دور الأسرة في التربية والنمو الأخلاقي (مرحلة الدراسة الابتدائية) (3)
كامل حسين الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كامل حسين الجنابي

ماجستير- مناهج وطرائق تدريس
قال رسول الله (ص):{إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق} إن الإسلام هدفه الأخلاق، وعبر كتابه القرآن الكريم، فهو أصل كل أخلاق وتخلق ومرجعهما إلى نهاية الكون.. وكان الرسول (ص) (خلقه القرآن الكريم) فهو القرآن الناطق في حياته السلوكية من حيث الأخلاق الفاضلة التي أمرنا الله تعالى بها: حيث قال الله تعالى:{لَقَدْ كانَ لَكمْ فِيهِمْ أسْوَة حَسَنَة لمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}
إن السلوك الأخلاقي يؤمِّن السعادة للإنسان فأساس الأخلاق البحث عن الخير في كل شيء. وتحدد أخلاق شخصية الإنسان وأن العادات الحسنة تثبت الفضائل الأخلاقية وهذا ما أشار إليه علم النفس بالتوجه الذي يصنعه التكرار والاعتياد والذي يقود إلى السلوك.. إن الأخلاق هي التي تحدد المدنية والتطور في جميع المهن والاختصاصات والأعمال.. إن الأخلاق فرع من كل تنظيم اجتماعي أو اقتصادي أو ديني، فالأخلاق إذاً أساسية في كل تنظيم مدني.. ولا أخلاق بدون عدالة ولا عدالة بدون أخلاق.. وأكثر من ذلك لا دين ولا دولة ولا سياسة ولا اقتصاد ولا مجتمع بدون أخلاق.. ويحكم الضمير الأخلاقي كحاسة أخلاقية قوية في كل إنسان عبر التعاطف ورصد الإتقان والأمانة والخير في كل عمل.
عندما يذهب الطفل إلى المدرسة تبدأ مشاركة المدرسة الأسرة والمجتمع المحلي بالتربية الخُلقية التي تؤمن السعادة للإنسان.. وقد أكد الرسول الكريم (ص) على ذلك بقوله: (رحم الله عبداً أعان ولده على بره بالإحسان إليه والتألف له وتعليمه وتأديبه). وهكذا بين أن للوالدين دوراً اساسياً في غرس الأخلاق الحميدة لأبنائهم وكثيراً ما تتأثر نفوس الأطفال بالإيحاءات- السلبية أو الإيجابية- التي تصدر من الأبوين تجاه الطفل.
كذلك يقول الإمام علي (ع): {خير ما ورث الآباء والأبناء الأدب}.
في هذه المرحلة يحل المفهوم العام لما هو صواب وما هو خطأ وما هو حلال وما هو حرام محل القواعد المحددة، وتحل المعايير الداخلية تدريجياً محل الطاعة للمطالب الخارجية، ويزداد إدراك قواعد السلوك الأخلاقي القائم على الاحترام المتبادل وتزداد القدرة على فهم ما وراء القواعد والمعايير السلوكية.
وعند الانتقال من الطفولة المبكرة إلى الطفولة الوسطى يصدر الطفل أحكاماً أخلاقية على أساس الثواب والعقاب المتوقع فقط فالسلوك الحسن أو الصحيح الذي يثاب عليه الطفل.
وفي النصف الثاني من هذه المرحلة تتمدد الاتجاهات الأخلاقية للطفل عادة في ضوء الاتجاهات الأخلاقية السائدة في أسرته ومدرسته ووبيئته الاجتماعية وهو يكتسبها ويتعلمها من الكبار ويتعلم ما هو حرام وما هو صح وما هو خطأ وما هو مرغوب وما هو ممنوع..الخ ومع النمو يقرب السلوك الأخلاقي للطفل من السلوك الأخلاقي للراشدين الذين يعيش بينهم.
وفي هذه المرحلة نلاحظ أن الطفل يدرك مفاهيم أخلاقية مثل الأمانة والصدق والعدالة الطفل قد حقق توازناً بين أنانيته وبين السلوك الأخلاقي وتكون درجة تسامحه قد زادت ويلاحظ هنا أيضاًً ما ذكرناه من نمو الضمير والرقابة الذاتية على السلوك نسبياً.
ويعتبر الحكم الخلقي نتاجاً كما تعلمه الطفل في البيت والمدرسة من معايير اجتماعية خاصة بالصواب والخطأ والحقوق والواجبات ويتوقف ذلك أيضاً على مدى تعلم الطفل السلوك المناسب للظروف المختلفة وهنا تأتي أهمية سلوك الوالدين كنماذج يحتذ بها الأطفال في سلوكهم.
وفي هذه المرحلة يكون السلوك الصحيح هو السلوك المقبول والموافق عليه والذي يمتدحه الكبار أصحاب السلطة ويسعى الطفل لتجنب الشعور بالذنب بسلوكه بطرق تتفق مع التقاليد الاجتماعية السائدة في ثقافته.
يتأثر النضج الأخلاقي وبحسب مدى تمسك الطفل بالمعايير والقيم المألوفة بالنضج الاجتماعي من جهة وبالنضج الديني ومدى التزامه بالعادات والتقاليد وانعكاساته إزاء الخير والشر من جهة أخرى.
وقسم (كوهلبيرج) النمو الأخلاقي إلى مراحل هي:
1. يركز فيها على طاقات وامكانات ذوي السلطة وعلى ضرورة ان يرضي الضعيف القوي ليتجنب عقابه ويعمل على تجنب أغضاب الكبار ذوي السلطة الذين في إمكانهم عقابه.
2. يركز فيها على دافع الذة (السرور) ويسلك للحصول على ما يريده من الآخرين ويكون لديه شعور بالتبادل المبنى على قيم نغمية مع عدم التدخل في الشؤون الآخرين أو قيمهم.
3. يركز فيها على الحصول على موافقة من يهمهم أمر الحكم على سلوكه مباشرة ويرى إن العدالة متبادلة أو فيها مساواة بين الأفراد.
4. مرحلة أخلاقيات القانون والنظام ويركز فيها الطفل على مسايرة القواعد والمعايير السلوكية والعدالة تعني التبادل والمساواة بين كل الأفراد في النظام الاجتماعي.
إن أحسن صفة للإنسان هي الأخلاق ويقول الرسول الكريم (ص): {إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً} فعلى كل إنسان مسلم أن يتخذ من أخلاق الرسول (ص) وأهل بيته (ع) أسوة حسنة ليكون سعيداً في الدنيا والآخرة ومثلاً يحتذى به أطفاله وعائلته.. والله الموفق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat