صفحة الكاتب : محمد السمناوي

الحوقلة: دلالات وفضائل
محمد السمناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 مقدمة:
     تُعد "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" المعروفة بـ "الحوقلة" من الأذكار الجليلة والمصطلحات الراسخة في الشريعة الإسلامية، وهي تعبير عميق عن اعتراف العبد المطلق بعجزه وقصوره، واستمداده الكامل للقوة والتوفيق من الله تعالى وحده. هذه الكلمات الموجزة تحمل في طياتها معاني عظيمة تتعلق بالتوحيد الخالص واليقين بقدرة الله المطلقة، كما ورد في فضلها نصوص عديدة عن أهل بيت العصمة الطهارة عليهم السلام تبين بركتها وتأثيرها في حياة المؤمن.
إشكالية البحث:
     على الرغم من ورود الحوقلة في العديد من النصوص الشرعية وبيان فضلها وأثرها، إلا أن الحاجة تبرز إلى دراسة معمقة وشاملة تستجلي دلالاتها اللغوية والمعنوية بدقة، وتجمع شتات النصوص الواردة في فضائلها وآثارها المتنوعة. فما هي أبرز الدلالات اللغوية والاصطلاحية لعبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"؟ وكيف ترسخ هذه العبارة مفهوم التوحيد الخالص في قلب المؤمن؟ وما هي أهم الفضائل والآثار الدنيوية والأخروية التي وردت في فضلها في الروايات الشريفة؟
أهمية البحث والحاجة إليه:
    تستمد هذه الدراسة أهميتها من مكانة الحوقلة الرفيعة في الذكر والدعاء، فهي ليست مجرد كلمات تقال، بل هي كنز من كنوز الجنة ودواء للعديد من الأدواء كما ورد في النصوص. إن فهم دلالاتها بعمق يعزز حالة التوكل على الله والاستعانة به في كل الأحوال، ويساهم في تحقيق السكينة والطمأنينة في قلب المؤمن. كما أن جمع وبيان فضائلها المتنوعة يسهم في ترغيب المسلمين في الإكثار منها والاستفادة من بركاتها في حياتهم. تزداد الحاجة إلى هذا البحث في ظل تداول هذه العبارة بشكل واسع دون إدراك كامل لمعانيها وفضائلها، مما يستدعي تقديم تحليل أكاديمي يجمع بين الجانب الدلالي والفضائلي لهذه الكلمات المباركة.
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها:
1.    تحديد الدلالات اللغوية والاصطلاحية لعبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
2.    بيان الأبعاد التوحيدية العميقة التي تتضمنها الحوقلة وتأثيرها في قلب المؤمن.
3.    جمع وتصنيف النصوص الشرعية الواردة في فضائل الحوقلة وآثارها الدنيوية والأخروية.
4.    تحليل وبيان الآثار المترتبة على الإكثار من ذكر الحوقلة في حياة الفرد والمجتمع.
5.    تقديم رؤية واضحة وشاملة لأهمية الحوقلة كذكر ودعاء في الشريعة الإسلامية.
من خلال تحقيق هذه الأهداف، يسعى البحث إلى تقديم إضافة نوعية للمعرفة الإسلامية، وإبراز قيمة هذا الذكر العظيم وأهميته في حياة المسلم المعاصر.
      لا شك ان الحوقلة من التعابير والمصطلحات في الشريعة الإسلامية وهي : قول ( لا حول ولا قوة إِلاَّ بالله العلي العظيم)، وهي عبارة عن اعتراف وإقرار العبد بالعجز عن القيام باي بفعل من الأفعال، أو أي ترك من التروك إِلاَّ بتوفيق من الله تعالى، وفي كلمات الائمة من آل محمد عليهم السلام شرح للحوقلة كما في كلمات أبو الحسن العسكري () حيث كتب إلى أهل الأهواز: سأل عباية بن ربعي الأسدي أمير المؤمنين () عن تأويل لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فقال ()) لا حول لنا عن معاصي الله إلاّ بعصمة الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلاّ بعون الله)(1). 
      كما لا شك إن الحوقلة هي من أعظم الأذكار بركة وتأثير في حياة الإنسان المؤمن  وهي من كنوز الجنة، وتنفي الفقر والفاقة والشفاء من عشرات الامراض ولها آثار تنفع في دفع الشدائد والمحن، وقد بينتها طائفة من الأخبار في المجاميع الحديثية  حيث أنها ترسخ التوحيد في قلوب المؤمنين .
وقد ذكرت كتب الأخبار هذه المسائل والتي منها : - 
1ـ  عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله () عن آبائه () عن النبي الأكرم () قال: (من ألحّ عليه الفقر فليكثر من (قول) لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ينفي عنه الفقر)(2).
2ـ عن الإمام جعفر بن محمد ، عن آبائه ( ) ، قال قال رسول الله () : ( قول لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم كنز من كنوز الجنّة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء أدناه الهمّ)(3) .
3ـ قال: عليّ () :قال لي رسول الله () : ( ألا أدلّك على كنز من كنوز الجنّة؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله)(4) .
4ـ في وصية أمير المؤمنين () لكميل :يا كميل احمد الله تعالى والمؤمنين على ذلك، وعلى كل نعمة، يا كميل قل عند كل شدّة: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم تكفها، وقل عند كل نعمة: الحمد الله (تزد منها)، وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسّع عليك فيها)(5) . 
5ـ وعنه () قال:(من حزنه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلاَّ بالله)(6).
6ـ وعنه قال : ( إن آدم شكا الى الله () ما يلقى من حديث النفس والحزن ، فنزل عليه جبرائيل فقال له: يا آدم قل لا حول ولا قوة إلاَّ بالله فقالها فذهب عنه الوسوسة والحزن)(7).
 7ـ وعن ابن عباس قال : رأيت النبي () وهو يقول: (لا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم ، فقلت يا نبي الله ما ثوابه ؟ قال تسبيح حملة العرش فمن قال مرة ، لا حول ولا قوة إلاَّ بالله ، غفر الله له ذنوب مائة سنة وكُتب له بكل حرف مائة حسنة ورفع له مائة درجة فان زاد على مرة واحدة ، فله بكل حرف كنز ونور للصراط)(8).
       ورد هذين الاسمين العلي العظيم في القرآن الكريم مجتمعين في آيتين البقرة والشورى ومنفردين .
العلي : من أسماء الله الحسنى، ومعناه القاهر فالله العلي ذو العلى والعلاء والتعالي أي ذو القدرة والقهر والاقتدار، يقال : علا الملك علوا، ويقال لكل شيء قد علا : علا يعلو علواً وعلي يعلى علاء، والمعلاة مكتسب الشرف وهيمن المعالي، و علو كل شيء أعلاه – برفع العين وخفضها – وفلان من علية الناس وهو اسم، ومعنى الارتفاع والصعود والهبوط عن الله تبارك وتعالى منفي، ومعنى ثان أنه علا تعالى عن الأشباه والأنداد وعما خاضت فيه وساوس الجهال وترامت إليه فكر الضلال، فهو علي متعال عما يقول الظالمون علواً كبيراً(9). 
       والعظيم في اللغة: هو صفة مشبهة لمن اتصف بالعظمة، والعظمة : بمعنى الكبر والاتساع وعلو الشأن، ولذا يقال عندما يرتفع شأن انسان يقال له عظم شأنك ومعناه الاتساع والعلو والارتفاع، والتعظيم هو التبجيل والكبرياء والعظمة، هذا في حق الله تعالى ، أما في حق المخلوق فان العظمة ورد فيها الذم، لانها منازعة لله تعالى في صفاته التي استأثر بها نفسه. فالله تعالى عظيم في ذاته وافعاله وصفاته.
       العظيم معناه: هو السيد، وسيد القوم عظيمهم وجليلهم، ومعنى ثان : أنه يوصف بالعظمة لغلبته على الأشياء وقدرته عليها ولذلك كان الواصف بذلك معظماً، ومعنى ثالث : أنه عظيم ؛ لأن ما سواه كله له ذليل خاضع فهو عظيم السلطان، عظيم الشأن، ومعنى رابع : أنه المجيد يقال : عظم فلا نفي المجد عظامة، والعظامة مصدر : الأمر العظيم، والعظمة من التجبر، وليس معنى العظيم ضخم طويل عريض ثقيل؛ لأن هذه المعاني معاني الخلق وآيات الصنع والحدث وهي عن الله تبارك وتعالى منفية، وقد روي في الخبر أنه سمي العظيم لأنه خالق الخلق العظيم ورب العرش العظيم وخالقه(10).  
تكرر اسم الله ( العظيم ) في القرآن الكريم تسع مرات الأولى: في سورة البقرة الآية: 255، والثانية: في سورة التوبة الآية: 129، والثالثة: في سورة النمل الآية : 26، والرابعة: في سورة الواقعة الآية: 74، الخامسة في سورة المؤمنون  الآية: 86، والسادسة: في سورة آل عمران الآية: 74 الى آخره .
      يقول العلاَّمة المازندراني: معنى العظيم في وصفه تعالى أنّه جاوز قدره عن حدود العقول حتّى لايتصوّر الإحاطة بكنه ذاته وحقيقة صفاته(11).
خاتمة البحث:
     لقد سعت هذه الدراسة إلى الغوص في أعماق عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، المعروفة بـ "الحوقلة"، مستندة في ذلك إلى معين الأحاديث الشريفة المروية عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، الذين هم المرجع الأصيل لفهم الشريعة ودلالاتها. وقد كشفت هذه الروايات عن مكانة عظيمة وفضائل جمة لهذه الكلمات المباركة، مؤكدةً أنها ليست مجرد ذكر يُقال باللسان، بل هي تعبير صادق عن حقيقة التوحيد والاعتراف بالعجز المطلق والاستمداد الكلي للقوة والعون من الله سبحانه وتعالى وحده، ومن خلال استقراء النصوص الحديثية الواردة في المصادر، يمكن استنباط جملة من النتائج الأساسية ذات الدلالة العميقة والأثر البالغ في حياة المؤمن، والتي تمثل مرتكزات هذا البحث:
1.    النتيجة الأولى: الحوقلة كنز من كنوز الجنة.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: لقد ورد التنصيص على هذه الصفة للحوقلة صراحة في أكثر من رواية شريفة (الحديث رقم 2 ورقم 3)، منها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) للإمام علي (عليه السلام): "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟" فقال (عليه السلام): بلى يا رسول الله. قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله". وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم كنز من كنوز الجنة".
-    التعليق العلمي: هذا الوصف ليس مجرد تشبيه بلاغي، بل هو حكم وضعي (وصفي) صادر عن المشرّع المقدس (النبي والأئمة عليهم السلام بوصفهم المبينين للشريعة). دلالته في علم الفضائل والأعمال تكمن في الإشارة إلى الأجر العظيم والثواب الجزيل المدّخر لقائلها في الآخرة، تماماً كما يُدّخر الكنز الثمين في الدنيا. من جهة الاستدلال الفقهي، فإن ورود هذا الوصف في سياق الحث على الذكر يجعله دليلاً على عظيم شأن هذا الذكر وكونه من الأعمال الصالحة التي يرغب فيها الشارع ترغيباً أكيداً، لا لأثرها الدنيوي فحسب، بل لمصلحتها الأخروية العظمى التي تفوق التصورات المادية. هو بمثابة تأكيد على قيمة هذا الذكر كبوابة لنيل الخيرات في دار البقاء.
2.    النتيجة الثانية: الحوقلة نافية للفقر.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: ورد في رواية عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "من أحلّ عليه الفقر فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه ينفي عنه الفقر". هذه الرواية تصريحٌ مباشر بالرابطة بين الإكثار من هذا الذكر وزوال الفقر.
-    التعليق العلمي: هذه النتيجة تُعد أثراً وضعياً (نتيجة عملية) مترتبة على الالتزام بهذا الذكر. من الناحية الأصولية، تُشكل هذه الرواية دليلاً على كون ذكر الحوقلة سبباً شرعياً (وسيلة مقصودة شرعاً) لنفي الفقر. لا يعني ذلك بالضرورة أن ترك الأسباب المادية والسعي الدنيوي كافٍ، فالشريعة تأمر بالأخذ بالأسباب، ولكن دلالتها تكمن في أن الاستعانة بالله والاعتراف بالعجز أمامه (كما تعبر الحوقلة) هو سبب روحي ومعنوي له أثر حقيقي في تيسير الأرزاق ودفع الحاجة، إلى جانب الأسباب المادية. هو توجيه نبوي وإمامي لاستخدام هذا الذكر في سياق السعي لرفع المعاناة المادية، ويُستدل منه على استحبابه المؤكد عند الشعور بالحاجة أو الفقر.
3.    النتيجة الثالثة: الحوقلة شفاء من الأمراض ودواء للهموم والأحزان والوساوس.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: جاء في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنها "شفاء من تسعة وتسعين داء أدناه الهم". كما ورد التنصيص على نفيها للهم والحزن في روايات أخرى (الحديث رقم 5 ورقم 6)، مثل قول أمير المؤمنين (عليه السلام): "من حزنه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقصة آدم (عليه السلام) لما شكا الحزن ووساوس النفس فنزل جبرائيل وأمره بقولها فذهبت عنه.
-    التعليق العلمي: هذه النتائج تُثبت للحوقلة أثراً تكوينياً (أثراً في عالم الوجود) بإذن الله، يشمل الشفاء من الأمراض الجسدية (99 داءً) والعلاج من العلل النفسية والروحية (الهم، الحزن، الوساوس). من منظور أصولي، هذه الروايات دليل خاص على سبيبة (كون الشيء سبباً) الحوقلة للشفاء ودفع الآلام النفسية. ونطاق الاستدلال يشمل كونها ذكراً مباركاً يستمطر به العبد رحمة الله وقدرته المطلقة التي تفعل في العوالم المادية والنفسية ما لا تفعله الأسباب المادية وحدها. وصف "أدناه الهم" يفيد شمولية الشفاء وتنوعه، وأن أثره يصل حتى لأدنى درجات المعاناة النفسية. هذه الدلالة تعزز مكانة الذكر كوسيلة فعالة ومتاحة لكل مؤمن للتغلب على المصاعب الصحية والنفسية بالاستعانة بالله.
4.    النتيجة الرابعة: الحوقلة وسيلة لتوسعة الأرزاق وتيسير الشدائد.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: ورد في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل بن زياد قوله: "يا كميل احمد الله عند كل نعمة عليك ... وإذا أبطأت الأرزاق عليك فاستغفر الله يوسع عليك فيه، وإذا اشتدت الشدائد عليك فقل لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تكفكها...". هذا النص يضع الحوقلة كحلٍّ شرعي في سياق محدد وهو مواجهة الشدائد، ويُستشهد به كجزء من معالجة تأخر الأرزاق (مع الاستغفار).
-    التعليق العلمي: هذه الرواية تُمثل دليلاً تطبيقياً على استخدام الحوقلة في مواقف معينة من الحياة الدنيا، مما يُبرز استحبابها الخاص في أوقات الضيق وتأخر الرزق. الاستدلال هنا يتركز على ربط الفعل (قول الحوقلة) بالنتيجة الموعودة (تيسير الشدائد وتوسعة الرزق -بالاشتراك مع الاستغفار في حالة الرزق-). الدلالة الأصولية تكمن في كونها مورداً (سياقاً) شرعياً للجوء إلى الله وإظهار العجز أمامه عند مواجهة التحديات الدنيوية، وأن هذا اللجوء يفتح أبواب المدد الإلهي والفرج.
5.    النتيجة الخامسة: الحوقلة تسبيح حملة العرش وموجبة لمضاعفة الأجر ورفع الدرجات وغفران الذنوب.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: جاء في رواية ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله): "... ما ثوابه؟ قال: تسبيح حملة العرش فمن قال مرة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، غفر الله له ذنوب مائة سنة وكتب له بكل حرف مائة حسنة ورفع له مائة درجة فإن زاد على مرة واحدة فله بكل حرف كنـز ونور للصراط". هذه الرواية تقدم تفصيلاً مذهلاً في الأجر المترتب على هذا الذكر.
-    التعليق العلمي: هذا الحديث يُبرز عظيم مقام هذا الذكر في العالم العلوي بمساواته بتسبيح الملائكة المقربين، وهذا في حد ذاته دليل على شرفه الذاتي. أما الأجر المفصّل من مغفرة الذنوب ورفع الدرجات ومضاعفة الحسنات، فهو حكم متعلق بالثواب الأخروي، ويُعد مرغّباً أكيداً في الممارسة. من جهة الاستدلال، هذه الأعداد الضخمة من الأجر (100 سنة، 100 حسنة/حرف، 100 درجة) قد تُفهم على أنها مبالغة في الحث، أو على أنها من باب التفضل الإلهي الذي لا يُقاس بالمقاييس المادية، أو أنها مشروطة بتحقق الكمال في الإتيان بالذكر مع حضور القلب والاعتراف بالمعنى. الدلالة الكبرى هي التأكيد على أن هذا الذكر ليس مجرد كلمات بل هو عمل قلبي ولساني له وزن عظيم في ميزان الأعمال.
6.    النتيجة السادسة: الحوقلة كنـز ونور على الصراط.
-    الاستدلال والدلالة الشرعية: جاء في تكملة الرواية السابقة لابن عباس: "...فإن زاد على مرة واحدة فله بكل حرف كنـز ونور للصراط".
-    التعليق العلمي: هذه النتيجة تُشير إلى أثر مباشر لهذا الذكر في مرحلة حرجة من مراحل الآخرة وهي عبور الصراط. وصفه بـ "الكنز" هنا يُعيد تأكيد قيمته المدّخرة التي تظهر فائدتها في الشدائد، ووصفه بـ "النور" يُشير إلى كونه وسيلة للإضاءة والهداية والنجاة في ذلك الموقف العصيب. هذه الدلالة تُقوي جانب المصلحة الأخروية للذكر بشكل خاص، وتُظهر أن آثاره لا تقتصر على الدنيا بل تمتد لتكون مؤنساً ومعيناً للمؤمن في رحلته إلى ربه. من منظور الاستدلال الفقهي، هذا دليل آخر على استحباب الإكثار من هذا الذكر، ليس فقط لنيل الأجر العام، بل لضمان معين ونور في موقف شديد يحتاجه كل عبد.
     إن هذه النتائج، المستقاة مباشرة من النصوص الشريفة، لتُظهر بجلاء أن "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" هي حقاً من أعظم الأذكار وأجلّها قدراً، وهي ليست مجرد عبارة تقال، بل هي منهاج حياة يعتمد على الاعتراف التام بقوة الله المطلقة والعجز البشري التام إلا بعونه. إن التزام المؤمن بهذا الذكر، مع استحضار معانيه العميقة ودلالاته التوحيدية، يعزز من هويته الإيمانية، ويفتح له أبواب العون والتوفيق في الدنيا والآخرة، ويُشكل سداً منيعاً أمام وساوس النفس ومكائد الشيطان ومصائب الحياة، كما بيّنت ذلك روايات أهل البيت (عليهم السلام) التي هي مصابيح الهدى في فهم كتاب الله وسنة نبيه، وهم الذين توارثوا أحاديثه كابرٌ عن كابرْ عن كابر. 
مصادر البحث
(1)    المجلسي؛ بحار الأنوار: ج5، ص 24. 
(2)    الحر العاملي؛ وسائل الشيعة: ج7، ص 218.
(3)    الصدوق؛ الأمالي: ص 651.
(4)    الميرزا النوري؛ مستدرك الوسائل: ج5، ص371.
(5)    الحراني؛ ابن شعبة، تحف العقول، ص 174.
(6)    المجلسي؛ بحار الأنوار: ج90، ص 190. 
(7)    الحر العاملي؛ وسائل الشيعة: ج4، 611. 
(8)    الميرزا النوري؛ المستدرك: ج5، ص372.
(9)    الصدوق؛ التوحيد: ص 198. 
(10)    مصدر سابق؛ ص 216.  
(11)    المازندراني؛ الملا محمد صالح، شرح اصول الكافي: ج10، ص 419.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/15



كتابة تعليق لموضوع : الحوقلة: دلالات وفضائل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net