لا انتماء... لا شرف... فقط ذباب يدافع عن الفاسدين
راجي سلطان الزهيري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راجي سلطان الزهيري

قبل سقوط الصنم – لعنه الله – لم نكن نعرف ما هو مصطلح "الذباب الإلكتروني" في العراق. كنا نعيش في ظل قمع الرأي والرأي الآخر فلا حرية ولا نقد أصلاً لنعرف كيف يواجهون النقد. وبعد 2003 مررنا بمرحلة حرية محدودة بدأ فيها الناس يكتبون وينتقدون ويعبّرون حتى ظهر أمامنا هذا المصطلح الغريب: الذباب الإلكتروني.
في البداية ظننا أن الأمر مجرد ظاهرة عابرة أو ترف سياسي لا قيمة له لكن مع الوقت أصبح لكل حزب في العراق جيشه الخاص من الذباب الإلكتروني بل وصل الأمر إلى أن كل وزير وكل نائب وكل محافظ وكل قائم مقام وحتى مدير البلدية يمتلكون مجموعاتهم الخاصة من الذباب يحركونهم متى ما شاؤوا. والأدهى من ذلك أن الشركات المتلكئة نفسها – تلك التي تسرق قوت الفقراء وتنهب الأموال العامة – أصبح لديها جيوش كاملة تدافع عنها تبرر فشلها وتهاجم كل من يطالب بحق أو يشير إلى خطأ.
قبل فترة وخلال زيارتي الأخيرة إلى العراق كتبت مقالًا انتقدت فيه شخصية أكن لها كل الاحترام والتقدير وهو مسؤول عمل الكثير للناصرية. لكن النقد ضرورة؛ فلا أحد فوق النقد مهما قدّم. ما إن انتشر المقال حتى قامت الدنيا ولم تقعد. انهالت عليّ الشتائم والاتهامات من كل حدب وصوب من أناس أعرفهم وأناس لا أعرفهم. وفجأة أصبحت "إسرائيليًا" في نظرهم! كأن الوطن حكر لهم وحدهم وكأن النقد خيانة وكأن المحبة تعني التصفيق فقط.
وصلتني اتصالات لا تُعد ولا تُحصى حتى اضطُررت إلى إغلاق هاتفي من كثرتها واكتفيت بالصمت أتأمل حالنا مع هؤلاء.
فكرت طويلًا بعدها وقررت أن أفتح باب التسجيل رسميًا لكل من يرغب بالربح السريع والانضمام إلى جيوش الذباب الإلكتروني. لكن بالطبع هناك شروط أساسية لمن يريد الانضمام:
1. أن لا يكون لديك أي انتماء للوطن.
2. أن تكون عديم الأخلاق والشرف تمامًا.
3. أن تقسم على بيع نفسك لأي مهمة مهما كانت دنيئة.
4. أن تكون ردودك وتصرفاتك محصورة فقط ضد من ينتقد مالكك وسيدك.
هذه هي شروط الانتماء لجيوش الذباب الإلكتروني. فهم لا ينقلون حقيقة ولا يدافعون عن حق ولا يواجهون ظلمًا بل مهمتهم الوحيدة هي حماية مصالح أسيادهم مهما كانت قذرة ومهاجمة أي صوت حر يكتب بكلمة حق.
أما نحن فلا نملك سوى الكلمة. سنكتب وننتقد ونفضح حتى وإن اجتمع علينا ذباب الأرض والسماء. فالحق يعلو ولا يُعلى عليه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat