بمناسبة استشهاد الامام الصادق(عليه السلام): وفاء أصحاب الأئمة منقطع النظير
د . حميد حسون بجية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . حميد حسون بجية

هشام بن الحكم(رضوان الله عليه) ... من الأعلام الرؤساء
هو أبو محمد، مولى كِندة، كان مقيما في نُزل بني شيبان في الكوفة. انتقل الى بغداد سنة 199 هجرية. تخرج من مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) التي تعدُّ مركزا من مراكز الوعي والفكر في الاسلام. وهو من أكبر أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). وكان فقيها وروى أحاديثَ كثيرةً، وصحب الامام الصادق ومن بعده الامام الكاظم (عليهما السلام). وكان من كناه (أبو محمد) و(أبو الحكم). وهب هشام حياته لآل البيت(عليهم السلام)، وتحمَّلَ الكثير من أجلهم. فكان في عصره من أعظم الذابّين عنهم والناشرين لآرائهم ومبادئهم.
وبلغ من مرتبته عند الامام الصادق(عليه السلام) أنه التقى به في الحج بمنى وهو غلام أول ما اختط عارضاه وفي مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن أعين ويونس ابن يعقوب وأبي جعفر الأحول وغيرهم. فرفعه على مكانتهم، وليس فيهم الا من هو أكبر سنا منه. فلما رأى الامام صعوبة ذلك الفعل على أصحابه، قال: (هذا ناصرُنا بقلبِه ولسانِه ويدِه). سأله الامام عن أسماء الله عز وجل واشتقاقها، فأجابه.
ثم قال له: (أفهمت يا هشام فهما تدفع به أعداءنا الملحدين مع الله عز وجل)؟
قال هشام: (نعم).
قال الامام: (نفعَك الله به وثبّتك عليه).
قال هشام: (فوالله ما قهرني أحدٌ في التوحيد حتى قمت مقامي هذا).
وكان هشام ممن فتق الكلامَ في الإمامة، وكان حاذقا بصناعة الكلام حاضرَ الجواب. من إجاباته اللطيفة أنه سئل يوما عن معاوية هل شهد بدرا؟ قال نعم من ذلك الجانب.
وقد روي بحقه عن كل من الأئمة الصادق والكاظم والرضا والجواد(عليهم السلام)، وصفُه بقولهم: (هو رائد حقنا، وسائق قولنا، المؤيد لصدقنا، والدافع لباطل أعدائنا. من تبعه وتبع أثره تبعنا، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا. وإنه كان عبداً ناصحاً، وأوذي من أصحابه حسداً منهم له، وهو ناصرنا بقلبه ولسانه ويده). وقال له الإمام الصادق (عليه السلام): (يا هشام لا تزال مؤيَّداً بروح القدس ما نصرتَنا بلسانك).
وهو أول من أفرد بعض مباحثه بالتصنيف. ويُعدُّ شيخَ المتكلمين، وتلميذا بارعا للإمام الصادق(عليه السلام). صنّف كتاب الالفاظ ومباحثها، وكتابه هذا أهم مباحث هذا العلم.
مؤلفاته:
مؤلفاته الفقهية والحديثية:
- علل التحريم - الفرائض - الألفاظ - الأخبار كيف تفتح - أصل هشام - كتاب الميراث
مؤلفاته الكلامية والفلسفية:
- الإمامة - التدبير في الإمامة - الوصية والرد على من أنكرها - اختلاف الناس في الإمامة - المجالس في الإمامة -التمييز وإثبات الحجج على من خالف الشيعة - الميزان - كتاب الحكمين - الألطاف - التوحيد - الشيخ والغلام في التوحيد
- الجبر والقدر - المعرفة - المجالس في التوحيد - القدر
- الدلالة على حدوث الأشياء - تفسير ما يلزم العباد الإقرار به
- الاستطاعة - الرد على الزنادقة - الرد على أصحاب الاثنين - الرد على أصحاب الطبائع - الرد على أرسطو طاليس في التوحيد - الرد على من قال بإمامة المفضول - الرد على المعتزلة - الرد على المعتزلة في أمر طلحة والزبير - الرد على شيطان الطاق - الرد على هشام الجواليقي
هذه بعض كتبه، وهي تكشف بلا شك عن سعة علومه وتضلعه في علوم الكلام.
مناظراته:
كانت مناظراته مع بعض أعلام الفرق الاسلامية تمثّل أصالةَ الفكر وقوة الحجة وروعة الاستدلال لديه. قال كل من كتب عنه أنه ما حاجج أحدا الا أفحمه، من خلال ما يعرض عليه من أدلة حاسمة. ومن الذين ناظرهم عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة والنظّام وعبد الله بن يزيد الاباضي غيرهم.
أراد هارون العباسي يوما أن يسمع كلام هشام بن الحكم مع الخوارج. فامر بإحضاره واحضار عبد الله بن يزيد الأباضي. وجلس يسمع كلامهما ولا يرى القومُ شخصَه. وكان يحيى بن خالد حاضرا. وفي نهاية المناظرة التي لا يتسع المجال لذكرها، أثنى عليه هارون وكافأه.
أقوال الأئمة فيه:
كان الامام الصادق (عليه السلام) معجبا بمواهب هشام، وبدفاعه عن أهل البيت(عليهم السلام)، وكان كثيرَ الدعاء له والثناء عليه. وقد مر علينا ما قاله بحقه: (هشام بن الحكم رائد حقنا، وسائق قولنا، المؤيّد لصدقنا، والدافع لباطل أعدائنا، من تبعه وتبع أثره تبعنا، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا).
أقوال العلماء فيه:
قال الشيخ المفيد(قدّس سرّه الشريف) في رسالته العددية، إن هشاما (من الاعلام الرؤساء، المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفتيا والاحكام، الذين لا مطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحدٍ منهم).
وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء: (كان ممن فتق الكلام في الامامة، وهذّب المذهب بالنظر، ورفعهُ الصادق -عليه السلام- في الشيوخ وهو غلام). ثم عدَّ كتبَه.
رحم الله هشاما وجزاه خيرا عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وآل بيته الكرام(عليهم السلام).
د. حميد حسون بجية المسعودي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat