لقّب نفسه بـ "والي بغداد"، لكن البغداديين أطلقوا عليه لقباً أدقّ وأبقى: "حرامي بغداد"، وهو أول لقب من نوعه في تاريخ المدينة الحديث.
منذ الأيام الأولى لتسلمه المنصب، امتهن طلفاح الاستحواذ على البساتين والأراضي الزراعية والمزارع الخاصة والعامة، إضافة إلى العقارات التجارية والسكنية، وحتى القروض الزراعية والتجارية والصناعية، فكان يحوّلها إلى منح أو يقوم بإطفائها ثم يُعيد الكرّة بأسلوبٍ مماثل.
كان إذا أعجبه بستان أو أرض أو عقار مميز على ضفاف نهر أو شارع رئيسي أو في حي فاخر، سعى لشرائه ونقل ملكيته بالقوة. وإن رفض صاحبه، كان الابتزاز وسيلة الإقناع: السجن حتى تتم الصفقة!
تلك كانت أول وأقبح مظاهر الفساد السياسي في الدولة الحديثة، واستغلالاً فاضحاً لصِلة القُربى بالرئيس، تماماً كما نشهده اليوم في العلاقة بين بعض المحافظين ورؤساء الكتل السياسية.
لم يشهد العراق مثل هذا النهب لا في العهد الملكي، ولا في الجمهوريتين القاسمية أو العارفية، بل ظهر في عهد البعث الساقط وحده.
واليوم، تتكرر الظاهرة ذاتها بأشكال جديدة، إذ تسيدت شخصيات إدارية وسلطوية تمتهن الاستحواذ على الأراضي الفاخرة والمساحات الخضراء في المحافظات، متذرعةً بقوانين وتعليمات مجحفة لا تحقق العدالة الاجتماعية.
لقد تضخمت ظاهرة خير الله طلفاح وتفرعنت بعد سقوط البعث، وأصبح لكل حزب أو عائلة سياسية نموذجها الخاص من "طلفاحها" الذي يسرق المال العام، ويحتكر المناصب، ويُطلق يد عائلته في السطو على موارد الدولة، حتى يتحول إلى ملياردير في غضون أربع سنوات من تولّيه المنصب.
إنها ظاهرة شاذة متجذّرة في مؤسسات الدولة العراقية، تُطلّ علينا كل يوم بفضيحة جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.


التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!