سلاح الشيعة بين التحييد والتجريد -قراءة تاريخية موجزة- ٢-
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

تحدثنا في الحلقة الأولى عن تلك المحاولات الاستعمارية للبريطانيين في تجريد الشيعة من السلاح مطلقًا بعد هزيمتهم الكبرى في ثورة العشرين، وبقيت تلك المخططات في النظر إلى الشيعة في العراق أنها جهة لا يمكن تذليلها بقبول ولاية الحاكم بسهولة، وليس كما هو الحال مع غيرهم من طوائف المسلمين الأخرى؛ لعقيدتهم القائمة على عدم ولاية الحاكم وخصوصًا الحكام الذين هم في الغالب صنيعة الاستعمار الطامع بخيرات البلاد.
-١-
وقد حاول الحكام القيام بذلك بوسائل شتى، فقام حزب البعث منذ توليه للسلطة عام ١٩٦٨م بأنواع القتل والتنكيل والتشريد والتضييق على الشيعة، بل ومحاربة الحوزة العلمية وإعدام الأساتذة والطلبة والمؤمنين، ومنع الشعائر والمجالس ومراقبة المساجد والعتبات المقدسة واعتقال الشباب المؤمنين؛ لتكون بيده قبضة السلطة بالنار والحديد على مدى ٢٣ عامًا تقريبًا حيث ضعف لأول مرة كيانه واهتزَّ نظامه بعد حرب الخليج وغزوه للكويت عام ١٩٩١م وقيام الانتفاضة الشعبانية الكبيرة، واغتنام الشيعة للسلاح الذي كان عند جيشه الفاشي الذي خرج من الكويت مهزومًا من تلك الحرب المدمرة.
-٢-
فكان لذلك السلاح دور كبير في الوقوف بوجه النظام في جميع محافظات العراق الجنوبية التي يسكنها الشيعة المضطهدون، فاستطاعوا بذلك السلاح المقاومة عند الهجوم الوحشي للجيش على تلك المحافظات بمؤامرة أقليمية وعالمية للقضاء على الانتفاضة الشيعية، التي أصبحت تمتلك سلاحًا تدافع به عن محافظاتها وأهلها بعد أنْ كانت لعقود لا تملك قطعة صغيرة منه، بل الويل كله لمن يفكر بذلك، فانتقم النظام البعثي من تلك المحافظات التي كانت تبحث عن الحرية الإنسانية والعقدية الدينية لها، والتي كان خيرة بعض شبابها في السجون أمواتًا، وبعضها دُفِنت تحت الأرض أحياء، وأخرى مهجَّرة في بلدان العالم، فكانت تلك الوحشية بالقضاء على الانتفاضة وخصوصًا في المدن المقدسة بالنجف وكربلاء، حيث القتل والإعدام والهدم والحرق وو.
-٣-
وبعد ذلك محاولات تجريد الشيعة من سلاحها بأي طريقة، حيث دخلت قوات البعث بالتفتيش الدقيق عن السلاح بوحشية، واعتقال أصحابه، ومصادرة كميات كبيرة منه، فغَدَا الرجل لا يدري كيف يتخلص منه لإجرامهم وتكالبهم على الذين يوجد عندهم، ثم بدأ الترغيب الكاذب والترهيب الوعد والوعيد؛ ليبقى الشيعة بلا سلاح داخلي يدافعون به عن أنفسهم، ولا سلاح إقليمي يدافع عن هذه الفئة التي تمثل أكثرية شعبها، وهي صاحبة تأسيسه وأمجاده، ولا سلاح عالمي يدافع عنهم، سوى رجال المعارضة الشرفاء خارج العراق الذين كانوا يقيمون المؤتمرات والندوات التي تبيِّن للعالم هتك حقوق الإنسان في العراق، لعلهم يستطيعوا إيصال صوت هذا الشعب إلى منظمات حقوقية وغيرها تصدِّق ذلك؛ حيث الإعلام العالمي الداعم لنظام البعث، فعاد الشيعة بلا سلاح بعد حصولهم عليه لأيام معدودات، وإنما بقي سلاح العقيدة يتوارثونه في نفوسهم برفض حكم أولئك المستبدِّين المجرمين الذين أهلكوا الحرث والنسل، ولا بد من استرداد الحق منهم في يوم من الأيام وتعم الحرية على النفوس والمقدسات والشعائر، ولكنها غدت تخاف بطش البعث، ورجاله، وعيونه التي كانت تتواجد في كل مكان.
وللحديث تتمة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat