صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) (الارادة، المن، المستضعفون) (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" المعنى أن فرعون كان يريد إهلاك بني إسرائيل وإفناءهم ونحن نريد أن نمن عليهم "ونجعلهم أئمة" أي قادة ورؤساء في الخير يقتدى بهم عن ابن عباس وقيل نجعلهم ولاة وملوكا عن قتادة وهذا القول مثل الأول لأن الذين جعلهم الله ملوكا فهم أئمة ولا يضاف إلى الله سبحانه ملك من يملك الناس عدوانا وظلما وقد قال سبحانه "فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما" والملك من الله تعالى هو الذي يجب أن يطاع فالأئمة على هذا ملوك مقدمون في الدين والدنيا يطأ الناس أعقابهم. "ونجعلهم الوارثين" لديار فرعون وقومه وأموالهم وقد صحت الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها وتلا عقيب ذلك "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" الآية وروى العياشي بالإسناد عن أبي الصباح الكناني قال نظر أبو جعفر عليه السلام إلى عبد الله عليه السلام فقال هذا والله من الذين قال الله تعالى "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" الآية وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا إن الأبرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته وإن عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه.

جاء في معاني القرآن الكريم عن كلمة استضعفوا: ضعف الضعف: خلاف القوة، وقد ضعف فهو ضعيف. قال عز وجل: "ضعف الطالب والمطلوب" (الحج/73)، والضعف قد يكون في النفس، وفي البدن، وفي الحال، وقيل: الضعف والضعف لغتان (انظر: المجمل 2/562، والبصائر 3/474). قال تعالى: "وعلم أن فيكم ضعفا" (الأنفال/66)، قال: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا" (القصص/5)، قال الخليل رحمه الله: الضعف بالضم في البدن، والضعف في العقل والرأي (انظر: العين 1/281)، ومنه قوله تعالى: "فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا" (البقرة 282)، وجمع الضعيف: ضعاف، وضعفاء. قال تعالى: "ليس على الضعفاء" (التوبة 91)، واستضعفته: وجدته ضعيفا، قال: "والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان" (النساء 75)، "قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض" (النساء 97)، "إن القوم استضعفوني" (الأعراف 150)، وقوبل بالاستكبار في قوله: "قال الذين استضعفوا للذين استكبروا" (سبأ 33)، وقوله: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا" (الروم 54). والثاني غير الأول، وكذا الثالث فإن قوله: "خلقكم من ضعف" (الروم 54)، أي: من نطفة، أو من تراب، والثاني هو الضعف الموجود في الجنين والطفل. والثالث: الذي بعد الشيخوخة، وهو المشار إليه بأرذل العمر. والقوتان الأولى هي التي تجعل للطفل من التحرك، وهدايته واستدعاء اللبن، ودفع الأذى عن نفسه بالبكاء، والقوة الثانية هي التي بعد البلوغ، ويدل على أن كل واحد من قوله: (ضعف) إشارة إلى حالة غير الحالة الأولى ذكره منكرا، والمنكر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدم عرف (وهذا حسب القاعدة: إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أعيدت معرفة، أو أعيدت المعرفة معرفة، أو نكرة كان الثاني عين الأول. قال ابن هشام: فإذا ادعي أن القاعدة فيهن إنما هي مستمرة مع عدم القرينة، فأما إن وجدت قرينة فالتعويل عليها، سهل الأمر. راجع: مغني اللبيب ص 863)، كقولك: رايت رجلا.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) ثمّ تأتي الآية الأُخرى لتقول: إنّ إرادتنا ومشيئتنا إقتضت احتواء المستضعفين بلطفنا وكرمنا "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض" وأن تشملهم رعايتنا ومواهبنا تكون بيد الحكومة ومقاليد الأمور: "ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين". ويكونون اُولي قوّة وقدرة في الأرض "ونمكّن لهم في الأرض ونُري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" ما أبلغ هاتان الآيتان، وما أعظم ما فيهما من رجاء وأمل. إذ جاءتا بصورة الفعل المضارع والاستمرار، لئلا يتصور أنّهما مختصتان بالمستضعفين من بني إسرائيل وحكومة الفراعنة، إذ تبدآن بالقول: "ونريد أن نمن". أي إنّ فرعون أراد أن يجعل بني إسرائيل شذر مذر ويكسر شوكتهم ويبير قواهم وقدرتهم، ولكننا أردنا ـ ونريد ـ أن ينتصروا ويكونوا أقوياء. فرعون يريد أن تكون الحكومة بيد المستكبرين إلى الأبد. ولكنّا أردنا أن تكون بيد المستضعفين، فكان كما أردنا. والتعبير بـ «نمنّ» كما أشرنا إلى ذلك من قبل، معناه منح الهبات والنعم، وهو يختلف تمام الإختلاف مع «المنّ» المراد به عدّ النعم لتحقير الطرف المقابل، وهو مذموم قطعاً. ويكشف الله في هاتين الآيتين الستار عن إرادته ومشيئته بشأن المستضعفين، ويذكر في هذا المجال خمسة أُمور بعضها مرتبط ببعض ومتقاربة أيضاً: الأوّل: قوله تعالى: "ونريد أن نمن" لنشملهم بالمواهب والنعم الخ. الثّاني: قوله: "ونجعلهم أئمّة". الثّالث: قوله: "ونجعلهم الوارثين" أي المستخلفين بعد الفراعنة والجبابرة. الرّابع: قوله: "ونمكن لهم في الأرض" أي نجعلهم يحكمون في الأرض وتكون السلطة والقدرة وغيرهما لهم وتحت تصرفهم.

من الايات التي تشير الى الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف حسب ما جاء في تفاسير مختلفة "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور 55) وقال عز من قائل"وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) وقال سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الانبياء 105)، و قوله سبحانه"وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الزخرف 28). و قوله تعالى "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ" (الزخرف 61). ان كثير من ادعية اتباع اهل البيت مشتقة من ايات القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة ومنها دعاء الندبة الذي له علاقة بالامام الحجة المنتظر الذي اشار له القرآن في بعض الايات"أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الانبياء 105) و"وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5) و"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" (النور 55).

جاء في موقع المكتبة الشيعية عن هوية التشيع للشيخ الدكتور احمد الوائلي: من الثابت أن الشريعة الإسلامية تفرض الوصية على المسلم حتى في بعض الميراث البسيط فكيف يترك هذا الأمر المهم بدون أن يوصي به والحال أن استقرار الأمة متوقف على ذلك وبدون ذلك يؤول الأمر إلى التنازع. ثالثا: تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن الإمامة بجعل من الله ومن ذلك قوله تعالى "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً" (القصص 5) التي يستدل منها على أن الإمامة بجعل من الله تعالى.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/04



كتابة تعليق لموضوع : (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) (الارادة، المن، المستضعفون) (ح 1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net