ولنا في أصحاب الحسين أسوة حسنة / ٣ عمرو بن قرظة الأنصاري
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

الوفاء صفة إنسانية حميدة قبل أن يكون واجباً إسلامياً وخُلقاً دينيا .. ولأمير المؤمنين عليه السلام الكثير من الكلمات يبيّن فيها فضل الوفاء ويتبين لنا من خلالها أنه مَلَكة وخصلة إذا ما وجدت في شخص فإنه توجد ومعها جمٌّ من الصفات الحميدة ومحاسن أخلاق جليلة ، من قبيل :
عنه (عليه السلام) : ( الوفاء حلية العقل وعنوان النبل ) و ( الوفاء عنوان وفور الدين وقوة الأمانة ) و ( الوفاء توأم الأمانة وزين الاخوة ) و ( نعم قرين الصدق الوفاء ) و ( الوفاء توأم الصدق ) و ( بحسن الوفاء يعرف الأبرار ) و ( من وفي بعهده أعرب عن كرمه ) و ( من أحسن الوفاء استحق الاصطفاء ) ..
ويكفي في صفة الوفاء شرفاً وكمالاً أنها من صفات الله تعالى ( ومن أوفى بعهده من الله ) ٩ / ١١ .
ويُعرّف العلّامة مصطفوي في موسوعته الجليلة ( التحقيق .. ) الوفاء بأنه : [ اتمام العمل بالتعهد .. والعهد هو التزام خاص في قبال شخص أو أمر ] ، ويقسّم مصطفوي التعهد الذي هو متعلّق الوفاء الى : تعهد بالتكوين كما في قوله تعالى ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) وبالتشريع ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) والتعهد العرفي ( يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود ) .
والوفاء صفة تحلّى بها أصحاب الامام الحسين عليه السلام بأعلى درجاتها وبنصّ الإمام عليه السلام ( ولا أعلم أصحاباً أبرّ ولا أوفى من أصحابي ) ، وصيغة أفعل التفضيل شاهدة على ذلك ، ودمائهم التي اختلطت مع دماء أبي عبدالله في عرصات كربلاء هي المُصدّق لكل ما نقول أو ندّعي ..
غير أن لعمرو بن قرظة الأنصاري شهادة خاصة بالوفاء من الإمام الحسين قد طلبها منه في آخر أنفاسه وختم بها حياته حين كان يُشكّل بجسده درعاً يحمي به الإمام عليه السلام ، إذ كان يتلقى السهام بجبهته وصدره حتى أثخن بالجراح فالتفت الى الامام قائلاً : [ أوفيت يابن رسول الله ؟ ] فقال له عليه السلام : [ نعم ، أنت أمامي في الجنة ، فاقرء رسول الله صلى الله عليه وآله السلام واعلمه أني في الأثر ] .
فلاحظوا معي كيف حاز هذا الشهيد على الوفاء بأقسام العهد الثلاثة واستحق كل أوسمة الوفاء .. وبفخر وبشهادة خاصّة من المعصوم أنهى بها حياته وجهاده ..
وقرظة الأنصاري - والد عمرو - نزل الكوفة وهو من الصحابة الرواة ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام واشترك مع الإمام علي في حروبه وولّاه فارس .. وقال السيد الخوئي قدس سره عن عمرو بن قرظة في معجم رجال الحديث : من أصحاب الحسين عليه السلام واستشهد بين يديه ، ووقع التسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية .
فلنتعلم من هذا الأسد الكربلائي هذا الخُلق العظيم والصفة الحميدة التي تّنبأ عن كنزٍ من الفضائل ومكارم الأخلاق وتورث شرف الدنيا وخير ثواب الآخرة ، فإذا حُرمنا من صحبة الحسين عليه السلام فنسأل الله أن لا يحرمنا من صحبة معالي أخلاق أصحابه وفضائل أنصاره .. إنه سميع الدعاء سريع الإجابة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat