ربتت أصابع النوم على كتفي، وإذا بشرفة الليل تدعوني لأدخل خصوبة الرؤيا، أمد يدي، أقطف من شجرة الجمال لؤلؤة المصير، تسري البهجة في كل مفاصل الكون، ويضوع المسك رياحينا من الأمنيات، هي لي، هي لي، وإذا بفارس يبزغ من غيمة فجر يستوقفني، مرتقيا بالسلام الى وحي الخاطر: بكم تبيع؟ قلت: عذرا فانا اجهل التقييم، فبكم تشتري انت؟ كأنه طيف أمان يرخي عليّ عبق السكينة ليقول:ـ انا مثلك، لكني اريدها لأمير الكون، تاج كل عرش صبور، وانا الضامن لك بالنوال.
أرهقني حينها المعنى، فسألت: ما هو؟ أجابني:ـ الحظوة والشرف الرفيع والسؤدد ابد الابدين، قلت:ـ لأعلن والسؤود ابد الابدين، قلت: لأعلق على مشاجب القلب آخر ما املك من شجى، وانت يا سيدي من تكون، اشتبك المشهد يطوي عوالم من أمل، انا الوسيط وانت مثلي، دع نبضك يتنفس ذاكرة الكون، اعطني اللؤلؤة يا حزام، رحت استظل بفيء الشموخ، قلت: خذها.. وإذا بقامتي تستطيل زهوا يافع القسمات، فأصحو على راحلة التأويل ستلد لك ابنة، تقترن بشأن عظيم، وعند مرسى الحنين نثرت ثمامة بشارتها: أبشر يا حزام ولدت أم البنين.
تسري الأيام لتخرج من طهر السنوات عرش امرأة تحملها اجنحة الطيف لتلك الرياض التي ازدهت بالشجر والثمر، تحيطها انهار ضوء جارية، والسماء صافية والقمر المشرق يجاور النجوم، فجأة وكأن القمر ينتفض من كبد السماء من جمرها نورا يغشي الابصار، وثلاثة نجوم زواهر، وهاتف يحمل في اضلاع الكون صوتا لا اراه.. ينادي: بشراك فاطمة، حينها يا عم عقيل حملّت الكون بشاشتي وحشاشتي، وبخبخت لربيع حظي البهي، ماذا اقول لابن عم رسول الله (ص)؟ ماذا اقول لبطل الاسلام؟ لقسيم الجنة والنار؟ ماذا اقول له يا عم عقيل؟
ايقظني الحلم الى حلم يزف البهجة معابر يقين، دعني أسأل: هل تصلح ابنتك يا ثمامة لأمير المؤمنين؟ فيأتي الجواب: يوم استطاب للزفاف بهجة يافعة، واذا بها تغسل اقدام الرجاء مولاي، ان اسمي يوقع في اعماق الحسنين واختهما لوعة الفقد فيستفزهم الحنين الى خصر دمعة دامية، لذلك صار اسمها أم البنين.
أتى الجواب من ام البنين بيقظة الوجع السخي: يا بشر بن حذلم اترك اولادي واخبرني عن ولدي الحسين، تلك اوردة الحنين تشعل كل عناوين الحياة، لقد هان خبر مقتل أولادها امام مقتل الحسين(عليه السلام)، ونصبت مأتماً جعلته صرخة تهز مضاجع الولاة خشية انقلاب الامر عليهم، وبين حسرة الفقد وألم الغربة كانت الوفاة استشهادا صريحا بكل اللغات.
رحلت بعد فجائع مذهلة ودفنت في البقيع المذبوح.. نزفت من وريد الذكرى من يضيء شمعة حزني، هذه العظيمة التي رحلت في فجر هذا الانين المخضب بالزهو والفضيلة والتقى، ما يجعلني ان اقف على طولي بعد تلك القرون لأقول: انا حزام الكلابي وهذه المرأة الفاضلة هي ابنتي فاطمة فتوجوا سيرتها بالفاتحة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat