صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

ألفة الحامدي تونسية بإيعاز أمريكي
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بوقاحتها المعهودة تطاولت الأمريكية تجنيسا وانتماءً، والتونسية مولدا ونشأة، المدعوّة ألفة الحامدي على الدولة التونسية دستورا وسيادة وشعبا، بإصدارها من مقرّها بأمريكا يوم 26/6/2025 بيانا دستوريا - حسب تعبيرها- معبّرة بموقفها الشخصي الذي دوّنته، ونسبته كذبا وزورا وخداعا إلى الموقف الرسمي التونسي كأنّما أعطتها الحكومة والشعب التونسي حقّ التعبير عن سياسة البلاد ومواقفها من الأحداث الجارية في الشرق، وقد ظهر مما كتبته توافقا مع الموقف الأمريكي الصهيوني وإنّ الطيور على أشكالها تقع.

بيان كاذب تعبيرا ومعنى ومقاصد، ما فتئت هذه المرأة - وقد دخلنا نحن العرب عالم النساء الثقفوت المائلات لنزوات ورغبات الغرب -  تظهر بها، خصوصا بعد اقتحامها مجال السياسة  خلال عشرية سوداء لم تُفِد الشعب التونسي في شيء، وجلبت له أشكالا متظاهرة بالإصلاح وخدمة البلاد، تبيّن من بعد دخولها مضمار السياسة أنّها عناصر انتهازية ارادت ركوب الشعب التونسي، لا يختلف فيها رجال مع هذه المرأة الحالمة بالتربّع على كرسي الحكم في تونس ولعل أمريكا اقترحتها لأجل أن تبسط واشنطن سلطانها علينا، وأهمّ أهدافها بناء قاعدة عسكرية جوية وبحرية بالشمال، في موقع استراتيجي شديد الحساسية، بإمكانه أن يسيطر على قلب البحر الأبيض المتوسط.

فكيف سمحت لنفسها بأن تصدر بيانا دستوريا عنونته بموقف تونس الرسمي؟ ومن خوّل لها ذلك؟  ومثلما سبقها به ابن عمّها محمد الهاشمي الحامدي باقتحامه الساحة السياسية للبلاد بعد سقوط بن علي وهو الذي كان يعيش ببريطانيا، سنوات طويلة، جاء مجرّبا حظّه فباء بفشل ذريع، تلقى فيه من مختلف الولايات التي زارها، ما لم يتوقعه من التونسيين من تقريع وسباب، عاد اثرها خائبا خالي الوفاض مما كان يأمله من مساندة الشعب له، نفس الشيء حصل لألفة الحامدي، العتب الوحيد ملقى على من عيّنها مديرة عامة للخطوط الجوية التونسية يوم 4/1/2021 لكنه وقعت اقالتها بسرعة في 22/2/2021 ( شهر ونصف).

ما هو مؤكّد لدينا ،أنّ هذه المرأة وغيرها من المتربصين بسيادة تونس والعابثين بخياراتها وتوجّهاتها، في رصيدها المخفيّ أجندة أمريكية صهيونية، من ضمن خططها الخطيرة، تفكيك رباط العلاقات الأخوية بين تونس والدول التي تصنّفها أمريكا ضمن قائمتها السوداء، من أمثال الجزائر التي تبذل أمريكا وقوى الغرب جهودا جبارة من أجل حرفها عن موقفها الثابت في مناصرة القضية الفلسطينية ومحورها المبارك محور المقاومة الذي تقوده ايران، ومن سمح لألفة الحامدي باختراق النسيج السياسي والدخول فيه كطرف طامح لنيل شعبية فيه تمكنه من تولّي الحكم بعد ذلك، وتنفيذ الأجندة الأمريكية، بما يحوّل البلاد من دولة مناصرة للقضية الفلسطينية إلى دولة مطبّعة مع إسرائيل، لا تختلف في شيء عن دول خليج فارسي، اصبح تآمرها على فلسطين أوضح من الشمس في رابعة النهار.

فما الذي كانت تقصده هذه المرأة من التهديدات الإيرانية للدول العربية؟ وما هي انتهاكاتها الدبلوماسية على الأراضي التونسية؟ لقد اتخذت ألفة من تصريح السفير الإيراني مير مسعود حسينيان بتاريخ 19/6/2025 بقوله ان ايران ستقوم بردّ عنيف على تدخل أيّ طرف ثالث في الحرب الدائرة بين ايران واسرائيل ، وهذا من حق ايران لا ينازعه عليها أحد ومصدر فخر لكل عربي ومسلم بأنّ لنا دولة مقتدرة بإمكانها أن تردّ الصاع صاعين، بدلا من الخنوع والخضوع الذي يكتنفنا دولا وشعوبا، أما القول المنسوب إلى المستشار الثقافي هادي أجيلي بتاريخ 26/6/2025 باستمرار الحرب وقدرة ايران على صنع قنبلة نووية في أسبوع واحد وان تونس بوابة ايران لإفريقيا وأوروبا فهو مجرّد تشويع ومزايدة عليه، لأنّه ببساطة غير مخوّل له التصريح بهذا الأسلوب لا من جهة النصف الأول من الكلام المنسوب له كاستمرار الحرب فهو دبلوماسي ثقافي وليس من اختصاصه الحديث عن ، ولا عن صناعة القنبلة النووية في أسبوع وفتوى قائده محرّمة لها.

كلام ألفة الحامدي فيه مزايدات متعمّدة، وتشويه لسياسة إيران الخارجية، التي يشهد لها العالم بأسره نزاهتها ونقاوتها، مع بلدان تحتفظ بعلاقات دبلوماسية معها شرقا وغربا، سواء كانت على أعلى مستوى لها كالسفارة فوق العادة، أو على أخفضه كالاقتصار على العمل القنصلي الخاص بالمواطنين المقيمين في الخارج، وغيرها من الاعمال الدبلوماسية، كمنح التأشيرات للأجانب الراغبين في زيارة ايران، ولم يؤخذ على ايران دبلوماسيا انتهاك لسيادة دولة من الدول الشقيقة والصديقة، حتى يقع اعتباره نموذجا يمكن أن يُحْسَب تهديدا  لأمنها، وعاملا من شأنه أن يؤثر عليها ولو كان بسيطا.  

العالم بأسره مدرك تماما - بما فيهم رئيس الفة الحامدي دونالد ترامب - أن ايران لا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية، لكن خوف أمريكا والغرب من تقدّم نووي كبير تتجاوز فيه ايران منظومة الغرب النووية لتنفرد بإمكانات جبّارة تتفوق بها عليهم في مجالات الذرة المدينة الواسعة كالطب والطاقة وغيرها من القدرات التي بقيت حكرا على الغرب، هذا زيادة على أن مدير منظمة الطاقة الذرية الدولية رافائيل غروسي كان صرح بأن المشروع الإيراني النووي ليس فيه شبهة مجال عسكري، مستدركا خطأه قبل ذلك والذي تسبب في العدوان الصهيوني والامريكي بعد ذلك، فعن أيّ تهديد إيراني قصدت ألفة الحامدي؟

تلفيقات غروسي وايهاماته التي استغلها أعداء ايران ليشنوا عليها عدوانا جبانا تعاونوا فيه مع عملائهم بالداخل، دفع بإيران الى الردّ بأكثر قوة وعزم بما لم يكن يتوقعه النائيون بأنفسهم عنها خوفا وحسدا وبغضا، وقد رأينا رغم التعتيم الذي مارسه الصهاينة على الأماكن المستهدفة بالصواريخ الإيرانية، بحيث لم يُسْمَح للصحافيين بنقل نتائجها، بالتواجد على عين المكان بعد إصابة أهدافها، وعلى اية حال كانت الضربات التي تواصلت 12 يوما كافية، لكي نتلجأ إسرائيل الى أمريكا بطلب وقف اطلاق النار من جانب واحد، وهذا بحدّ ذاته انتصار إيراني رائع، يفرح قلوب أهلنا بغزّة، ويعطيهم أملا مضاعفا بالخلاص القريب من هذا السرطان الخبيث.

وما كان الرئيس التونسي قيس سعيد تابعا لأحد من الدول، خلافا لما كان عليه بورقيبة وبن علي، بل كان مثل تونس كأحسن ما يكون داخليا وخارجيا، المشكلة ليست في قيس سيعد وإنما في ألفة الحامدي ومن كان على شاكلتها في طمس الحقائق، والظهور بمظهر الكاذبين الذين يستهويهم الغرب بما فيه من عداء لأي نظام مستقل يرفض التبعية، ويؤسس لمرحلة جديدة من العزّ والاستقلال، ولو كانت ايران منتهكة فعلا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لما أقدمت الدول 5+1 على ابرام اتفاق مع ايران، وهذا وحده كاف لردّ مزاعم الفة الحامدي وكل من اعتمد أوهامها، ولم يكن خروج ترامب منها، الا لأنه كان يسعى إلى إدخال بنود أخرى إلى الإتفاقية، منها تحديد مدى الصواريخ البالستية، والتقليص من قدرات ايران العسكرية، حتى لا تشكل خطرا على إسرائيل، واجبارها على التخلّي عن محور مقاومتها، وبالتالي إخراجها من تعهدها الأساس، الذي دعا اليه قائد ثورتها الراحل الامام الخميني رضوان الله عليه، وثبت عليه قائدها الحالي الخامنئي في تحرير فلسطين كاملة وانهاء الكيان الصهيوني من على أرضها، وهذا ما لا يمكن أن تقبل إيران بالتخلي عنه.

بمنتهى الوقاحة والجرأة انخرطت الفة الحامدي في سلسة من بث أكاذيب على الرئيس التونسي قيس سعيد، وعلى ايران بانتهاك ميثاق الجامعة العربية باستخدام الاراضي التونسية كمنصّة لتهديد الدول العربية، وليت شعري من أين جاءت بهذا البهتان المبين، ألا لعنة الله على الكاذبين الذين لا دين لهم ولا انانية تردعهم عن ركوب دابة شياطينهم، ما قاله الدبلوماسيون الإيرانيون في تونس تعبر على الدول المشاركة لإسرائيل في العدوان على الأراضي الإيرانية، فما حول ايران من قواعد عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية، هي التي تمثل تهديدا لإيران والمنطقة وليس فيها ما يدعوا لبقائها هناك، فدول المنطقة وحدها، بإمكانها تحقيق اعلى قدر من الامن بما تمتلكه من قدرات، انما تواجد تلك القواعد فقط من أجل السيطرة على منابع الطاقة ( نفط وغاز)، فضلا عن تهديد الدول الممانعة كإيران.  

ألفة ألفت مواقف أمريكا والغرب تجاه ايران وتبنّتها جميعها، بل وزادت عليها بأن دعت الى تكرار نفس خطيئة بورقيبة  بقطع علاقات تونس مع ايران سنة 1987 على خلفية واهية وادعاء كاذب، متماهيا مع رغبة أمريكا ، وهنا تُسْقِط هذه المرأة قناع داعية اصلاح لتظهر بمظهر المتواطئة مع أمريكا والسائرة في ركابها، ولو تمكنت من السلطة لباعت البلاد بما ترتضيه دولتها اللاجئة إليها ومتفيأة ظلالها، وليتها تعود الى تونس، لتقف على أنها مجرّد بيدق أمريكي، لا تملك من الشعبية تُذكر، وما في رصيدها سوى أيتام أمريكا والغرب الصهيونية، تونس تبقى عصيّة على هذه المرأة وأشباهها، في ظل وعي شعبي يرفض الانسياق وراء مشبوهين وراء مغامرات


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/29



كتابة تعليق لموضوع : ألفة الحامدي تونسية بإيعاز أمريكي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net