صفحة الكاتب : عبد الملك كمال الدين

مهن حرفية قديمة/ صانع الحصير (السررچي)
عبد الملك كمال الدين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الحرفي العراقي دائم الإبداع؛ فكل مهنة يمارسها يعطيها كامل حقها لينجز عملا لائقا يفتخر به من يشاهده متمثلا بالحديث الشريف: (رحم الله امرءا عمل عملا فأتقنه) وهذه المهنة خاماتها متوفرة بكثرة، فقد وهبَ اللهُ الجليل الوطن وحباه بالعمة (النخلة) وهي كلها خير وبركة، وقد ذكرها الجليل بسورة مريم في القرآن الكريم: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا). والنخلة كلها فائدة بتمرها ومشتقاته الطبيعية، وجذعها وسعفها وخوصها فيها منافع للناس لا تحصى، وكلامنا حصرا عن جريد النخلة، حيث يعمل منه الحرفي البارع (السررچي) أشكال باهرة، فعندما تراه متربعا على الحصير وأمامه أكداس من جريد النخل الأخضر، وعدته بسيطة سكين (تكريب) حادة و(ساطور) حاد أيضا، ومطرقة من الخشب ومجموعة من (المثاقب – السنب الحديدية) يتناول الجريدة وقد نظفها من الخوص، ويقوم بتثقيبها ثقوبا متقاربة بمسافات مضبوطة لا تقبل الخطأ، فهو مهندس فطري بارع شهادته تجربته وأطروحته نتاجاته المتعددة الأشكال؛ فلا مسطرة ولا (فيته) قياس.
 أنامله وعيناه بارعتان في الصنعة؛ فهنا الأعواد المثقبة، وهناك أعواد رفيعة للتشبيك، والنتاج بديع من الأقفاص للبلابل، وطيور الزينة، والحمام، والدجاج، والأقفاص الصيادة للبلابل، وهي مميزة.. وأيضا صنعة الكراسي والأرائك و(المساطب) تراها منتشرة في المقاهي وبعض البيوت وهي تسر الناظر، موزعة بين أشجار الحدائق، كذلك صناعة الأسرّة للنوم، وهنا أدخل بها المهندس الفطري احتياجا مهما لأمن العائلة حيث جعل وسط السرير مشبكا متقنا يقوم مقام (الخزنة، القاصة) لحفظ (المخشلات) والملابس الثمينة؛ كـ(العباءة، والصاية، والچاكيت، وملابس العروس) وما زاد من الاستعمال، فكان مكانا أمينا ينام فوقه الزوجان وأطفالهم فترى الأسرة موزعة في باحة الدار، تفرش عصرا ليرتاح فوقها الأب المتعب مع زوجته، وهكذا كان أمان الأمس راحة وطمأنينة وبساطة وصحة وعافية، ولا ننسى عمل السررچي للعمّاريات التي يتخللها العاقول، ويرش بالماء وتوضع على النوافذ والأبواب لتبريد البيوت، وكذلك (للسوابيط) في الحدائق والبساتين... هكذا كنا بالأمس بساطة ودعة وأمان وإيمان صادق حقيقي ببركة آل البيت الأطهار... والحمد لله على نعمائه.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الملك كمال الدين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/16



كتابة تعليق لموضوع : مهن حرفية قديمة/ صانع الحصير (السررچي)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net