مررتُ أناملي على ملامحٍ لم يبرأ منها الجرح،
ذاك الجرح الغافي بين يدي النسيان.
خذلني صوتي مرات كثيرة،
لكن ذاكرتي لم تخذلني،
كانت تحفظ كل تلك الأحزان،
فأجهشتُ بالبكاء.
حتى الذاكرة لها عينان حين تبكي من تحب!
رأيت دماء الطفولة تتسلق عمود الفقر،
رأيت قلوب الأمهات تكتوي بالمرارة،
رأيت الوقت يذبح ببطء،
والأرواح تغسل جراحها بالدم،
منذ زمن وهي تُقدّم وتُذبح،
حتى صارت المقبرة ملامحًا من ملامحها.
أشعر أن بيني وبين هذه المدينة صلة دموية،
كلما غرقتُ بجسدي في البُعد،
اقتربتْ روحي منها أكثر.
يقولون إننا كيمنيين نعتاد كثيرًا وسريعا
نعتاد الألم، نعتاد الفقر، نعتاد السلب و الغياب،
لكن هذا ليس جمالًا، بل آفة.
كيف يعتاد الإنسان أن يجلس مقابل ألمه؟
يشرب القهوة معه،
يضع عينه في عينه،
ولا يرتجف؟
لا أعلم…
لكنّي أشعر بأنها صفة وراثية،
أن تتماشى مع الواضح،
أن تعيش الألم كما هو…
بلا محاولة للهرب.
لم أحبّ هذا كثيرًا،
لكنّي أعلم أن للكلمات تابوتًا،
وللأيام تابوتًا،
وربما دفنوا أحلامهم في أحدهما.
حتى الورق اشتعل بالشيب،
وارتشفت الكلمات كاسا من الصمت،
ولاحت سيوف اللاشيء في الأرجاء،
واستحمّ وجهي بدموع الشجن!
كل شيء حولي يرتدي ثياب الخوف
، الأحلام، الطفولة، السلام
كل شيء يسير بلا رأس، بلا وطن.
وحدها الماذن حين نطفت اصبحت كلماتها ماء
غسل رداء روحي،
وهمست:
يا الله… جسد العمر طويل،
وهذا الوطن متعب،
فهل لك أن تمسح عليه برحمتك،
ليتوقف كل هذا الألم؟
يا الله هل للآمال المخنوقة أن تزهر؟
وفي نهاية الحديث
وضعت خمار قهوتي على راس النهار لعلنا اعتدنا الظلام من يدري!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat