انها البصرة .. المدينة السر !
عادل علي عبيد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عادل علي عبيد

على اديم الأُبلة الدهناء الخُريبة الزابوقة الباطنة الزاوية المربد العالية ..نسج التاريخ حكاية للرمل والنخل والهور ، بعدما اشتعلت الحجارة الرخوة والصلبة ، في ارض (بصرة) ، تحط برحالها مدن الملح ، ومجمعات الكلس ، وممالك الجص ، وتنتشر على انين مساحاتها مخاضات السبخ ، وتداعيات الانغمار ، ومشاهد الجدب ! وكل عوامل الغرابة ، وأسباب ومسببات الحيرة ، ومواطن التيه وعجاب العجب ..هذه وغيرها مما توارى خلف ذاكرة التاريخ ، وجثم على اعتاب الطبيعة ، جعل الابهام المضبب سؤالاً، واللبس المبهم جوابا ، والتشابك اللغزي يؤلف سرا لمدينة يسكنها الضباب ، ويركبها الدخان ، ويستعمرها (الشرجي).
نعم ، كل هذه العوامل تجبرك لان تقلب مرآة رمالها ، والتماعة صخورها ، وطينة غرينها ، وومضات حصياتها ، وامتداد مفازاتها التي انجبت الماء الزلال المالح والمر .. وافاضت عليك بالخضرة والعاقول والبحر . هيا لملم ما تبقى من شجرة اسمها المسميات ، واضغط بعشر اصابعك على بعض بنيات مستغيثات ،ستنبثق وتنسل من بينها جمل واسماء ومكنيات ..لتقرأ عبارات البصر والصبر والصبار ، فالورد الغافي على الانهر المتهادية في ابي الخصيب ، والرمل المحترق على اكتاف (الرميلة) ، والطين المفخور في (اللحيس) و(ارطاوي) ، لا يشبه البتة ذلك الطين البارد في اهوار (صلين) ، والعاقول المتأوه المحترق من لهيب الشمس والنفط ، لا يتعادل والرقص المغنج لقصبات الشاخات المتمايلة على اكتاف جزر (كردلان) ، والملح المنحدر من رحلة البحر السندبادية في (بيشة) الفاو ، لا يعقد آماله على العذوق الارطاب في (كرمة علي) ، والعوسج المتأوه في (الغبيشية) ، لا يلتقي مع برحية تحتضن دارا في محلة (بريهة) ...انها سيدي صورة رسمها الباري ، وسؤال افرده الدهر ينتظر الجواب ، ولكن ، لا جواب !
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat