الالحاد والشعائر الحسينية
صالح حميد الحسناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح حميد الحسناوي

يسعى مروجو الإلحاد اليوم إلى تأسيس وإشاعة بعض المصطلحات الساعية لصناعة الوهم، أشاعوا لنا بعض المصطلحات التكتيكية الساعية إلى تشغيل الماكنة الإعلامية، ومن تلك المصطلحات حديثة التكوين (الإلحاد المحلي) يشيرون بهذه المصطلحات إلى أكثر من معنى وكأنهم يريدون أن يخبروا العالم بتوسع دائرة الإلحاد بشكل كبير، حتى صار يحمل خصوصيات الانتماء المجتمعي، أي بمعنى صاروا يحسبون حساب الهوية الوطنية، الإلحاد الروسي غير الإلحاد الأمريكي غير الإلحاد العراقي، وهذه من الخدع التي لا تنطوي على عاقل.
والمعنى الآخر أن الملحد العربي تحول من الحالة التلقينية التي كانت تصله من الكتب المترجمة بطابعها الأممي إلى مرحلة المحلية المنتجة.
معنى المحلية أن يكون لها مفكريها وكتابها ومنظريها، إن هناك مسألتين مهمتين تعتبران من المستجدات، الأولى هي الانفتاح على العالم عبر الانترنت بشكل أفقي سطحي يمنح الملحد شظايا قد تجعله يعتمد على الجاهز ولا حاجة إلى تفكيره، وهذه القضية أنهت لنا ما يدعون من الهوية الإلحادية, والمسألة الثانية استغلال سمعة بعض فرق المرتزقة والتي لبست لباس الدين على خلق تصورات أن الدين إرهابي فيصبح بالمقابل الملحد رجل يحلم بالسلام، مع خلق فوضى حوارية معتمدة على الفرقة بين المذاهب والتحديات النقاشية وإبراز الجانب الدموي، وهذا أيضا انتهى مقابل شيء غير متوقع.
ويبدو أنهم لم يحسبوا له حسابا، منح الشباب هوية حقيقية تنامت عبر الشعائر الحسينية التي استطاعت أن تنفتح على العالم بكل مذاهبه وأديانه ولغاته، ومنحت الشباب الهوية الإنسانية، ونشطت لها معنى الانتماء، ليتعامل الإنسان الجديد مع تلك الشعائر بأحكام لا علاقة لها بالتطرف الديني أو السياسي.
الشعائر الحسينية استطاعت إنقاذ الموقف وجذب الشباب إلى هذه الظاهرة بقوة ومنها رسخ الخطاب الديني عبر المنابر الحسينية والوعظ والإرشاد، والنشاطات الاجتماعية العامة، والمعروف أن الإلحاد لا يمتلك مثل هذه النشاطات الاجتماعية، صارت المواكبية لها عوالمها وثقافتها المؤثرة عبر المقروء والمرئي والمسموع وفي كل الأحوال قادرة على خلق الحصانة العقيدية من خلال الأنشطة المتنوعة التي تجذب الشباب إلى تكوين تفاعل جمعي ومنها ظاهرة التكايا الخدمية للزوار في المسير العاشورائي و الاحتفاء في المناسبات الدينية الولائية.
يرى البعض أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الرعاية والمحافظة على ترصين الخطوة وتنميتها بشكلها الصحيح، إن النشاطات الدينية قضت على جواذب الإلحاد بقوة وأظهرت خلل الفكر المستورد للإلحاد مع أصالة الشغف الجماهيري بالشعائر والطقوس العبادية بما تمتلك من الألفة الروحية للدين.
إنسانية الإنسان تسامى فيها الشعوري بالموكبي، أنا لا أتحدث عن حدود مذهبية بل عن دين وديانة، وألفة الانفتاح مع السماء.
أشاعوا اليوم وبشكل مفتعل يزعم أن فريقا من أثيوبيا اكتشف حفور لحيوان يمثل أحدى الحلقات البدنية التقاربية بين الانسان وبين القرد، لنفترض وجود قرد يمتلك قابليات مميزة وهل هذا يعني أن من نسله ولد الإنسان، لا شيء بقى عند الفكر الإلحادي يمتلك القدرة التأثيرية مثلما كانت تمتلك قبل نصف قرن، يذهب معظم المنظرين إلى أن حالة الثقة عند الملحدين الشباب ليست ناشئة عن معطى علمي ومعرفي منطقي أو حقيقي وإنما هي حالة نفسية عاطفية قابلة للانتهاء مع أول تماس فكري بمعنى أن لا شيء تغير، الإلحاد هو حالة نفسية للتعبير عن الذات الواهمة الضاغطة، لتخلق لها مكانة في المجتمع، وهذا يدل على سطحية الرؤى، عقليات مريضة مع منطق هزيل يحاول تضخيم وتفخيم للإلحاد وجعله قضية علمية فكرية، ولهذا عجزت أن تؤثر في القيم الإيمانية، بالمقابل هناك وعي ديني ساهم في إشاعة الوعي الإنساني والبحث عن سبل الهداية.
أنا لا أتحدث عن الإلحاد المحلي الذي لا أؤمن بوجوده أساسا لكني أتحدث عن القطاعات البشرية الملحدة على خارطة العالم أينما تكون، لا بد من خطاب يناسب الفكر المعروض وتصبح العملية بدل أن يصدروا لنا الإلحاد نصدر نحن لهم الإيمان، معتمدين على إنسانية الدين، وعلى منهج أهل البيت عليهم السلام، والشعائر الحسينية التي انفتحت على العالم بقوة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat