صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

 فقه المشاركة في السلطة / ١
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 باتت مسألة إدارة الدولة ومسك زمام الحكم والمشاركة في ذلك بمختلف مستويات المشاركة ، سياسياً ، وظيفياً .. وما يتبعها من أمور وإلتزامات ، كالمشاركة في الانتخابات والدعم والمناصرة بكافة أنواعها .. من المسائل الابتلائية بل من أهمها ، لارتباطها بدين المؤمن ومعيشته ارتباطاً وثيقا ..
ونحن على أعتاب الانتخابات البرلمانية - في العراق - وما يصاحبها من أخذ وردّ ، إرتأيت أن اقرأ في كتاب ( فقه المشاركة في السلطة ) وهو أحد الموضوعات المبحوثة في دروس الفقه الاستدلالي للشيخ المرجع محمد اليعقوبي دام ظله ضمن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وستكون قرائتنا هذه بصوت عال معكم وشديدة الاختصار إن شاء الله وضمن حلقات ، هذه أولها :

يشرع سماحته في تثبيت أصل لا خلاف عليه إسلامياً وهو أن لا ولاية ( سلطة أو حكومة ) لأحد على أحد إلا لله تعالى ، ثم لمن يخوّله جلّ وعلا في هذه الولاية من نبي ووصي نبي .. حتى تصل النوبة الى الفقيه الجامع للشرائط بحسب معتقدات وثوابت مدرسة أهل البيت عليهم السلام ..
غير أن سماحته لا يساوي بين فقيه الإفتاء وفقيه الولاية ، حيث يشترط في الفقيه الذي له حق الولاية على الناس أن تكون لديه مؤهلات القيادة والسلطة أولاً ثم يكون ممن يؤمن بولاية المجتهد على الأمّة ..
ثم ينتقل سماحته بعد ذلك الى تنقيح مصطلح ( السلطان العادل ) والذي يستعمله الفقهاء في عدّة ابواب فقهية وترتبط به الكثير من المواضيع والأحكام المهمّة ، كالقضاء وإقامة الحدود وإقامة صلاة الجمعة وأخذ الزكاة ومنها مسك زمام السلطة والولاية على الناس .. ويصرّح دام ظله بأن الفقهاء بحسب تتبعه لم يوضحوا ضابطة تحديد السلطان العادل وهل هو العادل اعتقادياً أم من حيث ممارسته للسلطة أم ماذا ..!!

وعلى هذا فإنه دام ظله يقرر بأن السلطان العادل بحسب الإصطلاح الشرعي والذي إليه صلاحيات الولاية والقضاء وإقامة الجمعة .. الخ هو اما المعصوم أو نائب المعصوم ( الفقيه الجامع للشرائط ) ، وكل ما عدا ذلك فهو سلطان جائر شرعاً حتى وإن كان حكمه عادلاً بحسب العرف كما يقال عن عمر بن عبد العزيز .. ويرتبط بهذا العنوان أمور ثلاثة :

الأول : يُشترط في السلطان العادل الشرعي أن يكون عادلاً فعلاً وفق الشريعة الإسلامية ، أي مطبّقاً لشرع الله من الناحية التنفيذية والتطبيقية .

الثاني : من يحكم بإذن السلطان العادل الشرعي لا يُعتبر سلطاناً عادلاً ولكن بنفس الوقت ليس من مصاديق السلطان الجائر ، فللسلطان العادل أن يكلف غيره ببعض شؤون السلطة والولاية ولكن بعد أن يأخذ منه التعهدات اللازمة لذلك .

الثالث : على الأمة أن تعطي للفقيه حقه في السلطة ، وعلى الفقيه أن يسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ولايته وصلاحيته في السلطة وبحسب المتيسر له ..

وبعد الفراغ من تنقيح عنوان السلطان العادل ومَن الذي ينطبق عليه هذا العنوان ، وتبيّن أن السلطان العادل هو المعصوم والفقيه الجامع للشرائط ومن جملة هذه الشرائط الأهلية أولاً وأن يكون هذا الفقيه ممن يقول بولاية الفقيه العامة ثانياً .. إنتقل سماحته الى بيان حكم الولاية للسلطان العادل ، وقال :

لا خلاف ولا إشكال في أن حكم الولاية للسلطان العادل هو الجواز بالمعنى الأعم ( ما يعمّ الواجب والمستحب والمباح ) ، والولاية تعني ( العمل ضمن الجهاز الحكومي للسلطة ) ، بل هي راجحة لما فيها من المعاونة على البر والتقوى والإنضمام الى المشروع الإلهي الذي يقوده ولي الأمر الذي أمر الله بطاعته ..
بل قد تصل الولاية الى الواجب العيني إذا اختار السلطان العادل أحداً لإحدى مهام السلطة مع فرض انحصار أداء المهمة به .. بل لا يتوقف الواجب على القبول وإنما قد يتطلب الواجب الى السعي في تحصيل مقدّمات الفوز بتلك المهمة وذلك التكليف ممن لديه تلك الصفات ..

ثم أن سماحته علّق على إطلاق رجحان الولاية للسلطان العادل ، وقال : لا يصحّ اندفاع كل شخص لتولي أمر من أمور المسلمين رغبةً في هذا الرجحان ، وإنما يجب اشتراط اتصاف المتصدي بالأهلية المناسبة للوظيفة التي يراد إشغالها ..

وأشكل سماحته على المنهجية التي تعتبر إعانة السلطان العادل سبباً لحصول قدرة السلطان على حكمه ، وقبل حصول هذه القدرة فإن الوجوب يسقط على السلطان وبالتالي فإن المعونة تعتبر من مقدمات الوجوب لا من مقدمات الواجب ..!! في حين أن الصحيح - كما هو رأي سماحته - أنها من مقدمات الواجب ، ومقدمات الواجب واجبة عكس مقدمات الوجوب .. وذلك لأن نفس وجود السلطان العادل مقدمة لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. يتبع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/06



كتابة تعليق لموضوع :  فقه المشاركة في السلطة / ١
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net