صفحة الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني

مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم (شارع السدرة)
اسعد عبد الرزاق هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كنت كلما أقرأ أو أسمع شيئا مؤثرا أعدّه في جدول جلستي المعتادة عصر كل يوم، مع الأستاذ عبد الرزاق الحكيم.

قرات عن جرير عبد الحميد، ولتعريفه، هو الإمام الحافظ، القاضي الثقة، رجل كوفي، يقول جاءنا حديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" إنه قال (لعن الله قاطع السدرة) وعادها ثلاث مرات ولا أحد يعرف معنى هذه النبوءة.
قال الأستاذ عبد الرزاق، هذا الحديث من الأحاديث الاستباقية (النبوءة) 
والسدرة، هي سدرة باب الحسين "عليه السلام" والذي سمي شارع السدرة باسمها،
ظهرت عداوة هارون العباسي في المدة الأخيرة من حكمه، حين بلغ منه الحقد على العلويين، وعلو مكانتهم في القلوب العامة، والخاصة، حيث توجهت النفوس، وتهافت الزوار على كربلاء.
برهة صمت، وابتسامة من ابتساماته المعهودة، وقال هناك قصة تاريخية نقلها لنا الدكتور عبد الجواد الكليلدار، يقول، إن الرشيد هارون أثيرت حفيظته مما شاهده لحرم الحسين "عليه السلام" من التعظيم، وحسن الإدارة، والتقديس، والعناية التامة من قبل الخدم، والسدنة القائمين على خدمة المرقد.
سألت الأستاذ عبد الرزاق، وهل عرفنا التاريخ بهوية سادن الحرم؟
أجابني، نعم هو أحمد بن فرج بن أبي داوود، بعث عليه لمعاقبته، وفعلا حضر أمام هارون، فساله عن سبب وجوده عند القبر، ومن سمح له أن يكون سادنا على الحرم، أجابه، أن الحسن بن راشد قد وكله في هذه المهمة، فأمر بإحضار الحسن بن راشد، وسأله نفس السؤال، فأجاب الحسن:
ـ إن الذي أمر بذلك، هي أم موسى، زوجة المنصور، وأم المهدي، وجدة هارون، وأن يعطى السادن كل شهر ثلاثين دينارا.
زاد هذا الموقف من سخط الرشيد، ولكن كظم غيظه، وعزم على عمل هو أكبر منه، معاقبة السادن ابن أبي داود، أو معاقبة الحسن بن راشد، أمر بأن يرجع ابن أبي داود إلى وظيفته في الحرم المقدس، عقبت بجملة كانت في قاع قلبي:
ـ كيف استطاع أن يسيطر هذا الرجل على أحقاده؟
 أجاب الأستاذ عبد الرزاق:
ـ أمر بهدم القبة السامية، والدور المجاورة، واقتلاع السدرة، وحرث الأرض ليمحي كل أثر للقبر.
ذكر السيد محسن الأمين، نقلا عن السيد محمد بن أبي طالب في تاريخه (تسلية المجالس) فيقول وكان عليه (أي قبر الحسين عليه السلام) مسجدا فخربه، وقطع السدرة التي كانت ثابتة عنده، وكرب موضع القبر.
قلت: ـ يبدو أنهم تحاملوا على السدرة كثيرا، لان الزوار يستظلون بها، فقال:
ـ اقترن التهديم بقصة السدرة التي كان الزوار يستدلون بها على قبر الحسين "عليه السلام"، ويستظلون بها، أمر الرشيد العباسي بقلعها، ومن هذا الأثر عرف الناس معنى نبوءة النبي "صلى الله عليه وآله" حين لعن قاطع السدرة.
والسدرة كانت موجودة إلى زمن هارون العباسي، واسم السدرة اقترن بالقبر الشريف، حين أطلق على الباب الشمال الغربي للمرقد (باب السدرة) والشارع الذي يقابله (شارع السدرة)، قلت اسأله:
ـ وكتب التاريخ، هل ذكرت شيئا عن السدرة، وما تمتلك من أهمية في نفوس الشيعة؟ أجابني: ـ الكثير من المؤرخين كتبوا عن السدرة، المستشرق الدكتور جون هيلوستر في كتابه (شيعة الهند) أكد على وجود هذه الشجرة، لكن أطلق عليها شجره (إنجاص) أي الأجاص، الكمثرى، قلت أخمن الموضوع، ربما كان هناك أكثر من شجرة؟
 أجابني الأستاذ عبد الرزاق، بأن أحدى روايات الشيعة تنص على أن بعض المحبين لأهل البيت "عليهم السلام" كان قد أشّر على مكان قبر الحسين "عليه السلام" بزرع شجرة الأجاص كعلامة، والذي هدم القبر، واقتلع السدرة، هو والي الكوفة من قبل الرشيد، موسى بن عيسى بن موسى، ومات الرشيد في نفس السنة التي هدم بها المرقد الشريف، وسرعان ما بني المرقد ثانية.
وشارع السدرة يمتد من مقام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى شارع الحائر الحسيني، مقابل باب السدرة، تنتشر في هذا الشارع المحلات التجارية، والفنادق السياحية، ويتفرع منهم شارع مهم آخر، قبل الوصول إلى العتبة الحسينية المطهرة بعشرات الأمتار، إلى اليسار المتوجه لصوب مرقد الإمام الحسين "عليه السلام" سمي شارع صاحب الزمان.
أضاف الأستاذ عبد الرزاق الحكيم، في عام 1935 م جرت حملات تهديم واسعة في كربلاء، فمن المتصرفين ممن أوكلت له مهمة تهديم منارة العبد، المتصرف (صالح جبر) ومنهم من أولت له الحكومة تهديم المدرسة الزينبية، وموقوفاتها، ومدرسة حسن خان، ومواقع أخرى، ومتصرف كربلاء طاهر القيسي قام بتهديم جامع رأس الحسين "عليه السلام" ومواقع أخرى.
صمت برهة وكأنه يريد أن يتذكر شيئا، ثم قال، كانت هناك أميرة هندية اسمها "تاج دار بهو" هي التي بنت حسينية "تاج دار بهو" في شارع السدرة، لكربلاء عام 1882 م.
في خمسينيات القرن العشرين، صارت توسعة المدينة القديمة فشطرتها إلى نصفين، ثم تعرضت إلى القصف أيام انتفاضة عام 1991م، ومن ثم أزيلت بالكامل لأعمال التوسعة، وكانت مساحة الحسينية مع الدور المجاورة بالإضافة إلى القصر 1400 م، وتحتوي على خمسة وثلاثين غرفة، وقاعة كبيرة.
شارع السدرة شارع حيوي، فيه محلات تجارية، تستمد شهرته من مقام علي الأكبر "عليه السلام" ومقام عبد الله الرضيع "سلام الله عليه"، وهو من الشوارع الجميلة في كربلاء، ومن أهم الشوارع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبد الرزاق هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/18



كتابة تعليق لموضوع : مذكرات أقدم مدرس تاريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم (شارع السدرة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net