تشوقت لأن أسألها:
أن أُمسكها من عنق الغطرسة،
أن أسحبها من عُمق الهوى والدم، أن أوقفها قبل أن تستقرّ في بطنِ منزل،
قبل أن تندسّ في عينيّ طفل، أو فوق رُكام حلمٍ لم يُولد.
لماذا تقصفين؟
ألا تسمعين صرخات الأطفال وهي تخلع أبواب الليل؟
ألا ترين الأجساد المبعثرة،
والأمّهات يحتضنّ رائحة صغارهن بدل الدفء؟
ألا يخنقكِ الدخان؟ ألا يخدشكِ البكاء؟
أريد أن أُحدّثها…
أن أجرّها إلى ما تبقّى من الشوارع،
إلى حجارة تنزف،
إلى نافذة ما زالت تنتظر عودة ابنٍ لن يعود.
أسألها:
هل مات الصمت؟
أما اكتفى فمكِ المفتوح بكل هذه الأرواح؟
أما شبع الموت من عيون الأطفال؟
كيف يكون لون الجريمة حين يتغوّل الظالم في كل شيء؟
ألا يوجد معكِ قلب؟
ربما تضحك وتقول: قلبٌ محشوّ داخل قذيفة.
رغبت أن أُخبرها:
حين فقدَ الجيران قلوبهم،
ظننا أن القذائف قد ورثتها.
أُريد أن أُخاطبها حرفًا حرفًا،
كلمةً كلمة،
أن أحتضنها لا رحمةً، بل كبحًا…
كي لا تقتل أكثر، لا تُشرد أكثر، لا تكتب مآسي جديدة.
أن أقول لها:
تراب غزّة هشٌّ جدًا…
والهواء مثقوب بالشهداء…
فإلى متى تقصفين؟
أن أصرخ بما في صدري من وجعٍ،
لكنها لم تُجبني، لم تنظر إليّ.
وحين همستُ لها آخر سؤال،
قالت ببرودٍ فاجر:
أنا لا أتحدث العربية.
كنت أود أن أمزق وجهها بسكين القهر، لكنني قلت لها: حتى الذين يتحدثون العربية…
لا يُجيبون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat