صفحة الكاتب : د . علي احمد الزبيدي

شَهْرَا مُحَرَّمٍ وصَفَرٍ : عيد السياسيين والتجار
د . علي احمد الزبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ونحن نعيش أيام الحزن السنوي بقدوم شهري محرم الحرام وصفر، وذلك بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام). هذه الحادثة الأليمة التي أدمت قلوب محبيه وناصريه بعد أن حلت المجزرة بحق إمام الهدى وعائلته وأصحابه المنتجبين.

فلهذه الواقعة التي حدثت في العاشر من شهر محرم الحرام الكثير من العبر والدروس التي يجب على كل إنسان أن يستلهمها بمعانٍ جمة، وأولها كيفية الوقوف بوجه الظالم ونصرة الحق على الباطل. 
ومن جانب آخر، أن يعلم الإنسان أن الحياة فانية فلا يبقى منها سوى العمل والأثر الطيب. هنا جسّد إمامنا المظلوم صورة لا أروع منها بالفداء والتضحية لأجل الأمة الإسلامية، ولأجل أن يعيش الإنسان بكرامة وأن يكون له كلمة. 
فالكلمة هنا عند الإمام التقي لها استراتيجية واقعية ودلالة على أن الفرد يجب أن يكون عارفًا بالحق حتى وإن اجتمع عليه الجميع بالباطل.
كل هذا، حقيقةً، لم نجده في زماننا إلا ما ندر. فأين الكلمة؟ وأين الحق؟ وأين البسالة والشهامة والإباء؟ وأين الرجولة والمروءة؟ هذه الصفات يتحدث بها الجميع، ولكن لا يطبقها مجتمعة مع بعضها، بل تتجزأ بمصالح دنيوية. حتى ذكرى واقعة الطف واستشهاد الإمام وآل بيته الأطهار، طقوسها وشعائرها أصبحت لغرض "الشو الإعلامي"، بل لغرض الحصول على المكاسب من رضا الناس والجمهور. فبالله عليكم، لماذا يقيم السياسيون مجالس العزاء والناس تتجمهر عليهم؟ فهم طوال السنة منبوذون من المجتمع، ويكاد أفضلهم عملًا يتخفى وراء الستار لغرض عدم مواجهة جموع الناس. 
ولكن في هذين الشهرين، يصبح الجميع "مؤمنًا" ويتحدث بصفات الإمام الحسين (عليه السلام) وينبذ الأفكار الرجعية، ويحدث الجمهور بالحلال والحرام وكأنما هو "قديس" زمانه.
إن حادثة استشهاد الإمام هي رسالة إلهية إلى عموم البشر، الغاية منها الإفادة والتحلي بمكارم الأخلاق، وليست "للطم والعويل" كما تُقام ببعض المجالس مع احترامنا الشديد لهذه الشعيرة.
وأخيرًا، نقل لي أحد السياسيين السابقين أن هذين الشهرين، هما عيد لفرقة المسؤولين والسياسيين، خاصة أنهم يعيشون في عزلة طول السنة إلا في تلك الأشهر، فيظهرون على الساحة ويبدأون بعمل المجالس والسرادقات لغرض كسب المواطن المسكين الذي يلجأ بشكل عاطفي للحصول على "لحم وهريسة وقيمة"، وينسى همومه ومشاكل البلد والأزمات والحروب، وينشغل هو والبلد وأفراده بتلك المظاهر. 
ويخرج لنا أيضًا "جماعة المحتوى الهابط" بتوزيع الثواب وكأن ذلك لتخفيف سوء عاقبتهم في الدنيا، وليستغل بعض التجار برفع أسعار السلع والمواد، فهذا موسم وعيد لهم، وكما يقال: "مصائب قوم عند قوم فوائد". 
السلام على قتيل العبرات، وعلى من تبعه بالحق ونصره. 
وليخسأ كل من يتخذ هذه الحادثة الأليمة دعاية للمفخرة لصالح نفسه وأهوائه.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي احمد الزبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/29



كتابة تعليق لموضوع : شَهْرَا مُحَرَّمٍ وصَفَرٍ : عيد السياسيين والتجار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net