صفحة الكاتب : هاشم الصفار

التعليم.. ورشة لصناعة الحياة
هاشم الصفار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  قد يبدو المظهر الخارجي أمراً مطلوباً في خلق السمات الجمالية للإنسان، وكل ما يحيط به من بناء، وأثاث، وشوارع، وحدائق، وبنايات، وكل متعلقات المدينة الحديثة.. وهكذا يجري التنافس لصناعة أو استيراد قوالب جاهزة لمبتنيات الجمال، من حيث المظهر الخارجي، لتكون الحياة الإنسانية نضرة مشرقة في عيون محبيها وطلابها..

ولكن في داخل الإنسان، هناك نفوس تائقة للكمال الأخلاقي، والنفسي، والتربوي، والعقائدي.. وتلك النفوس بحاجة إلى من يأخذ بيديها، ويستثمر طاقاتها، نحو ولوج عالم السير إلى الله تعالى، لتكون نخبة واعية في قيادة الأجيال في طريق سار عليه من قبل الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام).
 وهناك من النفوس من تجدها تائقة لنوازع الشر قولاً وتصرفاً، وعبثية معرقلة وغير منتجة.. وتلك النفوس أو العقليات المتمردة، كيف يتم إسكات براكينها قبل أن تحرق الجميع.. 
 البيت.. المجتمع.. المؤسسات الدينية.. الأكاديمية.. كلها مجتمعة ستكون مسؤولة عن السيطرة على هذه الثلة من الأفراد، وتحجيم دورها العدائي على أقل تقدير، وحصره في بودقة، والعمل على صهره، وإعادة قولبته ليتماشى مع الجميع.
 يأتي الطالب إلى المدرسة وهو مهيأ للتسليم والاستلام.. لتصدير بضاعة تربيته البيئية، نشأته، انعكاس واقعه الذي عاشه.. واستلام صيغ جديدة، وكلمات وسلوكيات لم يكن يألفها من قبل.. فيحدث الصراع الفكري الذي سينتهي بأمرين: إما أن يأخذ الصالح بيد الطالح منهم إلى جادة الصواب والهداية.. وإما العكس، وهي الطامة الكبرى، بأن يتم ربط الجرباء حول صحيحة.. فينقاد الطالب الجيد تلقائياً إلى أصدقاء السوء.. ثم تزداد بذلك الرقعة السوداء.. بدلاً من تقليص حجمها وإزالتها تدريجياً..!
 لذلك.. وفي ظل المعطيات الجديدة، وبعصر العولمة الذي اكتسح أفكارنا وعقائدنا وطريقة عيشنا وتقاليدنا.. أصبحنا بحاجة ملحة لتحويل مجتمع المدرسة إلى مجتمع همّه الأساس العناية بالجانب الأخلاقي، وإيلائه الأهمية القصوى من أجل صناعة الحياة.. صناعة حياة حرة كريمة مستقرة، تسودها المحبة والتعايش، والابتعاد عن الشذوذ المستورد بشتى أنواعه..
 تكثيف دور الارشاد التروي الهادف، المدرسون بشتى اختصاصاتهم، يوجهون قبل إعطاء المادة العلمية قليلاً من النصح والتوجيه الذي قد لا يأخذ الكثير من الجهد، في قبالة الفوز بهداية نفر قليل من كل مجموعة..
هناك من الطلبة من لا تسعه الظروف أو الوقت لسماع التوجيهات من الأب المشغول والأم المنشغلة.. فيكون المعلم أباً روحياً، يعطي عصارة فكره وتجاربه في الحياة إلى أبنائه الطلبة.. ليفتح لهم آفاقاً جديدة من احترام الذات والمجتمع.. ليساهموا معاً في  الحفاظ على أمنه واستقراره..
 فعملية الموازنة مطلوبة في التنقل بين المادة العلمية، الى التربوية التوجيهية الأخلاقية، الى محاسبة المقصرين؛ حفاظاً على النظام والجو العام للمدرسة.. 
 كلها أمور، لو تم مراعاتها بصدق وأمانة.. فحتماً سينتقل هذا الانضباط الى المجتمع تدريجياً.. عندذاك.. سيكون التعليم بحق.. ورشة لصناعة الحياة.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/22



كتابة تعليق لموضوع : التعليم.. ورشة لصناعة الحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net