من صور مواقف المعارضة عند الائمة عليهم السلام
سامي جواد كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سامي جواد كاظم

اتفقوا اغلب كتبة التاريخ اعتبار ان خط الائمة عليهم السلام هو خط المعارضة للخلفاء الذين عاصروهم وهذا امر طبيعي جدا وان كان يرى البعض ان لا نشاطات معارضة للائمة عليهم السلام ضد طواغيت عصرهم ، بل ان للسيد محمد باقر الصدر كتاب رائع بعنوان تعدد ادوار ووحدة هدف أي لكل معصوم دور معين من حيث نشر تراث الاسلام ومواجهة الحكام ، وحقيقة انللائمة عليهم السلام مواقف جريئة لا يقدم عليها غيرهم ولكنها للاسف الشديد خفية او ينظرون الى جوانب معينة من تصرف وقول المعصوم غير المقصود منه باطنا ، وهنا لغرض اعطاء هذا الجانب حقه ساستشهد بموقفين مشهورين كتب الاغلب عنها مسلطين الضوء على الشعر وبلاغته وبيانه وبداعته بينما جوانب المعارضة بقوتها تظهر بين ابياتها او رد الفعل للمعصوم عليها .
الموقف الاول قصة قصيدة ( هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ) وحكايتها ان هشام بن عبد الملك في موسم الحج حاول ان يصل الى الحجر الاسود فلم يتمكن من ذلك وفجاء اقبل الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام فانفرج الحجاج ليسمحوا له بان يلمس الحجر الاسود ، وكان ما كان من انفعال هشام وادعى انه لا يعرفه ولكن الفرزدق انبرى له بقصيدة عصماء هي محل الشاهد ( هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ...) الى اخر القصيدة ( 41 بيتا ) نعم هي ارتجالية وبمنتهى البلاغة ، ولكن هنا المقصود حيث قام هشام بحبسه بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال : اعذرنا يا أبا فراس ، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به ، فردها وقال : يا ابن رسول - الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ، وما كنت لأرزأ عليه شيئا ، فردها إليه وقال : بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك ، فقبلها ، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس ، فكان مما هجاه به قوله : أيحبسني بين المدينة والتي إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد وعينا له حولاء باد عيوبها فأخبر هشام بذلك فأطلقه ، وفي رواية أبي بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة .
اولا اكرام الامام السجاد للفرزدق الذي يعتبر معارضا لبني امية دليل موقف الامام من خلفاء بني امية ، ثانيا جعل من الفرزدق عنصر فعال ضد الطغمة الاموية وفي وقتها يعتبر الشعر من اشد وسائل الاعلام تاثيرا وبالفعل بعدما هجا هشام اطلق سراحه خوفا من لسانه ، ثالثا ، اصبح هذا الموقف حديث المسلمين .
موقف ثان للامام العاشر علي الهادي عليه السلام عندما طلبه المتوكل وطلب منه ان يشرب الخمر فرفض ذلك الامام ومن ثم طلب منه ان يقول له شعرا فقال له القصيدة المعروفة ( باتوا على قل الاجيال تحرسهم غلب الرجال ) الى اخره .
نعم كتبوا عن بلاغة القصيدة وقوة معانيها والتسلسل والجناس والسجع فيها ، لكن الاهم من ذلك كله موضوع القصيدة حيث اختاره الامام موجها للطواغيت وليس للحكام العدول ووصف لهذا الطاغية حاله اليوم وغدا كيف سيكون .
ونحن نعلم اقوى صور الجهاد هو قول كلمة حق بوجه سلطان جائر فهل هنالك اقوى من هذه القصيدة التي قالها الامام الهادي عليه السلام بوجه المتوكل وهو المعروف ببطشه بالشيعة وهدمه لضريح الحسين عليه السلام .
هنا الدقة في اختيار الموقف وتوجيه السهام للطغاة من قبل كل الائمة عليهم السلام هو المهم وليس التهور او الخضوع للظلمة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat