تكرار الكلمة في آية قرآنية (ح 8) (يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في موقع الاسلام سؤال وجواب عن التكرار في القرآن الكريم أنواعه وفوائده: أنواع التكرار: قسَّم العلماء التكرار الوارد في القرآن إلى نوعين: أحدهما: تكرار اللفظ والمعنى. وهو ما تكرر فيه اللفظ دون اختلاف في المعنى، وقد جاء على وجهين: موصول، ومفصول. أما الموصول: فقد جاء على وجوه متعددة: إما تكرار كلمات في سياق الآية، مثل قوله تعالى "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ" (المؤمنون 36)، وإما في آخر الآية وأول التي بعدها، مثل قوله تعالى "وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا* قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً) (الإنسان 15-16)، وإما في أواخرها، مثل قوله تعالى "كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً" (الفجر 21)، وإما تكرر الآية بعد الآية مباشرة، مثل قوله تعالى "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" الشرح (5-6). وأما المفصول: فيأتي على صورتين: إما تكرار في السورة نفسها، وإما تكرار في القرآن كله. مثال التكرار في السورة نفسها: تكرر قوله تعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) في سورة "الشعراء" 8 مرات، وتكرر قوله تعالى "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ" في سورة "المرسلات" 10 مرات، وتكرر قوله تعالى "فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" في سورة "الرحمن" 31 مرة. ومثال التكرار في القرآن كله: تكرر قوله تعالى "وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" 6 مرات: في (يونس 48) و (الأنبياء 38) و (النمل 71) و (سبأ 29) و (يس 48) و (الملك 25)، وتكرر قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" مرتين: في (التوبة 7) و (التحريم 9). والثاني: التكرار في المعنى دون اللفظ. وذلك مثل قصص الأنبياء مع أقوامهم، وذِكر الجنة ونعيمها، والنار وجحيمها.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ" (الأنعام 95) الْحَيَّ: الْ اداة تعريف، حَىَّ اسم. الْمَيِّتِ: الْ اداة تعريف، مَيِّتِ اسم. الْحَبِّ: الْ اداة تعريف، حَبِّ اسم. وَالنَّوَى: وَ حرف عطف، ال اداة تعريف، نَّوَى اسم. فالق الحبّ: شاقّه عن النبات. أو خالقه. فالِقُ الحَبِّ و النَّوى: بشقه لينبت منه الزرع. "إن الله فالق الحب والنوى" أي: شاق الحبة اليابسة الميتة، فيخرج منها النبات، وشاق النواة اليابسة، فيخرج منها النخل، والشجر، عن الحسن، وقتادة، والسدي. وقيل: معناه خالق الحب والنوى، ومنشئهما، ومبدئهما، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: المراد به ما في الحبة والنوى من الشق، وهو من عجيب قدرة الله تعالى في استوائه، عن مجاهد، وأبي مالك. "يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي" أي: يخرج النبات الغض والطري الخضر من الحب اليابس، ويخرج الحب اليابس من النبات الحي النامي، عن الزجاج. والعرب تسمي الشجر ما دام غضا قائما بأنه حي، فإذا يبس، أو قطع، أو قلع، سموه ميتا. وقيل: معناه يخلق الحي من النطفة، وهي موات، ويخلق النطفة وهي موات، من الحي، عن الحسن، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم، وهذا أصح. وقيل: معناه يخرج الطير من البيض، والبيض من الطير، عن الجبائي. وقيل: معناه يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. "ذلكم الله" أي: فاعل ذلك كله الله "فأنى تؤفكون" أي: تصرفون عن الحق، ويذهب بكم عن هذه الأدلة الظاهرة إلى الباطل، أفلا تتدبرون، فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم بفلق الحب والنوى، وإخراج الزرع من الحب، والشجر من النوى.
عن مركز الامام الصادق عليه السلام حول التكرار في القرآن: وذَكَرَ بعضَ القَصصِ التي اعْتَبَرَها مُكَررَة، والسورِ المذكورةِ فيها كُلُّ قِصَّة، وهي: "قصة آدم، وقصة نوح، وقصة إبراهيم، وقصة لوط، وقصة موسى، وقصة سليمان، وقصة يونس - الذي سماه يونان، وقصة عيسى صلى الله عليهم وسلم. وكلامُ الجاهلِ باطل، وانتقادُه مردودٌ عليه، فهو يعيبُ ما لا عيبَ فيه، وهو يُخَطِّئُ الصَّوابَ، ويَنتقدُ الصحيح، وإِنَ ذِكْرَ القصةِ القرآنيةِ في أَكثرَ من سورةٍ ليسَ من بابِ التكرارِ المُمِلّ والمُخِلِّ، وإِنما هو من بابِ التنويعِ الهادف، والإِضافةِ الحكيمة، والتناسقِ المعجز. وعندما نتدبَّرُ المواضعَ المختلفةَ التي وَرَدَتْ فيها القصةُ القرآنية، فسنجدُ أَنَّ اللقطاتِ المعروضةَ من القصةِ متناسبة ومتناسقة ومترابطةٌ مع موضوعِ السورة، ومعَ السياقِ الذي وردَتْ فيه، ومتصلةٌ بما قبلَها وما بعدَها، وتَلْتقي مع السياقِ في تحقيق أَهدافِه العلميةِ والإِخباريةِ والتربوية. وفي كُلّ مرةٍ جديدةٍ تُعرضُ فيها بعضُ لقطاتِ القصةِ تكونُ فيها معلومةٌ جديدة، أَو فيها جزئيةٌ جَديدة، تضافُ للمعلومةِ المذكورةِ سابقاً. ولا يَتسعُ المجالُ لتفصيلِ القولِ في هذا الموضوع، ولا لعرضِ الأَمثلةِ التطبيقيةِ من القصصِ القرآني، فإِنَّ الكلامَ في هذا يَطول. إِنَّ من الخطأ الكبيرِ أَنْ نَقولَ: تَكَرَّرَ ذِكْرُ قصةِ آدم - مَثَلاً - في سور: البقرة، والأَعراف، والحجر، وطه، وصَ. والواجِبُ أَنْ نقول: ما هو الجزءُ من القصةِ المعروضُ في سورةِ البقرة، وما الذي أَضافَتْهُ سورةُ الأَعرافِ على سورة البقرة، وما الذي ذَكَرَتْه سورةُ طه أَو الحِجْر أَو صلى الله عليه وآله وسلم، وما وَجْهُ الاتصالِ والارتباطِ بين المعروضِ في سورةِ الأَعراف أَو أَيّةِ سورةٍ أُخرى وبينَ موضوع السورة، والسياقِ الذي ورد فيه إِنَّ هذا التنويعَ الهادفَ الحكيمَ وَجْهٌ من وجوهِ الإِعجازِ القرآني، ومزيةٌ من مزايا القرآنِ العظيمة، وليس مَأخَذاً على القرآن.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ" (الأنعام 95) (الفلق) شقّ الشيء وإبانة بعضه عن بعض. و (الحب) و (الحبة) تقال لأنواع الحبوب الغذائية كالحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات التي تحصد، كما يقال ذلك لبروز الرياحين أيضا. و (النوى) من النّواة، قيل إنّه يخص نوى التمر، ولعل هذا يرجع إلى كثرة التمر في بيئة العرب حتى كان العربي ينصرف ذهنه إلى نوى التمر إذا سمع هذه الكلمة. ولننظر الآن إلى ما يمكن في هذا التعبير: ينبغي أن نعلم أنّ أهم لحظة في حياة الحبّة والنّوى هي لحظة الفلق، وهي أشبه بلحظة ولادة الطفل وانتقاله من عالم إلى عالم آخر، إذ في هذه اللحظة يحصل أهم تحول في حياته. وممّا يلفت الانتباه أنّ الحبّة والنّواة غالبا ما تكونان صلبتين، فنظرة إلى نوى التمر والخوخ وأمثالهما، وإلى بعض الحبوب الصلبة، تكشف لنا أنّ تلك النطفة الحياتية التي هي في الواقع صغيرة، محصنة بقلعة مستحكمة تحيط بها من كل جانب، وانّ يد الخالق قد أعطت لهذه القلعة العصية على الاختراق خاصية التسليم والليونة أمام اختراق نطفة النبات، كما منحت النطفة قوة اندفاع تمكنها من فلق جدران قلعتها فتطلع النبتة بقامتها المديدة، هذه حقّا حادثة عجيبة في عالم النبات لذلك يشير إليها القرآن على أنّها من دلائل التوحيد.
قال الله تعالى عن الحي من الميت "تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" ﴿آل عمران 27﴾، "إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ" ﴿الأنعام 95﴾، "قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ" ﴿يونس 31﴾، "يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ" ﴿الروم 19﴾.
عن كتاب أسرار التكرار في القرآن للمؤلف محمود بن حمزة بن نصر الكرماني: سورة الطور: 492 - قوله تعالى أم يقولون شاعر (الطور 30) أعاد أم خمس عشرة مرة وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها جواب. 493 - قوله ويطوف عليهم (الطور 34) بالواو عطف على قوله وأمددناهم (الطور 22) وكذلك وأقبل (الطور 25) بالواو وفي الواقعة يطوف (الواقعة 17) بغير واو فيحتمل أن يكون حالا أو يكون خبرا وفي الإنسان ويطوف (الانسان 19) عطف على ويطاف (الانسان 15). 494 - قوله واصبر لحكم ربك (الطور 48) بالواو سبق.
وردت كلمة حي ومشتقاتها في القرآن الكريم: يَسْتَحْيِي فَأَحْيَاكُمْ يُحْيِيكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ يُحْيِي الْحَيَاةِ حَيَاةٍ أَحْيَاءٌ فَأَحْيَا أَحْيَاهُمْ الْحَيُّ أُحْيِي تُحْيِي بِيَحْيَى وَأُحْيِي حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا أَحْيَاهَا أَحْيَا حَيَاتُنَا وَيَحْيَى فَأَحْيَيْنَاهُ وَمَحْيَايَ تَحْيَوْنَ وَنَسْتَحْيِي حَيَّ بِالْحَيَاةِ وَتَحِيَّتُهُمْ تَحِيَّتُهُمْ نُحْيِي فَلَنُحْيِيَنَّهُ يَحْيَى يَا يَحْيَى حَيًّا حَيَّةٌ لِلْحَيِّ أَحْيَاكُمْ وَنَحْيَا تَحِيَّةً لِنُحْيِيَ يُحْيِينِ وَيَسْتَحْيِي اسْتِحْيَاءٍ الْحَيَوَانُ وَيُحْيِي فَيُحْيِ لَمُحْيِي فَيَسْتَحْيِي فَأَحْيَيْنَا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat