مصير الأغلبية بين ثنائية الدونية والشعارات والبرامج الطوباوية : نحو استراتيجية وطنية مستنيرة
رياض سعد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض سعد

إن تقبيل أيدي القوى الاستكبارية، والتذلل للدول الكبرى، والارتماء في الأحضان الخارجية، لا يُجدي نفعًا حتى لو طال الزمن؛ ما دامت القاعدة الجماهيرية غائبة، والبيئة الاجتماعية الداعمة مفقودة... ؛ فالشروط الأساسية لنجاح أي حركة سياسية، خاصة تلك التي تدعي تمثيل الأغلبية العراقية، تكمن في تطهير كياناتها من عقد الدونية والانسلاخ عن الهوية الجمعية وجلد الذات والانانية والنرجسية والتعالي الفارغ والحقد على الجماهير والتعامل معهم بمنتهى الإجحاف والحقارة ... ؛ والتخلص من "سقط المتاع" وحثالات المجتمع الذين يلوثون مسارها ويشوهون سمعتها ... ؛ أما من يعلق آماله على الدعم الخارجي وحده، أو يراهن على بقائه عبر تحالفه مع الشخصيات والعوائل والكيانات المتكلسة والمتخشبة ، أو يستند إلى ضجيج "اليوتيوبرية و الفاشينيستات والبلوكرات " ومشاهير التواصل الاجتماعي والإعلام المُبتذل، فمصيره محتوم: هزيمة ساحقة، وفشلٌ لا يُغتفر.
ولإصلاح المسار السياسي، وتصحيح السيرة الفاسدة، وترسيخ التجربة الديمقراطية الهشة، لا بد للزعيم الوطني الغيور أن يعيد صياغة استراتيجيته من جذورها... ؛ وهذا يتطلب تقريب الكفاءات والنخب العراقية المتنوعة في التوجهات والمشارب من المحسوبين على الاغلبية العراقية ، واستشارتهم بجدية، والاستماع إلى صوت الجماهير التي تئن تحت وطأة الإهمال والمشاكل والازمات ... ؛ فالحل يبدأ بإعادة الاعتبار للقواعد الشعبية عبر تلبية مطالبها المشروعة، والنهوض بالواقع الخدمي والصحي والتربوي في المناطق المهمَّشة والمغبونة، وتعزيز الوعي الجمعي الشيعي عبر خطابٍ تثقيفيٍ مُلهم... ؛ فالديمقراطية ليست صناديق اقتراع فحسب، بل هي عقدٌ اجتماعيٌ يربط القائد والزعيم والسياسي والمسؤول بأبناء شعبه ومدينته وطائفته وبني قومه .
ومن البديهيات السياسية التي غُيّبت عن المشهد العراقي : أن السياسي الحقيقي هو مرآةُ منطقته وضميرُ أبنائها... ؛ فليس مقبولاً أن يتولى زعيمٌ تمثيلَ مدينة البصرة، ثم ينشغل بمطالب دهوك أو كركوك، أو يُحوِّل اهتمامه إلى قضايا خارجية بينما تُهمل حقوق من انتخبوه... ؛ والأعجب أن يُنتخب مسؤولٌ شيعيٌ عربيٌ، فيُداري ظهره لقواعده الشعبية، وينصرف للدفاع عن حقوق الآخرين تحت شعارات وطنية او قومية او اسلامية فضفاضة!
بحيث يتكلم عن غزة اكثر من حديثه عن مدينته المنكوبة التي انتخبته ... ؛ إنها مهزلةٌ تاريخيةٌ أن تُختزل الهوية الجمعية لجماعةٍ ما في خطابٍ انتهازيٍ يُلبس المصالحَ الشخصية ثوبَ الوطنية والقومية والدين ...!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat