الاستعمار البريطاني... و هوية العراق المسلوبة و التراث المستباح
ا. غالب الحبكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ا. غالب الحبكي

يعتبر أن السومريين هم أول من وضع أسس الموسيقى وصنعوا آلاتها، فهم لم يكونوا مجرد مستخدمين للإيقاعات، بل طوروا نظريات موسيقية ونظاماً صوتياً متكاملاً آنذاك، مما أدى إلى صناعة أول الآلات الموسيقية وهي "القيثارة السومرية"، التي كانت تعرف باسم قيثارة سومر أو قيثارة أور السومرية، وهي آلة وترية تُعد من أقدم الآلات الموسيقية في التاريخ. تم العثور عليها عام 1929م من قبل عالم الآثار البريطاني ليونارد وولي في مقبرة أور الأثرية في جنوب العراق، إلى جانب ثلاث قيثارات أخرى، إحداها تحتوي على رأس ثور، ويعود قدمها إلى حوالي 4500 ق م ، تشير الدراسات الى أن هذه القيثارات كانت تستخدم في طقوس العبادية والتراتيل الدينية للآلهة والملوك، حيث اعتقد السومريون أنهم النصف الآخر للآلهة.
هناك نسخ أخرى من القيثارات، إحداها "القيثارة الفضية"، التي تم تهريبها الى المتحف البريطاني في لندن، كما أن النسخة الثالثة، الاكثر وتطوراً، لم تسلم من السرقة والتهريب، وهي موجودة حالياً في متحف فيلادلفيا في الولايات المتحدة، في ولاية بنسلفانيا.
إن تاريخ العراق القديم والحديث، يعرض للنهب والاستلاب الممنهج، الذي مارستة القوى الاستعمارية بحق حضارة وادي الرافدين، لكونها تمتلك إرثاً يمتد لالاف السنين اطلق علية تسمية مهد الحضارات،لذا كان هدفاً جبهوياً مستمراً لهذا السلب الممنهج، كما أن الاحتلال البريطاني استهدف إعادة تشكيل وبناء الهوية الثقافية من خلال أدوات السيطرة والاستحواذ، منذ تأسيس مملكة العراق، وحتى يومنا هذا ، إذ لعب الاحتلال دوراً رئيسياً في سرقة ونهب كل ما ينتمي لحضارة بلاد الرافدين. استمر الاستباحة الثقافية من خلال تنصيب سكرتير الحاكم البريطاني في العراق "المس بيل"، التي تولت إدارة المتحف العراقي، وجميع عمليات البحث والتنقيب تحت هذا الغطاء، حتى تشكيل حكومة عراقية تحت سلطة الاحتلال.
كان دور "المس بيل" يتمثل في تشييد أول متحف تحت عنوان "متحف الآثار العراقية"، الى جانب دائرة الآثار، كما أنشئت بالقرب منه أول مطبعة للحكومة العراقية آنذاك. كانت المس بيل هي المتصرف الأول دون منازع، فذهبت الآثار العراقية نهباً، وانتقلت الى مكتبات ومتاحف أوروبا، والتي امتلأت بتراث بلاد الرافدين المستباح.
لم تكن اوربا وساستها بعيدين عن سرقة الآثار، فقد امتدت أياديهم إلى كل شيء. طال النهب مسلة حمورابي فهي التي ترسم وتجسد فلسفة القانون الأولى التي وضعت قواعد العدالة في المجتمع الاول على وجهه الكوكب موجودة حالياً في المتحف الفرنسي في باريس .
أما مسلات كليوباترا، هي ثلاث مسلات فرعونية قديمة، نقلت الى عدة دول، احداها، لندن والاخرى في باريس، وثالثة في نيويورك،وهذه المسلات مرتبطة مباشرة بالملكة كليوباترا، لكنها تعد الى الحضارة الفرعونية القديمة، أما رأس نفرتيتي، فهو تمثال شهير للملكة نفرتيتي، زوجة إخناتون، ويعد من أبرز القطع الأثرية المصرية، الموجودة في متحف برلين في ألمانيا، والجدل الدبلوماسي، ومطالبات مستمرة من مصر حول لاستعادتها.
اما قضية التماثيل الرخامية اليونانية، رخاميات البارثيون،و التي تم نقلها إلى متحف لندن قبل حوالي 170 عاماً، وسط مطالبات يونانية بإعادتها.
كما طال النهب أكبر ماسة هندية في العالم، ماسة كوه نور، التي انتزعت من الهند خلال الحقبة الاستعمارية، حيث أغتصبت من قبل الملكة فيكتوريا، بالتالي أصبحت جزءاً من التاج الملكي البريطاني، مما أثار مطالبات بإعادتها من قبل الهند.
لم تتوقف بريطانيا وسرقتها للاثار وتراث الشعوب، ولم بل طالت معتقدات الشعوب، وسرقت ربهم ومعبودهم، اذا طالبت" حكومة بورما و سري لانكا، بريطانيا من إعادة معبودهم الذي سرقوه، والسبب الذهب الخالص الذي صنع منه تمثال "بوذا" وهو الآن محتجزاً في متحف ڤيكتوريا.
لعبت القوى الاستعمارية صناعة الثقافة الموجهة للشعوب من خلال الادوات كان أمتداد لمنظمومة محكمة تحت مايسمى المتاحف العالمية والمكتبات، التي سرقت على غرارها آرث الشعوب المنهوب، ليس غريباً على بريطانيا وقبح الله أفعالها بهذا الشكل الاجرامي الفاسد، سيطرتها يصبح مباحاً مستباحاً، ولا تزال صفحات التاريخ السوداء شاهدة على الدجل والشعارات الفارغة الكاذبة، وما يسمى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat