العمارة الإسلامية رسالة حضارية في حركة الزمن ح(5)
د . نضير الخزرجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . نضير الخزرجي

سجّل التاريخ
يشترك الرحالة مع عالم الآثار والمهندس المعماري، بقدرته على تصوير المعالم الأثرية، ناهيك عن الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلد الذي يزوره، ويقع المستشرق والمؤرخ بين هؤلاء في تمكنهما من وصف وضع البلد من نواح عدة إما بالمعاينة الميدانية أو عبر الأبحاث. وقد وقعت كربلاء المقدسة والمشهد الحسيني المقدس تحت طائلة الوصف من قبل رحالة وعلماء آثار ومستشرقين من جنسيات مختلفة وعلى مدى القرون، وهم كثيرون، يكفي الإشارة الى بعضهم:
- زار كربلاء المقدسة في العام 727 هـ الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة محمد بن عبد الله الطنجي (ت 779 هـ) وكتب عنها: "ثم سافرنا الى مدينة كربلاء مشهد الحسين بن علي (ع) وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخل ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدسة داخلها، وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر وعلى باب الروضة الحُجّاب ولا يدخل احد إلا عن أذنهم فيُقبّل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح قناديل الذهب والفضة وعلى الأبواب أستار الحرير".
- في العام 1131 هـ زارها الرحالة الحجازي عباس بن علي المكي (ت 1180 هـ)، ووصف المرقد الحسيني الشريف بقوله: "وأما ضريح سيدي الحسين (ع) فيه جملة قناديل من الورِق (الفضة) المرصع والعين (الذهب) والتحف ما يبهت العين من أنواع الجواهر الثمينة ما يساوي خراج مدينة وأغلب ذلك من ملوك العجم وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب الأحمر يبلغ وزنه منين (كل مَنٍّ 25 كيلو غراما) بل أكثر وقد عُقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالأفلاك وبناؤها عجيب، صنعه حكيم لبيب".
- في العام 1179 زارها الرحالة الألماني كارستن نيبور (Carsten Neibuhr) (ت 1231 هـ)، ووصف المرقد الشريف وما حوله بقوله: "إن أطراف الحضرة والصحن كانت مضاءة كلها، وكان لها بذلك منظر فريد في بابه نظراً للشبابيك الكثيرة التي كانت موجود فيها، وقد كان ذلك يكاد يكون غريبا في هذه البلاد التي يقل فيها زجاج النوافذ يومذاك، وأن الصحن يقوم في ساحة كبيرة تحيط بها من أطرافها الأربعة مساكن السادة والعلماء، وكان يوجد بين يدي الباب الكبرى – القبلة – شمعدان نحاسي ضخم يحمل عدداً من الأضوية على شاكلة ما كان موجوداً في مشهد الإمام علي".
- وفي العام 1327 زارتها الرحالة والمستشرقة البريطانية السيدة غيرتراد مارغريت لوثيان بيل والشهيرة بالمسز بيل (Gertrude Margaret Lowthian Bell) (ت 1345 هـ)، ومما كتبته عن المرقد المقدس: "كنت أقف فوق سطح دار من الدور المجاورة لأتفرج على الساحة المزينة بالقاشاني الجميل الفخم التي يقوم في وسطها الضريح المقدس ولا يسمح فيها إلا للمسلمين".
- وفي العام 1328 هـ زارها الرحالة الهندي محمد هارون الزنكي پوري المتوفى بعد العام 1335 هـ، وبهره منظر تنوع جنسيات الزائرين، فكتب يقول: "إنهم من الأعراب والأعجام والأتراك والأكراد وأهل الهند والسند وأهل الصين والتتار، وأهل روسية ورومة وأهل أفريقيا وأمريكا وأهل يورپ (اوروبا) وآسيا، فإنهم يدخلون الى مقامه حزبا حزبا وقوما قوما وأفواجا أفواجا".
- وفي العام 1349 هـ زارها الرحالة المصري عبد الوهاب بن محمد عزام (ت 1378 هـ) ووصف حال الزائرين وهم يقيمون مجالس العزاء في ذكرى استشهاد الإمام علي (ع) في الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك، فيضيف: "وقد دخلنا المسجد فإذا هو يدوي بالقارئين والداعين فزرنا الضريح المبارك، ومنعنا جلال الموقف أن نسرح أبصارنا في جمال المكان وما يأخذ الأبصار من زينته وحليته ورُوائه..".
ومن الرحالة الذين زاروا كربلاء المقدسة ودونوا ملاحظاتهم حول عمارة المرقد الحسيني الشريف الرحالة التركي الأميرال سيدي علي بن حسين جلبي الذي زار المرقد الحسيني عام 961 هـ. ومنهم البحار والرحالة البرتغالي بيدرو تكسيرا (Pedro Teixeira) (ت 1640م) الذي أطلق على المدينة اسم "مشهد الحسين". ومنهم الرحالة الهندي التركي الأصل أبو طالب بن حاجي محمد بك خان الأصفهاني (ت 1221 هـ) الذي أورد في رحلته ما حل في المدينة المقدسة من خراب على أيدي عصابات الحركة الوهابية المسلحة. ومنهم الرحالة المنشئ البغدادي محمد بن احمد الحسيني الذي زارها في العام 1237 هـ. ومنهم الرحالة الفرنسية جان ديولافوا (Dieulafoy, Jane Henriette Magre) (ت 1916م).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat