في زمن تعرض فيه الكرامة في مزادات المصالح، وتسحق فيه الشعوب تحت رحى الأسواق المفتوحة، يغدو العربي سلعة بلا حماية، وهوية بلا حصانة، العولمة التي وعدنا بها كنافذة على العالم، تحولت إلى طاحونة تفرم الهشاشة، وتعيد تدويرها في شكل تبعية اقتصادية وسياسية وفكرية، أما الأمة العرب، فباتت تقايض على موائد الكبار، تباع رموزها وتشترى مواقفها، بينما يظل المواطن العربي يتأرجح بين الاغتراب والاحتراق.
هكذا أمسى العرب... فقد كنا ننام ونحن نحتضن بعضنا، نغفو على ملة الإسلام، نهمس بأذكار المساء، نسلم القلب لله، ونحمده على البقاء، أما اليوم، فقد تغير كل شيء ،اليوم نحتضن الهاتف بدلاً من الأحبة، نغرق بين ضجيج الصور والمجموعات، نلهث خلف فيديوهات كالمجانيين، وهي لا تحفظ لنا روحاً، ولا تترك لنا أثراً، نغفو دون أن نعلم، دون أن نذكر، دون أن نسلم، وعندما نصحوا نفتح أعيننا على ضوء أزرق لا يضيء القلب، ولا يوقظ الضمير.
هكذا بدأ "أبو ناصر" كلامه بمرارة ولوم كأنه يلومنا ولا يلوم نفسه، كلمات كأنها جلد الذات.....لعل وعسى نعترف لمرة واحدة لنقول "لقد خسرنا أنفسنا، وضاع كل شيء." وهل يبقى السؤال هناك.. يقرع أسماع اسماعنا.
هل ياترى نحن ضحايا هذا الكون ما يسمى "تداخل الحضارات"...؟
أم أننا فشلنا في تربية الاجيال، فتركنا الجذور تتعفن، وهويتها تنهار، وتتهاوى أمام كل صيحة خبيثة؟
هل سلبتنا الموضة هويتنا الخاويه، أم أن العولمة، والحرية الزائدة أسقطت تلك القيم والتقاليد التي نتباها بها فخسرنا الرهان ، فتمردت الشعوب، وانهزمت، ومرضت، وتاهت مابين نرجسية لا تشبع ولا تنقذ؟
لقد انزلقت الأمة على أبواب الترف، فأزداد تفككها وهلاكها، دون قيد أو شرط، و غرقت وسط أمواج التشرذم، والتفتت، والانهزام، وهي على جرف بحار الفتن، لا ندري إن كنا سنغرق أم نعود؟
أم نحن بحاجة الى صحوة جديدة أو الى لحظة صدق.....لحظة واحدة نكون فيها صادقين مع أنفسنا، ولو لمرة واحدة كي نستعيد ترتيب أرواحنا الضائعة، وحياتنا المفقودة.


التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!