نظرة الغرب الى العراق الجديد
د . نضير الخزرجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . نضير الخزرجي

الديمقراطية البريطانية ديمقراطية كبيرة، وقد امتدت تجربتها في هذا المجال لسنوات عديدة، ففي بداية احتلال العراق عام 2003 خرجت التظاهرات في بريطانيا ضد الحرب، حتى وصلت اعداد المتظاهرين الى مليون متظاهر، فالشعب البريطاني كان يشعر أن بوش يستخدم رئيس وزرائهم بلير، وبالتالي يستخدم بريطانيا لمصالح بلاده الخاصة، هذا مفهوم الشارع البريطاني. والديمقراطية القائمة هناك كانت تسمح للبريطانيين بالتظاهر ضد الحرب، اما البرلمان فقد صوّت على الدخول في الحرب بشكل عام. فالشارع البريطاني رفض دخول جيشه في الحرب ليس حباً بصدام ونظامه، بل حرصا منه على الجيش، وخوفاً على أبنائهم الذين ربما سيكونون وقوداً لنار لم يضرموها.
الجالية العربية في لندن كبيرة وواسعة لكنها مشتتة، اما أفضل جالية تجمع اهلها فهي الجالية العراقية؛ لأن العراقيين اصحاب قضية على خلاف الجاليات الأخرى التي تعتبر جاليات مهاجرة وليست لاجئة، فهناك فرق في الأمرين؛ لأن باقي الجاليات هاجرت طوعاً، ولم تكن مجبرة كالعراقيين، الذين كانوا يقومون بتنظيم تظاهرة عامة في بريطانيا في نيسان من كل عام ضد نظام صدام حسين في ذكرى استشهاد سماحة السيد محمد باقر الصدر.
كما ان هناك اعتصاما أسبوعيا في كل سبت في أهم ميدان من ميادين مدينة لندن هو (الطرف الأغر) وهذا الاعتصام استمر الى (333) اسبوعا، وانتهى بسقوط صدام حسين، اما بحسب الأرقام المتوفرة فإن (30)مليون سائح رأى هذا الاعتصام وبريطانيا تستقبل السائحين من كل أنحاء العالم. هذا يعني ان (33) مليون سائح رأى معاناة الشعب العراقي من غير العراقيين، وهذا يحيلنا الى امر مهم هو ان الحصار لم يكن اقتصاديا فقط بل تعداه ليكون حصارا حتى عن معرفة ماذا يفعله العراقيون في الخارج!! فقلوبهم مع العراقيين اينما كانوا، وعملهم كان من اجل العراق؛ فالاعتصامات والتظاهرات مستمرة لسبع سنوات على التوالي، فمنها الاسبوعية، ومنها الموسمية.
في بريطانيا كان يرى الغرب معاناة العراقيين من خلال المعارضة، وهذا لايعني المعارضة السياسية فقط، فقد كانت هناك منظمات انسانية واجتماعية، وخدمية، ومنظمات حقوقية، وكان تحرك هذه المنظمات والمؤسسات لا يقتصر على بريطانيا بل تجاوزها الى كل العالم حيث كانت تتخذ من بريطانيا مركزا لها، كما كانت هناك لجان حقوقية دولية تعمل في سويسرا، وفي جنيف، وفي لاهاي، وفي أمريكا، وجميعها تعمل من أجل العراق.
بمعنى آخر ان العالم توصل الى خلاصة: ان نظام صدام المقبور لم يسقط بإرادة بوش، لأنه اراد ذلك بل ان جهاد العراقيين في داخل العراق وخارجه هو من ضعضع اركان النظام، ودليلنا ان القوات البريطانية دخلت العراق عن طريق البصرة عام 1914 واكملت احتلال العراق عام 1917 ولكن القوات الامريكية عام 2003 احتلّت بغداد واطاحت بالنظام في يومين، اي ان الشعب فقد ثقته بالنظام، فتخلّى عنه ولم يقف الى جانبه، وهذا ما ازعج بعض الإعلام العربي والإعلام العروبي الشوفيني .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat