عطف، اشْتَعَلَ فعل. الرَّأْسُ: ال اداة تعريف، رَّأْسُ اسم. شيبا اسم، وَلَمْ: وَ حرف عطف، لَمْ حرف نفي. أكن فعل، بِدُعَائِكَ: بِ حرف جر، دُعَاءِ اسم، كَ ضمير. شقيا اسم. وَهن: ضعف ورقّ. وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي: رق وضعف لكبر سني. شَقِيًّا: لم تخيب دعائي. قال: رب إني كَبِرْتُ، وضعف عظمي، وانتشر الشيب في رأسي، ولم أكن من قبل محرومًا من إجابة الدعاء.

جاء في الموسوعة الحرة عن كتاب التصوير الفني في القرآن كتاب لسيد قطب من أوائل كتبه الإسلامية: نبذة عن الكتاب: يبدأ الكتاب بالكلام على (سحر القرآن) وكيف أنه كان العامل الحاسم، أو أحد العوامل الحاسمة في إيمان من آمنوا في أول أيام الدعوة، ويروي قصة إيمان عمر أو قصصه، وقصة تولي الوليد بن المغيرة، ثم يورد ما حكاه القرآن عن قول بعض الكفار وتأثيره في نفوس بعض الذين أوتوا العلم من قبله. ثم ينتقل إلى (منبع السحر في القرآن) وهو فصل آخر، ويرى أن السحر كامن في صميم النسق القرآني ذاته، وذلك من غير إغفال لقيمة الموضوعات على اختلافها، ولما في العقيدة الإسلامية من روحانية وما في بساطتها من جاذبية، ولهذا يتناول السور القصار القلائل التي لا تشريع فيها ولا غيب ولا علم، والتي لا تجمع بطبيعة الحال كل المزايا المتفرقة في القرآن. ثم يعقد فصلًا على القرآن كيف فهم؟ ويمدح الزمخشري والجرجاني ويسوق مثلًا من توفيقات الجرجاني يعقِّب عليه ويبين أن الجمال في قوله: "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" (مريم 4) إنما هو في هذه الحركة التخييلية السريعة التي يصورها التعبير حركة الاشتعال التي تتناول الرأس في لحظة. ثم ينتقل إلى سلسلة في فصول مطولة عن التصوير الفني والتناسق فيه، والقصة في القرآن وأغراضها وآثار خضوعها للغرض الديني، والدين والفن في القصة، والخصائص الفنية للقصة، والتصوير فيها، ورسم الشخصيات، ثم يورد طائفة من النماذج الإنسانية في القرآن، ثم يتكلم على طريقة القرآن، ويعود إلى إنصاف الجرجاني.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" ﴿مريم 4﴾ وقوله: "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" الاشتعال انتشار شواظ النار ولهيبها في الشيء المحترق قال في المجمع،: وقوله: "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" ﴿مريم 4﴾ من أحسن الاستعارات والمعنى اشتعل الشيب في الرأس وانتشر، كما ينتشر شعاع النار، وكان المراد بالشعاع الشواظ واللهيب. وجاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: وقوله: "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" ﴿مريم 4﴾ إِن تشبيه آثار الكبر بالشعلة التي عمت كل الرأس تشبيه جميل، لأنّ خاصية شعلة النّار أنّها تتسع بسرعة، وتلتهم كل ما يحيط بها. ومن جهة ثانية فإِنّ شعلة النّار لها بريق وضياء يجلب الإِنتباه من بعيد. ومن ناحية ثالثة، فإِنّ النّار إِذا اشتعلت في محل له، فإِنّ الشيء الذي يبقي منه هو الرماد فقط. لقد شبه زكريا نزول الكبر، وبياض كل شعر رأسه باشتعال النّار، والرماد الأبيض الذي تتركه، وهذا التشبيه جميل وبليغ جداً.

عن موقع مكتبة الروضة الحيدرية: بنائية الصورة القرآنية للكاتب عمار عبدالأمير راضي السلامي: فالقرآن الكريم كتاب الله الناطق بالحق، ومعجزته الخالدة، أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم اثباتاً لنبوته، ودليلاً على صدقه، ودستوراً يهدي به أمته، معجزة خالدة باقية ما بقيت السماوات والأرض، كتاباً يعجز كل من حاول أن يأتي بنظيره، لا بعشر سور مفتريات، بل بسورة واحدة من مثله. وكان من أبرز صور إعجازه بلاغته التي أعجزت فصحاء العرب وشعراءهم، واسلوبه الذي سحر ببيانه قلوبهم، على الرغم من نزوله باللغة التي بها يتكلمون وعن طريقها يتفاخرون. ولعل من أوضح صور اعجازه البلاغي الصورة الفنية فيه، تلك التي أشار اليها السابقون إشارات على حسب أسس الدرس الذي عقدوه، ووقف عندها المحدثون وقفات مختلفة خلصت نظرية مستقلة في التصوير الفني في القرآن، على يد سيد قطب في منتصف القرن العشرين، في واحد من أبرز كتبه، ألا وهو كتاب (التصوير الفني في القرآن)، ذلك الكتاب الذي قرأته في أيام شبابي الأولى، وأعدْتُّ قراءته غير مرَّة، متأثراً باسلوبه ومضامينه أيَّما تأثر. فكانت الدراسة الأدبية والفنية للقرآن الكريم تستهويني، وأحِنُّ اليها بين الحين والآخر، مع ان دراستي قبل التحاقي بقسم اللغة العربية في الدراسات المسائية كانت في الهندسة المدنية. إلا ان حُبّي لكتاب الله العزيز، وأملي في اللحاق بركب من نالوا الحظوة والمثوبة لتَفكّرهم بآيات الله وكلامه، وتأثري القديم الجديد بكتاب سيد قطب في التصوير، جعلني اكمل دراستي الاولية والماجستير في اللغة العربية وآدابها، وأُقبل في الدكتوراه بعد ذلك. فأصبح الحُلم قريب المنال، فعزمت أن أختار بحثاً في القرآن الكريم، كما كان أملي من قبل.

وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" ﴿مريم 4﴾ معناه: أن الشيب قد عم الرأس وهو نذير الموت عن أبي مسلم وقيل معناه تلألأ الشيب في رأسي لكثرته عن ابن الأنباري وصف حاله خضوعا وتذللا لا تعريفا. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" (مريم 4) "قال رب إني وهن" ضعف "العظم" جميعه "مني واشتعل الرأس" مني "شيبا" تمييز محوَّل عن الفاعل أي: انتشر الشيب في شعره كما ينتشر شعاع النار في الحطب وإني أريد أن أدعوك، "ولم أكن بدعائك" أي: بدعائي إياك "ربّ شقيا" أي: خائبا فيما مضى فلا تخيبني فيما يأتي.

جاء في معاني القرآن الكريم: شعل الشعل: التهاب النار، يقال: شعلة من النار، وقد أشعلتها، وأجاز أبو زيد: شعلتها (انظر: النوادر لأبي زيد ص 161)، والشعيلة: الفتيلة إذا كانت مشتعلة، وقيل: بياض يشتعل، قال تعالى: "واشتعل الرأس شيبا" (مريم 4)، تشبيها بالاشتعال من حيث اللون، واشتعل فلان غضبا تشبيها به من حيث الحركة، ومنه: أشعلت الخيل في الغارة، نحو: أوقدتها، وهيجتها، أضرمتها.

عن كتاب تلخيص التمهيد للمؤلف محمد هادي معرفة: أنّه عدل عن المجاز إلى الاستعارة في قوله"وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً" وهي من محاسن المجاز، ومن مثمرات البلاغة، وبلاغتها قد ظهرت من جهات ثلاث: الجهة الأولى: إسناد الاشتعال إلى الرأس لإفادة شمول الاشتعال بجميع الرأس، بخلاف ما لو قال: اشتعل شيب رأسي، فإنّه لا يؤدّي هذا المعنى بحال، فـ (اشتعل رأسي) وزان اشتعلت النار في بيتي، و "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً" (مريم 4) وزان: اشتعل بيتي ناراً. الجهة الثانية: الإجمال والتفصيل في نصب التمييز، فإنّك إذا نصبت"شيباً" كان المعنى مخالفاً لما إذا رفعته، فقلت: اشتعل شيب رأسي، لما في النصب من المبالغة دون غيره. الجهة الثالثة: تنكير قوله "شيباً" لإفادة المبالغة، ثم إنّه ترك لفظ "منّي" في قوله "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً" (مريم 4) اتّكالاً على قوله "وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي" (مريم 4) ثم إنّه أتى به في الأَوّل، بياناً للحال وإرادةً للاختصاص بحاله في إضافته إلى نفسه، ثُمّ عطف الجملة الثانية على الجملة الأُولى بلفظ الماضي، لِما بينهما من التقارب والملاءمة.

وردت كلمة رأس ومشتقاتها في القرآن الكريم: رُءُوسَكُمْ رَأْسِهِ رُءُوسُ بِرُءُوسِكُمْ بِرَأْسِ رَأْسِي رُءُوسِهِمْ الرَّأْسُ بِرَأْسِي. جاء في معاني القرآن الكريم: رأس الرأس معروف، وجمعه رؤوس، قال: "واشتعل الرأس شيبا" (مريم 4)، "ولا تحلقوا رؤوسكم" (البقرة 196)، ويعبر بالرأس عن الرئيس، والأرأس: العظيم الرأس، وشاة رأساء: اسود رأسها. ورياس السيف: مقبضة.

قول الشاعر: و بعد انتهاض الشّيب من كل جانب‌ * على لمّتي حتى اشعألّ بهيمها. يريد (اشعالّ) من قوله تعالى: "وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً" (مريم 4). جاء في كتاب المستشرقون والدراسات القرآنية لمؤلفه الدكتور محمد حسين علي الصغير عن التركيب الجملي في التعبير القرآني: وفي قوله تعالى "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً" (مريم 4) يقف المترجم حائرا ازاء الاستعارة في هذا الجزء من الآية، واستفادة المعنى المراد منها في استنباط القدر الجامع بين المستعار منه والمستعار له، وفي التماس الشبه الحسي بينهما، مما يجعل الترجمة غير قادرة على كشف هذه المميزات وسبر أغوارها. وما يقال هنا يقال بالنسبة للاستعارة التخييلية في قوله تعالى "وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة " (الاسراء 24).

وردت كلمة شيب ومشتقاتها في القرآن الكريم: شَيْبًا، وَشَيْبَةً. جاء في معاني القرآن الكريم: شيب الشيب والمشيب: بياض الشعر. قال تعالى: "واشتعل الرأس شيبا" (مريم 4)، وباتت المرأة بليلة شيباء: إذا افتضت، وبليلة حرة (وباتت المرأة بليلة شيباء؛ لأن ماء الرجل خالط ماء المرأة. انظر: اللسان (شيب)، وعمدة الحفاظ: شيب): إذا لم تفتض.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/19



كتابة تعليق لموضوع : التصوير الفني في القرآن (ح 2) (واشتعل الرأس شيبا)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net