صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

حلم البوليتكنك يتحول لواقع باستحداث الكليات ( الجامعة التقنية الوسطى نموذجا )
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البوليتكنك Polytechnic ، مؤسسة تعليم عالٍ متخصصة في تقديم برامج التعليم والتدريب التقني في مجالات متنوعة ، مثل الهندسة والتكنولوجيا والعلوم والفنون التطبيقية وغيرها ، و تتميز برامجها بالتأكيد على الجانبين العملي والتطبيقي أكثر من البرامج الأكاديمية التقليدية التي تقدمها الجامعات ،  وقد صممت هذه البرامج لتزويد الطلبة بالمعارف والمهارات والخبرات العملية اللازمة لدخول سوق العمل مباشرةً أو مواصلة دراساتهم العليا ، فهي تركز على التعليم التطبيقي والعملي في مجالات تخصصها  بهدف تأهيل الطلاب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل مباشرة أو للابتكار ، والبوليتكنك نمط من أنماط التعليم العالي ويرتبط به التعليم المهني والتقني ، وقد تم العمل به وإدخاله إلى حيز التطبيق في بلدان عديدة لتوفير الكوادر اللازمة لمختلف القطاعات والأعمال ، وتطبيقه في العراق بقي  أمنية حبيسة المتطلبات والحاجة والإمكانيات ، وكان المفروض ولوجه من قبل التعليم العالي نظرا لما نمتلكه من تجربة غنية في التعليم المهني وانجازات كبيرة في التعليم التقني ، ولا نخفي أن نقول بان قرار استحداث الجامعات التقنية الذي أصدره مجلس الوزراء بقراره 250 لسنة 2014 قد تضمن أولا استحداث أربعة جامعات بوليتكنك ولكنه تحول في جلسة أخرى للمجلس من نفس العام إلى أربع جامعات تقنية ( الوسطى ، الفرات الأوسط ، الجنوبية ، الشمالية ) ، ومن الناحية العملية فإن التحول للبوليتكنك بقي مجرد امنية و حلم لم يحققه العراق منذ تأسيس التعليم التقني عام 1969 .

وقد تحقق هذا الحلم اليوم ليدخل البوليتكنك    إلى حيز التطبيق ، و تم ذلك عندما أعلن معالي وزير التعليم العالي بتاريخ 18 آب  2025 عن قرار الوزارة الاستراتيجي  للمباشرة بالبوليتكنك في الجامعات التقنية ( الوسطى ، الفرات الأوسط ، الجنوبية ، الشمالية ) لفتح آفاق جديدة للتعليم التطبيقي ولصنع بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال ، واقترن القرار بموعد  واجب المباشرة والشروع  بدءا من العام الدراسي 2025 / 2026 ، وعن هذا الموضوع قال الأستاذ الدكتور وضاح عامر حاتم التميمي رئيس الجامعة التقنية الوسطى  ، إن القرار  تضمن تخصصات منتقاة ضمن تشكيلات الجامعات وفي الجامعة التقنية الوسطى شمل :

تحويل معهد التكنولوجيا – بغداد إلى كلية  البوليتكنك للتخصصات الهندسية – بغداد  وتضم الأقسام تقنيات هندسة ( التصنيع المبرمج ، الالكترونيات والذكاء الصناعي ، الصناعات الكيماوية والنفطية ) .

تحويل معهد الفنون التطبيقية – بغداد إلى كلية  البوليتكنك للفنون التطبيقية – بغداد وتضم الأقسام تقنيات ( التصميم الداخلي ، الصياغة والمجوهرات ، الخزف ) .

تحويل معهد الإدارة التقني – بغداد إلى كلية البوليتكنك - بغداد وتضم الأقسام تقنيات ( الإدارة القانونية ، المحاسبة ) .

وأضاف قائلا : إن تحديد هذه التخصصات واستحداثها  في جامعتنا والجامعات التقنية الأخرى تم بضوء دراسات معمقة تولتها لجان تخصصية شكلتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبإشراف مباشر من لدن معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي  الأستاذ الدكتور نعيم العبودي ، وان دراسات تلك اللجان وما ارتبط بها من لجان فرعية وفرق عمل تشكلت في الجامعات تضمنت مسح الاحتياجات الوطنية من البوليتكنك بالتنسيق مع الجهات المعنية في قطاعات الدولة والمجتمع  ودراسة واقع الإمكانيات واللوجستية والموارد البشرية اللازمة للاضطلاع بمهام الكليات والأقسام والتخصصات ، وقد خضعت توصياتها إلى المناقشة والمراجعة  قبل اتخاذ القرار ، وعن ألأهمية والأبعاد الاستراتيجية لهذا القرار  قال : إن ذلك تم تحديده في بيان الإعلان عند  إطلاق هذا النمط من التعليم ويشمل ذلك ،  ترسيخ التنوع في أنماط التعليم العالي و ربط الجامعات التقنية بمراكز الصناعة والإنتاج وتعزيز القدرات التقنية التي يحتاجها البلد لتنفيذ خطة التنمية الصناعية ، و تحقيق التكامل بين التعليم الأكاديمي والتعليم التطبيقي ، و توفير بيئة دراسية جاذبة تستوعب التطورات التكنولوجية ورفد سوق العمل بالكفاءات التقنية المتخصصة القادرة على تلبية المتطلبات المتنوعة ، فضلا عن  فتح آفاق جديدة للابتكار وريادة  الأعمال أمام الطلبة ، وهذه الإبعاد ستكون لها انعكاسات ايجابية على الجامعة وعلى هيئة العاملين فيها  وعلى الطالب . 

ومن خلال متابعة التنفيذ فقد اتخذت الجامعات التقنية الأربع الاستعدادات اللازمة بالاستحداث من حيث الموقع والقاعات والمناهج والموارد البشرية اللازمة من التدريسيين والمدربين والمساندين بمختلف الاختصاصات ، وقد تم إدراج هذه الكليات ضمن دليل القبول المركزي للعام الدراسي 2025 / 2026 ، وسيكون بإمكان خريجي الدراسة الإعدادية وضع البوليتكنك ضمن اختياراتهم ليكون نواة لهذا النمط من التعليم ، وبذلك تفتح آفاق جديدة لفئة الشباب لاختيار مستقبلهم العلمي والمهاري ، فالتعليمات تنص على قبول الطلبة وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لممارسة تخصصهم في أسواق العمل وحسب التخصصات ، ويحق للطالب إنهاء دراسته بعد سنتين من انتسابه إلى كلية البوليتكنك والحصول على شهادة الدبلوم بعد اجتيازه المتطلبات ، كما يحق للطالب الدراسة أربع سنوات واجتياز المتطلبات والحصول على شهادة البكالوريوس ، وهذا الاختيار سيزيل كثيرا من الصعوبات والأعباء التي كانت تواجه الطلبة وعوائلهم  في الاختيارات فالحق أصبح له في الاختيار ، ويعني ذلك توسيع إمكانياته التطبيقية والعلمية و الحصول على البكالوريوس  ، ففي التعليم التقني يتم الحصول على الدبلوم التقني  وإعطاء الحق لنسبة محددة ( 20% من الأوائل ) في ولوج البكالوريوس ، والبعض منهم كانوا يتخرجون من المعاهد ثم يبدؤون من الصف الأول او يطالبوهم بمقاصة في دروس  في البكالوريوس ، والبوليكنك يمنح الحق لنسبة اكبر ( 50% حاليا )  في الاستمرار ، والبعض يسال هل إن الموضوع سيقف عن حد الكليات التي تم افتتاحها أم سيتوسع الموضوع فيما بعد ، والمؤكد بان للوزارة والجامعات  خطط للتوسع والشمول تزامنا مع توافر الاحتياجات والإمكانيات وبما يحافظ المقاسات المطلوبة بهذا الخصوص ، فعدد خريجي الدراسة الإعدادية بحالة ازدياد بتوسع عدد السكان عاما بعد عام كما إن حاجات المجتمع بتغير مستمر بما يتوافق مع تطبيقات العلوم والتقنيات بمختلف المجالات ، والاهم من هذا إن البلد بحاجة إلى تصحيح هيكل المتخرجين من أنماط التعليم ، فالواقع الحالي يؤشر ارتفاع نسبة الأكاديميين على التقنيين بشكل لا يناسب حاجة التنمية في البلاد ، وإدخال البوليتكنك وما سيشهده من إقبال سيغير من هيكل القوى العاملة بما يناسب الاحتياج .

إن استحداث دراسات البوليتكنك بعد طول انتظار امتد لسنوات او عقود  ، ليس حدثا طارئا في العراق وإنما له الكثير من الأبعاد الايجابية  فهو يعطي البرهان على  ما يتحقق من تطور ونمو في قطاع التعليم العالي ، الذي يثبت نمو جدارته من خلال تنوع فعالياته وما يحتله اليوم في التصنيفات الدولية للجامعات وما يشهده من تطبيق أهدافه في الاستجابة لحاجة المجتمع  ، ويحق لنا الفخر بقرار إنشاء هذه الكليات  الذي اقل ما يمكن وصفه بأنه شجاع ، فمنها يتحقق التعدد والتنوع في أنماط التعليم العالي ويفتح أبواب المنافسة المشروعة ويتيح الإمكانية للتعليم في تلبية  احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية لتحقيق الاكتفاء المحلي من الملاكات المؤهلة وطنيا وعلميا ومهنيا لخدمة البلاد ، وان القضية لا تتعلق باستحداث هذا النمط من التعليم فحسب ، وإنما بما يشير إليه من القدرة التي بات يمتلكها التعليم العالي في الحداثة والتكيف مع التطور العالي قياسا بما مر به في سابق السنوات ، وذلك يحدث ليس من خلال تنامي القدرات المادية ( المحدودة ) وإنما بتنامي الإمكانيات الإبداعية التي باتت تمتلكها مؤسساتنا الجامعية ، وهي مخرجات الإحساس الوطني العالي والتعبير عن الرغبة في التطور والنمو ، فتحية تقدير وإعجاب بمكونات هذا القطاع قيادة ومنتسبين بكل العناوين والتخصصات والمستويات لما يقدموه من عطاء ،  والى المزيد الذي يثلج صدور العراقيين بتوفيق من الله .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/08



كتابة تعليق لموضوع : حلم البوليتكنك يتحول لواقع باستحداث الكليات ( الجامعة التقنية الوسطى نموذجا )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net