صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

إيران تصنع الحدث وأعداؤها يصنعون الوهْمَ
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أسماء وشخصيات وهمية وأخرى حقيقية، ظهرت على فترات من الزمن، اتّكلت على مخططات شياطينها، رامِيَة ثِقَلَ ما تملك من ضحالة فكر وسخافة منطق، منخرطة بشكل مفضوح لا يختلف عليه عاقلان، من أنّ وراء أكمة هؤلاء الأدعياء، حلف معادٍ يسعى جاهدا لإعادة تموضعه على رأس هرم ثوابت الأمّة الإسلامية، بعد أن بدأ يفقد سيطرته وهيبته في عصرنا هذا، ومجموعها مشكّل بين أدعياء الثقافة الغربية الصهيونية، واسلاميي معاداة التنوّع المذهبي، منْ أصرّوا على تخطئة التشيّع فيه تحديدا، على أساس واهٍ من الادعاء عليه بالباطل، وتكفير المسلمين الشيعة ليس جديدا، فقد حمل أوزاره من أسسوا أساسه الأوّل الأمويون ومن تبعهم على ذلك من شخصيات دينية، لبست ثوبا رديئا من التعصّب المذهبي كابن كثير الدمشقي، إلى أن استوى على شجرته الخبيثة منهاج ابن تيمية الحراني، ونمت أغصان فتنته الدموية بابن عبد الوهاب النجدي.

تزامنت الحملة الأخيرة على الشيعة في تونس، بعد الانتصار الذي حصل خلال الحرب التي نشبت بين ايران والكيان الصهيوني، بعد العدوان الذي ارتكبته قواته، واستهدف بشكل مفاصل حساسة من هيكلية النظام الإسلامي، تبيّن منه هدف اسقاط النظام، باعتباره شكّل منذ أن تأسس حجر عثرة، في طريق مشروع الشرق الوسط الجديد الذي تراعه أمريكا، وقد خطط له طرفا العدوان، الكيان اللقيط وحاميته أمريكا، بتحشيد قوى العمالة من الداخل ومن الجوار، وكاد الأمر أن يتمّ لهم لولا أن لله أمرا محتوما مُبْرما من عنده، لن يتغيّر - ولن يخلف الله وعده في قوم سلمان  - ولو اجتمع له الانس والجن جميعا.

لقد عادت دعاية اتهام إيران بنشر التشيع في تونس من جديد، تشغل مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت قد بدأت أصواتها تتعالى قديما، منذ أن بدأ النظام البورقيبي يستشعر الخطر من الإسلام السياسي (1981/1986)، بظهور حركة إسلامية سنّية ( حركة الاتجاه الإسلامي)، وقفت قيادتها موقفا إيجابيا من الثورة الإسلامية الإيرانية، معتبرين إيّاها بشارة عودة الإسلام الشمولي إلى ساحة اثبات وجوده، في صراع سرعان ما بدأ يحتدم حينها، بين الطلبة الثوار الإيرانيين تحت قيادة  الامام الخميني، وقوى الشر بزعامة أمريكا، وكان لعملية اقتحام سفارتها بطهران، ورفع شعارات الموت لأمريكا وأمريكا الشيطان الأكبر، بداية تحوّل جديد لم يعرفه العالم في عصرنا، رغم عداء الصين والاتحاد السوفييتي حينها، لم يجرؤ احد على التلفظ بتلك الشعارات.

إيران صاحب مشروع تحرّري عالمي، يتجاوز الشعوب الإسلامية، وقضيتهم العالقة فلسطين المحتلة، ليشمل العمل على تحقيق نظرية تحرير الشعوب المستضعفة في العالم، من براثن الاستكبار الأمريكي والغربي، وهي دعوة قرآنية جاءت في الآية الكريمة: ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجل والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا) سورة النساء الآية 75

وهذا ما استفز قوى الشرّ في العالم، وجمّعها في تحالفات استراتيجية، ائتلفت في مجالات مختلفة، سياسية واقتصادية وعسكرية ودعائية (إعلامية)، هدفها العمل على الحد من انتشار ثقافة الثورة الإسلامية، بين الشعوب العربية والإسلامية، وقد خصصت الدوائر الغربية للدعاية والإعلام المضادّ لإيران أموالا طائلة، جاءتهم تطوّعا من دول خليج فارسي - كما هي نفقات الحرب الحالية - ناصبوا عداء مستبطنا لإيران، أظهروه فترة ثم أخفوه بعد ذلك، بنفاق سياسي مكشوف، زاد من حجم تورّطهم في مؤامرات باءت بالفشل، اشتركوا في حياكتها والتحريض عليها، بواسطة أدواتهم الرخيصة في عالمنا العربي والإسلامي، وهي التي قامت على قدم وساق تفتري على المؤمنين كذبا.

أمريكا والغرب وأدواتهم من بائعي آخرتهم من أدعياء العلم، أيقنوا تماما بعد الرّدّ الإيراني الأخير، أنه لم يعد هناك إمكانية في ثني إيران عن مشاريعها التّحرّرية في العالم بغير تشويهها، واظهارها مظهر النظام الساعي إلى نشر مذهبه الشيعي في المنطقة، فحركت أدواتها من عملاء أقل ما يقال عنهم، أنّهم مجموعة من العملاء الحاقدين اجتمعوا على الكيد لإيران كلّ مدفوعا بعامل من العوامل التي الجأته إلى ذلك، فالوهابي معروف بحقده على كل ما يتّصل بالتشيع بصلة،  والبعثي بحكم عدائه لإيران، برهن فيه منتهى ما يمكن أن يصل إليه منكرو الحكم الإسلامي من كراهية، وتبّع الثقافة الغربية الرافضة للإسلام السياسي، مهما كانت سِماتهُ  المُعلنة، فانخرطت طوابير هؤلاء المنبوذين من أوساط مجتمعاتهم، ممن عُرِفوا بعدائهم المفضوح لإيران والتشيّع، في حملات دعائية مغرضة، مفادها أنّ ايران تنشر التشيع وتجنّد العملاء في البلاد العربية، ولم تقم هذه الصيحات وتتعالى الا بعد أن مُنِي مشروع الغرب الصهيوني في المنطقة، بأكبر انتكاسة له منذ تاريخ نشأته.

وفيما بدأت مختلف طبقات الشعوب العربية والإسلامية تحتفل بانتصار ايران الإسلامية ولو رمزيا جاءت أصوات هؤلاء الشّواذ فكريا، لتحدّثنا عن أوهام تعلّقت بعقولهم، لتحرّض من جديد على ايران الإسلامية، وتشكك في مصداقية مواقفها التي اتخذتها، بشأن قضايا التحرر التي تبنّتها مبادئ لم تحد عنها، وأثبتت للعالم بأسره الأصدقاء منهم وهم قلّة، والأعداء منهم وهم كثرة، مصداق تقييم القرآن لأصحاب الحق وأصحاب الباطل، أنّها ماضية في طريقها، مؤمنة إيمانا قاطعا  لا يثنيها عزم من عزم على مواجهتها، ولا يزيدها قوّة على تحمل كل هذه العاهات من ناصرها في بيان استحقاقاتها.

هزيمة المشروع الاستعماري الأمريكي الغربي الصهيوني باتت وشيكة ولا محالة واقعة بفضل الله أولا وهؤلاء الذين اختارهم لنصرة دينه في هذا الزمن بعد قرون من الخمول والسلبية، إيران اليوم تصنع الحدث في رفع راية الإسلام بشكل عام على اختلاف مذاهبه ففيها تشكل الشيعة والسنّة في محور واحد، لم يظهر منه ما يدعو الى الخوف والخشية من كونها تخفي سياسة أخرى من الاقصاء المذهبي والتفضيل الطائفي، كما اشترك الجميع في الحرب المفروضة سنوات (1980/1988) يشترك اليوم هذا المزيج الإسلامي في صناعة ليس عزة ايران وحدها بل وعزّة المسلمين جميعا.   

دعايات المغرضين ومن وضعوا انفسهم موضع معاداة ايران، هي مجرّد أباطيل أطلقوها كل متلّق بصادره وغاياته، لن تنجح كما باءت محاولات من حاول قبلها بالفشل، ولئن صدّقها وانطلت حيلها على بسطاء الناس ممن لا ثقافة لهم تحميهم من الأكاذيب وتحصّنهم من عمليا التضليل، فلن يطول ذلك السّراب الذي أطلقوه، لأنّ عقلية الناس لا تحتمل الأوهام أمام حقائق لإيران اليوم، ايران تصنع الحدث وأعداؤها يروّجون الوهْمَ، وكلّ إناء بما فيه ينضح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/12



كتابة تعليق لموضوع : إيران تصنع الحدث وأعداؤها يصنعون الوهْمَ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net