(من مذكرات أقدم مدرس تأريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم) (مرقد الحر بن يزيد الرياحي)
اسعد عبد الرزاق هاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبد الرزاق هاني

الكثير من الروايات المعطرة بالولاء تأخذنا إلى عوالم العذوبة التي تحفل بها كربلاء
مرقد الحر بن يزيد الرياحي يقع في منطقة من المناطق التي كان يتنزه بها أبناء المدينة، ذلك لوفرة البساتين التي كان يخرج لها أهالي كربلاء لزيارة الحر عليه سلام الله بشكل جماعي وهم يحملون أمتعتهم يمشون في طريق جميل على ضفاف نهر الحسينية
يروي السيد سلمان هادي آل طعمة في كتابه كربلاء في الذاكرة أن قسما من الزوار كانوا يركبون السفن من نهر الرشيدية يعني أن كربلاء كانت عامرة بالنقل النهري، وأغلب الناس يذهبون إلى زيارة الحر راجلين على هيئة مجاميع معنونة بأسماء المحلات والعشائر
وكان السيد مهدي الإشيقر المعروف (أخو شوكة) يركب فرسا ملحاء ويرأس فرقته، يذهبون إلى الحر بالأهازيج، قلت لأستثمر وجود الأستاذ عبد الرزاق الحكيم وأسأله عن بعض الإشكالات العالقة في الذاكرة الكربلائية، سألته هل كان أهالي كربلاء القدماء ينفرون من زيارة الحر، ويعترضون على زيارته ويشيعون فقط السلام عليه، أجابني وفي قوله بحة من الحزن
-هذا الكلام لم نسمع به لا نحن ولا سمعناه من الآباء والأجداد، كان هناك بيتين من الشعر للشاعر الشيخ (عبد الحسين الأعسم) قال فيهما
ألا يا زائرا بالطفّ قبرا *** به ربحت لزائره التجارهْ
أشر للحرّ من بُعدٍ وسلمْ *** فإن الحرَّ تكفيه الإشارهْ
وقد رده الشاعر (الشيخ جواد بن كاظم الكربلائي)
زرِ الحرَّ الشهيد ولا تؤخرْ *** زيارته على الشهداءِ قدِّمْ
ولا تسمع مقالة أعسميٍّ *** (أشر للحر من بعدٍ وسلمْ)
ورده أيضا الشاعر (السيد محمد باقر الطباطبائي)
زر الحر الشهيد فدته نفسي *** فان الحر أهلا للزيارة
فقد والله نال الأجر من قد *** تعنى نحو مرقده وزاره
ولا تكُ منـه في شكٍ وريبٍ *** فإنَّ السبطَ قـد قبلَ اعتذارَه
فلا أعتقد أن أهالي كربلاء فكروا مع الحر بهذه الطريقة وشيعة الحسين قاطبة كانت تحضر لمرقده وتزور،
- قلت أن مخزون الذاكرة كبير وخاصة بما يتعلق بمرقد الحر سلام الله عليه، دعني أستثمر وجودك أستاذنا الغالي
- أجابني أنا بالخدمة بالذي أعرفه، سألته ماذا تعرف عن اللوحة الكبيرة التي كانت وسط حضرة الحر، فما حكاية هذه اللوحة؟ أجابني
- الذي أعرفه أن اللوحة أهديت إلى المقام في مطلع خمسينيات القرن الماضي، من قبل وفد من إيران
ـ وماذا كانت تحتوي؟ أجابني الأستاذ:
ـ تصور الحر بن يزيد الرياحي وهو جالس بين يدي أبي عبد الله الحسين عليه السلام، مطأطئ رأسه مقدما سيفه ودرعه يطلب التوبة وغفران الذنب، الإمام واضعا يدع على راس الحر يباركه بقبول التوبة
وتوضح منظرا يجسد قمر بني هاشم وذرية الإمام والخيام من جهة ومن الجانب الآخر يعرض جزء من المعركة، قلت:
ـ اين هي اللوحة أجابني منذ نهاية السبعينيات منع الطاغوت الحاكم أن تعلق أي لوحة في المراقد المقدسة
هناك استنباط ذكي لأحد خطباء المنبر الحسيني، تروي المصادر أن قبيلة بني تميم رفضت أن يقطع راس شيخها الحر فأخذته دفنته خلف المعسكر، وبين منطقة الحرب ودفن الحر ثمان كيلو مترات، هذه المسافة هي سعة انتشار معسكر ابن سعد من جهة واحدة، ويروي أهل كربلاء القدامى أن الحر تقدم مع ابن له قتل دفاعا عن الحسين عليه السلام، أجابني
- لا وجود في لائحة الشهداء اسم له ويقال أن اسم ابنه كان (بكير) وقيل في بعض المصادر اسمه (علي) وفي بعض المصادر أن لديه ولدين استشهدا في الواقعة وقيل الثاني اسمه مصعب بن الحر بن يزيد الرياحي ورد هذا الكلام في كتاب (وقائع الأيام) ملّا علي الخياباني لكننا لم نعثر على وجود اسم أو مقام ولو كان فعلا له وجود لطالبت بدفنه قبيلته، سألته حينها وما قصة قبر أم الحر؟
- أجابني، يذكر بعض المعمرين في كربلاء ومن ضمنهم جدتي أن خلف قبر الحر كان هناك قبر صغير، يقال أنه لأم الحر والغريب أن زوار مرقد الحر كانوا يرجمون قبر الأم، إلى أن ظهر الحر برؤيا بلغ الخدم بعدم المساس بأمه، ولم أجد لهذه القصة من أثر يثبت ذلك إلا في كتاب كربلاء في الذاكرة لسلمان هادي آل طعمة، أشار لهذا الزعم أيضا
الحديث عن مرقد الحر بن يزيد الرياحي، يرتبط بقيمة المنجز الثوري لمفهوم الانقلاب الذاتي الذي يحتاج إلى قوة تضاهي مقومات الانقلاب من الحياة والمركز الاجتماعي وكل مغريات القيادة إلى شهيد يقاتل من كنت تقودهم قبل ساعة
الثورة تحتاج إلى يقظة ضمير
والبحث في أول عمران لمرقد الحر، يقول الأستاذ عبد الرزاق الحكيم
- تم العمران الأول من قبل الشاه إسماعيل الصفوي، عند زيارته لمدينة كربلاء، أراد فتح قبر الحسين عليه السلام فمنع قام بفتح قبر الحر فوجد الجسد طريا وكأنه قتل قبل ساعة وعلى الراس عصابة عصبها الحسين
عليه السلام فتح العصابة فسال الدم، أعادوا الضماد وأخذ منها خيطا
للتبرك، وأعاد بناء المرقد حيث كان بلا قبة ولا صحن، وفي عام 1912م قام آغا حسين السلطان الهمداني بإعادة تعمير قبة المرقد المبارك
واليوم أتذكر الأستاذ المرحوم عبد الرزاق الحكيم وأتمنى أن أخبره بأن الوقف الشيعي أعاد عمران مرقد الحر بحلة عصرية جديد فالسلام على الحر وزواره إلى يوم الدين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat