عالمية الدلالة كونية الفكر
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

، كتاب أصدرته العتبة العلوية قسم الشؤون الفكرية، وعن عبقرتيه ورؤاه وآفاق عصره والأحداث السياسية التي مرت عليه وكثير من المواضيع التي تفتح لنا أبوابا واسعة من التحاور
***
صدى الروضتين:
ـ مؤهلات القيادة عند الإمام جعفر الصادق عليه السلام وتحصينها بالخبرة لا بد أن نجد فيها الكثير من الدلالات الفكرية؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ من أهم الدروس التي يمكن أن تنفعنا في حياتنا العامة هي عمران الفكر الأسري، حين يكون الأب بإنسانية الإمام الباقر والجد زين العابدين إلى منبع الرسالة المحمدية عليهم سلام الله لا بد أن يحصن الأبن بتجارب البيئة المؤثرة، لهذا كسب الإمام جعفر الصادق عليه السلام تفرده العلمي، فجذب إليه أهل العلم والمعرفة ليقول عنه والده الباقر سلام الله عليه (هذا خير البرية) أصول الكافي 1/ 306.
علينا أن ننتبه إلى أمر مهم، أن يمتدح الأب ابنه، قد ينظر إلى هذا المديح من باب العاطفة الأبوية، أو نتيجة ميول نفسية، ولكن هذا التقييم هو تقييم إمام معصوم لإمام معصوم، وهذه العصمة التزام الهي، والقضية الثانية أن إمامة الباقر عليه السلام امتدت عشرين عاما، استثمرها الإمام الصادق عليه السلام وغاص في أعماقها واستوعب معالمها، نحن أمام عالم له استحقاقات العلم اللدني وتجربة مدرسة الأب العظيمة وعوالم الموهبة لهذا سبب الفرادة التي حدثتك عنها.
ومن ضمن مميزات هذا الإمام أنه لقب بالصادق عليه السلام حتى عرف بالقلب وأغناه عن أسمه، الذي أريد أن أركز عليه وجوده العلمي في عصر كثرت فيه الترجمة والامتزاج الثقافي بين الأمم، فوقف بوجه المقالات الخارجة عن روح الإسلام، بمعنى أقرب أنه أنقذ الأمة من متاهات الغلو والزندقة والانحراف العقائدي، فكان نهوض الإمام الصادق عليه السلام، العودة بالضمير الإسلامي إلى واقع الرسالة، نهض الإمام وأتباعه في حملات كبرى أغمض عنها التأريخ طرفا وتجاهلتها كتب السنن والصحاح لاهثة وراء الهراء.
***
صدى الروضتين:
ـ لاستثمار وجودكم الكريم نريد معرفة الأسس الفكرية والسياسية التي اعتمدت عليه مدرسة الإمام الصادق عليه السلام لتكون قادرة على التحدي مع كل الظروف السياسية والفكرية؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ علينا الإيمان بأن الانفتاح الكبير لهذه القيادة هو الذي دفع بالأمة إلى شاطئ الأمن والسلام، وبعدها يمكن دراسة الأسس الجوهرية التي كونت حصانة هذه المدرسة.
أولا...
ـــــــــــــ إنها تعيش حرية مطلقة في رفضها التعاون مع الحاكمين
ثانيا...
ـــــــــــــ هذا التمكن لا يمكن أن يقوم إلا بحالة واحدة هي عدم ارتباطها بعقود مالية، فتكون غير مقيدة بالانصياع القسري لأوامر الطغاة، بل مثلت الاستقلالية في الفكر والعمل.
ثالثا...
ـــــــــــــ خاضت معركة فاصلة بين قوى الخير المستضعفة والقوى الظالمة، قد لا تكون متكافئة من حيث الامكانيات لكنها صلبة مقاومة تحمل إرادة الإصلاح والتغيير الاجتماعي.
رابعا...
ـــــــــــــ تلك مسألة مهمة أن هذه المدرسة لا ترتبط بحدود القيادة السياسية وإنما هي امتداد رسالي لما قبلها تستمد وجودها الفكري والسياسي من مدرسة الإمام زين العابدين عليه السلام في العلم والتقوى والكفاح والعدل، خلاصة التجربة لدى الإمامين الحسنين ويجسد الثبات لمدرسة أمير المؤمنين عليه السلام.
خامسا...
ـــــــــــــ الارتباط الفكري الوعي بالمعرفة، والدين بالسياسة سعت إلى نشر العلم النافع.
سادسا...
ـــــــــــــ هؤلاء الأئمة مثلوا حركة التأسيس لقواعد المنهج الإسلامي ومنهج أهل البيت عليهم السلام.
سابعا...
ـــــــــــــ هذه المدرسة المباركة هي التي جذرت للعالم قواعد حقوق الإنسان سبقت معطيات الثورة الفرنسية ولوائحها الإنسانية، وطاولت الأمم المتحدة من مقرراتها الدولية لصيانة حياة الشعوب، وإنقاذ الإنسان من العسف والظلم والتمييز العنصري.
ثامنا...
ـــــــــــــ علمت هذه المدرسة الثورات بعدم التخلي عن النسمات الروحية الهادئة من الدعاء والنفحات الروحية، من الاحتجاج الهادر في الصحيفة السجادية.
تاسعا...
ـــــــــــــ كانت مدرسة الإمام الصادق عليه السلام متحضرة عالميا لذلك عشقها والتزم بها الجيل المثقف من شتى أقطار الأرض.
عاشرا...
ـــــــــــــ نازلت مدرسة أهل البيت عليهم السلام المعتزلة والمرجئة وأهل القدر والخوارج، فاز عنوانها، وأهم سمة من سمات مدرسة أهل بيت عليهم السلام هي أنها لم تتقوقع على ذاتها، امتدَّ عطاؤها بسخاء ليشمل البناء الإسلام.
***
صدى الروضتين
ـــــــــــــــــــــــــــ يفهم العالم الجهاد بالثورة يغير أنظمة الحكم بالقوة، ويريد العالم منا أن نبين أسباب ابتعاد الأئمة عن منهج الانقلاب على السلطات الحاكمة.
الدكتورمحمد حسين الصغير
ـــــــــــــــــــــــــــ علينا أولا أن نعرف أئمتنا عليهم السلام ومنها نستطيع أن نبين للعالم بعض الأمور الفكرية التي يجادلوننا فيها، يرى ابن أبي الحديد أن فقهاء المذاهب الإسلامية أخذوا علمهم من الأمام جعفر الصادق عليه السلام، رجل بهذه العلمية وفي زمن يراقب الكلمة والحكمة والعلم ويخاف من العلماء كيف تكون حياة الإمام عليه السلام.
القضية تكمن في الخيار بين المهم والأهم، بين أداء الرسالة وبين تولي القيادة، أي بمعنى أوضح أن الإعداد الجهادي غير متوافر الأسباب ولا متكامل العدة ولا يساعد عليه الأفق العام.
الاتجاه إلى التفكير في استلام السلطة، يؤدي إلى سفك الدماء دون الحصول على الأهداف، بيان الأصلح الابتعاد عن التحركات السياسية إمامنا كونه إماما معصوما تلك قضية أخرى، لهذا كان توجه الإمام عليه السلام واضح المعالم، كلام الإمام عليه السلام يرفض المنهج التحاملي ويدعو إلى التريث والحكمة في ضوء المنهج الإقناعي، ويلتزم جانب الصمت مع الجهلة، كان الإمام الصادق عليه السلام مبتكرا ومنظرا ومتمرسا وصاحب نظريات علمية، وثقافة موسوعية فهو صاحب مدرسة وحامل لواء العرفان
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat