القصص القرآني في تدريس مادة القراءة في المرحلة الابتدائية
نبيل نعمه الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نبيل نعمه الجابري

نظرة في التغيرات التي طرأت على الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وما آلت إليه مجتمعاتنا، خصوصاً بعد تعدد المشارب الفكرية التي حاولت وما زالت تحاول توجيه الأمم والشعوب نحوها، لتكون النتيجة أن صارت للمجتمع قيمهُ وأساليبه ومعاييره التربوية المعتمدة على الفكر الذي يؤمن به، وهي نظرة -كما نعتقد- فيها من الخطأ الشيء الكبير، خصوصاً بعد أن بدأت هذه التغيرات تتداخل لتؤثر على جانب مهم من جوانب الحياة والمتمثل في الجّنبة التربوية لإعداد النشء الجديد، مع الغياب الكبير لتفعيل الفكر الإسلامي القائم على بث معطيات المنهج الإلهي في العملية التربوية الموجودة حالياً في مدارسنا الابتدائية، وما تحمله من قيم ومعايير لا تسهم إلاّ في تركيز خصائص وأفكار حامليها.
كان لزاماً منا ونحن نلج في كتابة هذا الموضوع أن ينقسم التناول ونجعله محصوراً على مادة معينة؛ هي مادة القراءة، وفئة محددة تمثلت بالصفوف المنتهية من المرحلة الابتدائية، لما تمثله هذه المرحلة العمرية من حياة التلاميذ - حسبما يذهب علماء النفس- واعتبارها مرحلة انتقالية لعمر يكون هو بداية لترسيخ المضامين وإدراك الحياة.
وبعد إطلاعنا على المنهج المتّبع في تدريس مادة القراءة للصفوف المنتهية في المرحلة الابتدائية؛ وجدنا الابتعاد الذي يكاد يكون مطلقاً عن القيم والمعايير الاسلامية، وما حمله كتاب الله المنزل على رسوله الأمين محمد (ص) في تدريس هذه المادة، سواء كان في محتوى المادة المدرَّسة، أم الأسلوب المتبع في التدريس، والقائمين عليه.
فموضوعات المحتوى التي يتضمنها الكتاب المنهجي المقرر في هذه المرحلة لا تمثل ما نصبو له ونحن نعيش في عصر يسعى فيه الفكر المسيطر على الساحة التربوية بكل أبعاده لبث ما يعتقده، فحين ننظر بعين فاحصة لمحتوى الموضوعات نجدها لا تمس المفصل الجمالي، لما ممكن أن تكون عليه موضوعات مادة القراءة، والتي يجب أن تكون بكل أحوالها ممثلة ومتمثلة بالتراث الضخم الذي مثلته القصص القرآنية ونهج أهل البيت (ع) في الحياة، وهي وإن وجدت إلاّ أنها مُصاغة بصورة لا تتيح للعالمين عليها ربطها بالقصص القرآني حصراً، فهي بحاجة إلى دعاة وقائمين على سير العملية التربوية يجدون عملية الربط بما يمتلكونه من قدرات مهنية لا وظيفية مكتسبة من وعي ثقافي ثري، وهنا تكمن أهمية الاسلوب المتبع في التوصيل.
أما فيما يخص القائمين عليه، فان الدعوة إلى الله هي هداية المجتمع لقيم الخير والفضيلة وتعريفهم بنهج الإسلام في الحياة، كان لا بدّ لمن يقوم بهذه الدعوة أن يقدم ما يجعله الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة في بث معايير هذا المنهج استحضاراً لقوله تعالى: ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً.وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) 45-46 الأحزاب، ومن هذا المنطلق أسس الرسول محمد (ص) منهج الحياة حينما جعل من نفسه بما أوتي من حكمة، معلماً يحمل على عاتقه تبليغ دعوة الله سبحانه وتعالى إلى الإنسانية (إنما بعثت معلماً مبشراً..)، صار لزاماً أن يكون على المؤسسة التعليمية إعداد جيل من المعلمين يكون قادراً على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وعند الربط بين المحتوى من جهة، وبين الأسلوب المتبع في التعليم؛ والقائم عليه من جهة أخرى، نجد أن العملية التربوية برمتها تكون كسلسلة فقدت إحدى حلقاتها، لذا نعتقد إن على المؤسسة التعليمية من اجل أن تنهض بواقع المنهج الخاص بهذه المادة من أركانه الثلاث التي تناولناها مسبقاً أن تتبنى العمل من اجل تصحيح المسار إتباع ما يلي:
1- تضمين كتاب دليل المعلم الموزع من قبل المؤسسة التعليمية (وزارة التربية) والخاصة بتدريس مادة القراءة بعض النماذج القصصية النموذجية والمعروضة وفق المعايير التربوية المستنبطة من الشريعة الاسلامية.
2- عقد المزيد من الدورات التدريبية المتضمنة إيضاح وبيان أهمية المعايير الاسلامية بالقرآن الكريم في إحكام المنهج التربوي، وأيضاً تضمين الدورات مناهج تدريبية في مساعدة المعلم على إنتقاء وعرض الموضوعات المتعلقة بمادة القراءة في المراحل المنتهية بأسلوب جيد وشيّق.
3- تدريب المعلمين على كيفية تدريس مادة القراءة، بأسلوب قصصي تكون الغاية منه تدريب التلاميذ على كيفية أداء الغاية المتعلقة بها.
4- على المؤسسة التربوية (وزارة التربية) أن تبذل جهداً استثنائياً لأجل النظر في عملية إعداد المعلمين في المرحلة الابتدائية، وهذه النظرة يجب أن تراعي وتأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة في الملكات العقلية التي يتحلى بها التلاميذ في الوقت الحاضر بما يضمن تزويدهم بالأساليب الأكثر فاعلية، والمناسبة لهذه المرحلة العمرية كالقدرة على الإيضاح للخبرات والإيحاء وإمداده بالأساليب التربوية الحديثة والمتطورة، خصوصاً بعد دخول وسائل الاتصال الجماهيري لجميع الأسر بلا استثناء، إضافة الى النهضة الاقتصادية التي يشهدها البلد والتي تؤثر بطريقة مباشرة في عملية إعداد النشء الجديد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat