لكل عصرٍ عاشوراء ولكل مصرٍ كربلاء / ٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

العقلية الحاكمة في الشخصية الحسينية نستطيع أن نقسّم نشاطها وإهتمامها وإشتغالها وفهمها للإحياء الحسيني إجمالاً على قسمين :
الأول : إحياء الذكرى على البعدين الفكري أو العاطفي ، أما الجانب الفكري فيهتم بأبعادها العقائدية والشرعية والاجتماعية وأهدافها وغاياتها وفلسفة قيامها وإحياءها ومجالات استثمارها .. وأما العاطفي فيهتم بإفتعال أجواء الحزن وتجسيد المأساة خطابياً وفلكلورياً وتصوير المصيبة بما تيسر من امكانيات ومواهب ومهارات وفنون وموروثات .. وهذا هو المساحة الأوسع من الإحياء والنسبة الأكبر من النشاط العاشورائي ..
الثاني : إحياء الثورة وإعادة ملفات القضية في الحياة بما هي ثورة وقضية ، حمل لوائها ورفع شعارها فعلاً وعملا ، فأصحاب هذا القسم يمارسون دور الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمستوياته الحسينية المتقدمة أو ما دونها ، وهذا القسم له منهجيتان في ذلك /
المنهجية الأولى : تتخذ من أهداف كربلاء عنواناً لقضيتها وموضوعاً لحركتها ، أصحاب هذا المنهج وضعوا نصب أعينهم تحقيق غايات عاشوراء بأي وسيلة متاحة ، سلمية كانت أم ثورية ، استعمال منطق الفكر أو منطق القوة .. وهذا إذا نريد أن نعطيه مثالاً حيّاً فهو الإمام الخميني وحركته وثورته المباركة وهو القائل : كل ما لدينا من عاشوراء .
المنهجية الثانية : حركتهم قائمة على فكرة أخذ الثأر واللحوق بشهداء الركب الحسيني ، فحياتهم عبارة عن ساحة معركة طرفهم الآخر كل أشكال ومظاهر وشخصيات وجماعات الظلم والطغيان ، حملوا أرواحهم على أكفّهم ونقشوا على راياتهم شعارات [ يا لثارات الحسين ] و [ هيهات منّا الذلة ] .. ومثالهم الحيّ حركة التوّابين أو المختار أو زيد الشهيد وحركات وفصائل المقاومة والجهاد التي نعيشها في أيامنا هذه وهي تصارع أوجه حديثة ليزيد وابن زياد ، أمثال داعش وأمريكا واسرائيل ..
وفي الواقع أن كل قسم من القسمين بتفرعاتهم له تغذية راجعة على الآخر .. وأن تعدد هذه المسالك في الإحياء الحسيني كان وراء تجذّر هذه القضية المباركة واتساع مساحتها في ضمير وعقل وحياة الأمة ..
كل مظاهر وأشكال الإحياء مطلوبة وبعضها يُكمل بعضا ، فما لا يعمل منها هنا في هذا العصر أو المصر فإنه يعمل هناك .. قال تعالى [ وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ] العنكبوت ٦٩ ، قال " سبلنا " لا سبيلاً واحدا .. فتأمل
يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat