كلمة امة في القرآن الكريم (ولو شاء الله لحعلكم أمة واحدة) (ح 75)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" ﴿النحل 93﴾ "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً" أي لجعلكم مهتدين يعني به مشيئة القدرة كما قال ولو شاء الله لجمعهم على الهدى "وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ" بالخذلان أوبالحكم عليه بالضلال "وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" بالتوفيق وبالحكم عليه بالهداية وقد ذكرنا معاني الضلال والهدى في سورة البقرة " وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" من الطاعات والمعاصي فستجازون على كل منهما بقدره.
جاء في تفسير الميسر: ال الله تعالى عن أمة "وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ۖ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ" ﴿العنكبوت 18﴾، قوله سبحانه "وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا" ﴿فاطر 42﴾، قوله عز وجل "وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ" ﴿فصلت 25﴾، قوله عز من قائل "أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ" ﴿الأحقاف 18﴾.
عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل جلاله "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" ﴿النحل 93﴾ قوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" إلخ، لما انجر الكلام إلى ذكر اختلافهم عقب ذلك ببيان أن اختلافهم ليس بناقض للغرض الإلهي في خلقهم ولا أنهم معجزون له سبحانه ولو شاء لجعلهم أمة واحدة لا اختلاف بينهم ولكن الله سبحانه جعلهم مختلفين بالهداية والإضلال فهدى قوما وأضل آخرين. وذلك أنه تعالى وضع سعادة الإنسان وشقاءه على أساس الاختيار وعرفهم الطاعة المفضية إلى غاية السعادة والمعصية المؤدية إلى غاية الشقاء فمن سلك مسلك المعصية واجتاز للضلال جازاه الله ذلك، ومن ركب سبيل الطاعة واختار الهدى جازاه الله ذلك وسيسألهم جميعا عما عملوا واختاروا. وبما تقدم يظهر أن المراد بجعلهم أمة واحدة رفع الاختلاف من بينهم وحملهم على الهدى والسعادة، وبالإضلال والهداية ما هو على سبيل المجازاة لا الضلال والهدى الابتدائيان فإن الجميع على هدى فطري فالذي يشاء الله ضلاله فيضله هو من اختار المعصية على الطاعة من غير رجوع ولا ندم، والذي شاء الله هداه فهداه هو من بقي على هداه الفطري وجرى على الطاعة أوتاب ورجع عن المعصية صراطا مستقيما وسنة إلهية ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. وأن قوله: "وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" لدفع ما يسبق إلى الوهم أن استناد الضلال والهدى إليه سبحانه يبطل تأثير اختيارهم في ذلك وتبطل بذلك الرسالة وتلغو الدعوة فأجيب بأن السؤال باق على حاله لما أن اختياركم لا يبطل بذلك بل الله سبحانه يمد لكم من الضلال والهدى ما أنتم تختارونه بالركون إلى معصيته أوبالإقبال إلى طاعته.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" ﴿النحل 93﴾ "ولَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً". أي ان اللَّه سبحانه لو أراد أن يكره الإنسان على الايمان لكان الناس كلهم أمة واحدة، ولكنه ترك الإنسان وما يختار، إذ لوسلبه الحرية والاختيار لكان شأنه شأن الحيوانات والحشرات، وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية 118 من سورة هود، والآية 34 من سورة الأنعام. "ولكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ ولَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ". لا شك ولا ريب عند العقل ان اللَّه لا يضل ولا يهدي أحدا قهرا عنه، ولو ألجأه ألجأه إلى الضلالة والهداية لما صح أن يسأله ويحاسبه، مع أنه قال صراحة، وبلا فاصل "ولَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، ومعنى الآية ان اللَّه سبحانه يعتبر الإنسان ضالا بعد ان يسلك مختارا طريق الضلال، ويعتبره هاديا متى سلك سبيل الهداية، تماما كما يميته إذا انتحر: وينجيه إذا لم يلق بيده إلى التهلكة. وسبق الكلام عن الهدى والضلال عند تفسير الآية 26 و272 من سورة البقرة ج 1 ص 70 و426 والآية 88 من سورة النساء ج 2 ص 399.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وجل "مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ" ﴿المؤمنون 43﴾ لهذه الأقوام تأريخ معين وأجل محدود ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون فلو صدر الأمر الحتمي بنهاية حياتهم فسيهلكوا فورا، دون تأخير لحظة أو تقديم لحظة. "الأجل" بمعنى العمر ومدة الشئ، كأن نقول: أجل هذا الصك ثلاثة أشهر، أي أن مدته تنتهي بعد ثلاثة أشهر، أو إلى أجل مسمى أي إلى تاريخ محدد. وكما قلنا سابقا فالأجل نوعان: "المحتم" و "المشروط"، فالأجل المحتم انتهاء عمر الإنسان أو عمر قوم ما، ولا تغيير فيه. أما الأجل المشروط فيمكن أن يتغير حسب تغير الظروف فيزداد أو ينقص، وقد تحدثنا عن ذلك سابقا بإسهاب. وعلى كل حال، فإن الآية السابقة تشير إلى "الأجل المحتم". (الأجل) بمعنى العمر ومدّة الشیء، كأن نقول: أجل هذا الصكّ ثلاثة أشهر، أی إنّ مدّته تنتهی بعد ثلاثة أشهر، أو إلى أجل مسمّى أی إلى تاریخ محدّد. وكما قلنا سابقاً فالأجل نوعان: (المحتّم) و(المشروط)، فالأجل المحتّم انتهاء عمر الإنسان أو عمر قوم ما، ولا تغییر فیه. أمّا الأجل المشروط فیمكن أن یتغیّر حسب تغیّر الظروف فیزداد أو ینقص، وقد تحدّثنا عن ذلك سابقاً بإسهاب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat