عندما يكون الحوار مع التمكن الشعري لم يعد السؤال هو القائد فالجواب الذي ينعم بالتكامل يتجاوز حدود كل سؤال ، واللقاء بالشاعر معن غالب سباح يستطيع ان يدرك مغزاه كل شاعر ومختص ، طلبنا منه مقدمة تعريفية فكانت قطعة فنية فيها الكثير من التواضع وهذا شأن المبدعين
معن غالب سباح
نصف شاعر وربع إعلامي أي ثلاثة أرباع انسان
تولد الشامية ١٩٦٢
عضو المجلس المركزي لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق
أصدرت مجموعتين شعريتين هما :
لحن انتصار الياسمين ٢٠١٣
النصير الثالث والسبعون ٢٠١٨
ولدي مجموعة قيد الإصدار بعنوان (عن الشط وأهله) وهي نصوص أدبية عن الشامية العظيمة وأهلها الشرفاء
مشارك في أغلب المهرجانات الشعرية والأدبية العراقية و مقدم لجلسات افتتاحها أو ختامها
نلت العديد من الجوائز و كتب الشكر عبر مسيرتي الأدبية
أعيش الهم الثقافي سبيل محبة وأحاول أن اهطل على وطني غيث أمان ،)
واما محور سؤالنا الأول كان عن كيفية قراءة النص الادبي نقديا ؟ والا تؤثر الخطابات المنهجية على روحية المنجز؟وعن معنى التجانس النصي والالتباس الحاصل بين مفهوم التناص وعلاقته بالاخذ والاقتباس ومن ثم ما الذي يجمع مفهومي الحداثة والتأصيل؟
&&&
:ـ الشاعر المبدع معن غالب سباح :ـ في البدء أعترف لقارئي العزيز اني لا أجيد الحديث في النقد بمستوى يرضي المشتغلين به لكني سأجيب بقدر ثقافتي
المتواضعة في هذا المضمار فأقول
أ-)
شخصيا حينما أتصدى لكتابة نص ما أحاول أن أخرج من جميع ما يحدد النص من محددات النقد المنهجية وأحاول أن أرسم شكله العام كما ولد في ذائقتي على أن ذلك لا يعني اني أجرح معتقداتي و خطوط ما امنت به في حياتي من مفاهيم دينية وخلقية و منطقية و شاهدي في ذلك نصي الذي أعتز به (رب عراقي)
.
ب-) المتلقي في نصوصي مشارك كبير في أكثر النصوص ولهذا يشرفني جدا ان يفهمها بسيط الثقافة و يتأثر بها من عاش الشعر الشعبي باللغة المحكية عندما يسألني ذلك المتلقي ما جديدك ؟
فضلا عن اني أؤمن بالجدول فكيف اعزل المتلقي عن هدف أنا اريد تحقيقه، أذن المتلقي عندي مهم جدا
*** .
ج- ) التناص برأيي هو احدى مشاكل الشعر و الشعراء فمنهم من أوقع حافره على حافر غيره و منهم من جاء بالفكرة نفسها في لباس لغوي جديد و بالتالي لابد للشاعر ان يبتعد عن هذا النمط الشعري قدر إمكانه لأن الأصل اذا كان مشرقا فلن تأتي الصورة المستنسخة بمستواه مهما جملها صاحبها
*** .
د) - لا بد لكل شيء من تحديث لكي يتماشى مع حداثة اي عصر يعيشه المنجز الإبداعي على أن الأمر لا يعني حرية سائلة فهناك خطوط إنسانية و عقائدية ومنطقية لابد للمحدث ان يمر من خلالها ويسير في شوارعها .
&&
السؤال الثاني / طانت محاور سؤالنا عن قداسة كربلاء كمؤثر شعوري وجداني/ وكربلاء الهوية بمعناها الجغرافي أم بانفتاح طقوسيتها التي اجتازت المسميات وتشظى السؤال الى التعامل الادبي مع التأريخ بين المصائبية وجوهر الانتماء ؟ اليقين الفكري في كربلائية النص بين التأريخ والواقع مقاربة جمالية أي بمعنى كيف ستقرأ كربلاء بين 61 هـ وبين الا، ومن ثم الوعي بالتاريخ وتشكيل الواقعة
&&&
الشاعر معن غالب سباح:ـ
أ-) كربلاء جغرافيا في مخيلتي المتواضعة تمثل اختيار السماء لأشرف منازلة بين الحق والباطل ولهذا مر بها الأنبياء عبر التاريخ وتوقفوا عندها ووضعوا مثاباتهم عندها لكنها اخذت بعدا آخر بعد هذه المنازلة إذ أنها احتضنت الدماء الشريفة و الأجساد الطاهرة وبدأت طقوس المنتمين و المحبين لمن شرفها تنمو نموا يليق بها و بسيدها العظيم سيد الشهداء عليه السلام
.
ب)- ومن يومها العظيم بدأت حقبة جديدة من الأدب والشعر لأن سيد الثورة العظيمة عندما اصطحب أهله معه كان يعلم أن ثورة اللسان ستبدأ فور انتهاء ثورة الدماء وأن مسير السبايا سينتج عنه فن ادبي ثائر بدأته فاطمة الصغرى في خطبتها في الكوفة و توجته الحوراء زينب عليها السلام في موقفها في ديوان يزيد بن معاوية ليتوجها الإمام زين العابدين ع في خطبته العصماء التي فضحت القتلة. وهذه الخطب كانت تحمل من الفنية العالية الشيء الكثير والذي أثار فريحة الشعراء و الادباء ليقولوا قولتهم و ينتظموا ضمن ثورة اللسان الى ان يرث الله الأرض ومن عليها
** .
ج-) النص الكربلائي بدأ متفجعا على عظيم الكرب الذي حل بأهل بيت النبوة وتكاد ان تستشعر حزن ودموع الادباء الذين وثقوا هذه الثورة ليتطور المنظور الجمالي لأدب الثورة الى مستوى أن الكلمة في هذا الميدان تحمل مقتل صاحبها لكن أدباء الثورة لم يتوانوا عن جلد الظالمين بسياط الانتماء العظيم ليقول شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي:
مازلت أحمل خشبتي ستين عاما ولم أجد من يصلبني عليها .
ويرتقى أدباء العصر الحديث في قراءتهم و أدبهم الى تساؤلات عظيمة جاءت خلال القصائد و أنواع الفنون الأدبية التي انتمت الى الثورة الحسينية.
&&&
محاور السؤال الثالث كانت حول الحسين عليه السلام الرمز المقدس سيرة ذاتية أم مضمون نهضوي فتشظى السؤال الى استنهاض الحدس بين استباقية الرؤى والبصيرة الشعرية ؟ وأين انا الشاعر في النص الحسيني بين المبائرة والايجاء الإيجابي وعن المهرجانات الشعرية وودعي الآني / وعن الاعلام والادب في مسيرة الادب النهضوي والفكري / ومن ثم عن اعلام العتبات المقدسة والنهج الإبداعي بين مهرجانات الشعر والمسرح والمؤتمرات الفكرية والثقافية وتطور سبل التواصل
&&&
الشاعر معن غالب سباح :ـ
أ-) يمثل الحسين عليه السلام رمزا مقدسا تبلور عن سيرة ذاتية ليتحول الى مضمون نهضوي وفكري لكل الرفض العالمي إذ أنه كان مشروعا عابرا للدين والوطن والقومية بل وإنه أصبح رمزا ثوريا حتى لمن لا يؤمن بالدين لكنه سبله الإنسانية في رفض كل مرفوض لابد أن تمر بالحسين بوصفه مثابة عظيمة للرفض لأنه صاحب أعظم لا في التاريخ ومن هذه المقدمة المتواضعة نخلص الى أن الحسين أصبح عاملا مساعدا في الارتقاء بالنص الأدبي شعريا كان أو نثريا حتى إن لم يكن ذلك النص حسينيا صرفا وهذا كله يدفع الشاعر كي يتصدى لنص حسيني ان يتسلح ببصيرة شعرية ثاقبة واعية لما حدث و ما يحدث بعد قيام تلك الثورة العظيمة
*** .
ب-) أنا في نصي الحسيني بفضل الله وبفضل شفيعي سيد الشهداء عليه السلام و ما أزعم من صدق انتمائي له اسيح في شوارع ثورته وأقف مناصرا ملبيا دعوته وإن كان سيفي معه لساني الذي أوقفته لنصرته بل وأسميت مجموعتي الشعرية الثانية ( النصير الثالث والسبعون ) لأن الرواية تقول أن عدد أنصاره إثنان و سبعون نصيرا فاقترحتني ومن يشاكلني و يشبهني في الولاء أن أكون نصيره الثالث والسبعين و سيرى القاريء أني خلال قصيدتي المسمى باسمها الديوان أني دخلت المعركة وقاتلت مع سيدي نصيرا له باذلا أشلائي التي صارت درعا له فأقول :
وأراهُ
واقفاُ تحت العمامة
رجلاً لولا دماهُ
لاستباحَ الظلمُ
هذي الأرض مغرورا
فما عادت لتلقي
أيّ بالٍ للكرامة
يُكرمُ الجيش بنيناً
كطيورٍ حلقتْ فوق الجنان
يهبُ الدينَ قرابينَ محمد
زغبُ الروحِ على أجسادها
وهنا جُنَّ جنوني
فعصرتُ العمر عصراً
وتقدمتُ الى حتفيَ
مسروراً سعيداً
وأنا أبصرُ أشلائيَ صارت
خير درعٍ لحسيني
وعيالُ الله تدعو لي
بصمتٍ و دموعٍ
***
ج-) المباشرة مهما بلغ سبكها و نظمها فإنها تبتعد بالنص الأدبي عن ضوء الشاعرية إلا عند السرد الحكائي للواقعة وهنا لابد للشاعر أن يركب قارب الشعر حين يتوقف قارب الحكاية والرواية وهذا الشيء سيفتح مغاليق الأشياء و يجيب عن التساؤلات العظيمة التي لن يجد المتلمس لها جوابا إلا عندما يطلق الشاعر حمامات الخيال في الأذهان و بهذا يتحقق الإيحاء الإيجابي من خلال النص الشعري
*** .
د- )المهرجانات الشعرية حققت مكاسبا كثيرة في إيصال ما أراده الشاعر من أفكار و تساؤلات بشكل فني والقاريء اللبيب على دراية عظيمة أن الأفكار والروايات تحمل من الجفاف الشيء الكثير ولهذا تحتاج إلى طرائف الحكم والجميل من القول لتجعل لب القاريء منقادا الى الولوج في عوالمها واستنتاج المفاهيم الجديدة لثورة حدثت في العام الواحد والستين للهجرة إلا أنها ظلت تجدد نفسها في كل عام مصداقا القول:
كلما مر زمانٌ ذكرهُ يتجددُ
***
هـ)- يظل الاعلام هو الناشر المهم للأفكار والنصوص فما جدوى ان يكتب المبدع نصه الإبداعي دون أن يجد طريقه للقراءة والتلقي ولهذا فإن إعلام العتبات المقدسة عموما والعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية لم تقصرا في هذا الميدان فالمهرجانات المهمة من ربيع الشهادة الى مهرجان الجود الشعري و مهرجان المسرح الحسيني العالمي فضلا عن المهرجانات المناسباتية التي تعقدها العتبتان المشرفتان اصبحت هاجسا ادبيا مستفزا لجميع الادباء والفنانين للمشاركة الفاعلة ورأينا مشاركات أدبية عابرة لثيمات الانتماء الطائفي بمفهومه الشيعي (لا الانتماء الطائفي المرضي لا سامح الله ) .
ورأينا نصوصا فائزة لأدباء لا ينتمون إلى المذهب الإمامي لرصانة اللجان الفاحصة للنصوص و تثبيتا لمفهوم أن الحسين ع حسين الجميع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat