ما بعد الإلحاد / ظاهرة سلمان رشدي
صالح حميد الحسناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح حميد الحسناوي

يحاول الإلحاد أن يتجدد كما يشير الدكتور عبدالله صالح العجيري، ومن مظاهر هذا التجدد هو التنوع في عرض فقراته الإلحادية، ويعمل على أن يشكل من كل فقرة ظاهرة.
وظاهرة سلمان رشدي الذي ألف كتاب (آيات شيطانية) في ثمانينات القرن المنصرم، والذي فعل ثورة عجيبة، وكأن سلمان رشدي بدل أن يهز ثقة المسلمين بدينهم صار يهز مشاعر الشباب المسلم ليتمسكوا بدينهم، فوقف المجتمع الإسلامي وقفة حازمة، ومن ثم سعى المجتمع الغربي لإعادة الظاهرة وتجديد معالمها ثانية.
نشر (36) موضوعا لكتابٍ يدافعون عن سلمان رشدي في إصدار واحد هو دليل أن القضية تجاوزت مرحلة التجارة وزيادة المبيعات، عاش الشباب المسلم حالة صحوة ووعي عرفوا أن الغرب يريد أن يضرب الفكر الجمعي للأمة، فسروا كل ظاهرة وأدركوا أبعادها
السؤال الذي نشروه في العالم كرد فعل عن الظاهرة ما الذي قدمه سلمان رشدي لتمنحه الملكة اليزابيث الثانية لقب (الفارس) وأما شخصية (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا صاحب المزاج المتقلب فهو كان دائم الحديث عن ضرورة بناء الجسور مع المسلمين وإذا به بعد شهرين من شعاره يقترح على الملكة منح الوسام لرشدي، هل هذا التكريم هو لشخص سلمان رشدي أم لدلالته التي تظهر أن الإسلام ضد حرية الفكر والتعبير؟
وهي الصورة المغلوطة التي يحملها الغرب اتجاه الإسلام، ينظر الغرب إلى هذا التكريم باعتباره تكريسا لحرية الفكر والعقل وهذا يسيء إلى احترام الخصوصية الثقافية للمجتمعات الأخرى
لا بد أن نعرف أولا من هو رشدي، سلمان رشدي ولد في بومباي الهند وهو مسلم صاحب كتاب (آيات شيطانية) رواية قصصية خيالية وهي عبارة عن هلوسة عقلية تاريخية، تبدأ تتخيل طائرة تنفجر بفعل إرهابي، فوق الجزر البريطانية فيموت ركابها، وينجو اثنان جبريل رجل الخير والشيطان رمز الشر، ويتحرك على مدى 547 صفحة لذم الإسلام ورسوله ومقدساته، الكثير من أعداء الإسلام أنفسهم اعتبروا هذا العمل تجاوزا واعتبروه جريمة وتطاولا على شخصية النبي صلى الله عليه وآله والذي قدمة على أنه الشرير، وهو عند سلمان رشدي مصاب بالصرع والهلوسة، ويصف الأنبياء بأوصاف بذيئة, وكان رد المسلمين، أصدر علماء الدين إيران فتوى بإهدار دم سلمان رشدي، وأججت هذه الفتوى الغرب وقاطعت الكثير من الدول الأوربية إيران سياسيا واعتبروا سلمان رشدي أسطورة، وروجت الكثير من الدول للكتاب وطبعته لتوزعه بشكل شبه مجاني، بالمقابل تحرك المفكرون العرب الإسلاميون وأصدروا العديد من الكتب المهمة ضد كتاب سلمان رشدي مثل
د. احمد ديدات ود. محمد يحي، ود. نبيل السمان ود. شمس الدين ورفعت سيد أحمد والسيد هادي المدرسي، السؤال الذي دار عند الشباب:
ـ هل يعتبر عمل سلمان رشدي جزءا من حرية التعبير، هناك فرق بين حرية التعبير وإهانة الأديان ورموزها ومعتنقيها، هل طالب المسلمون يوما بمنع كتاب من الكتب التي انتقدت الإسلام ورسول الإسلام صلى الله عليه؟
والتي ترمي الإسلام بكل كبيرة من كذب واختلاف، ما فعله رشدي لم يكن تعبيرا عن رأي ديني مخالف بل محاولات استفزازية ضد رموز العقائد الاسلامية، الآن وبعد عقود يسعى الغرب إلى إعادة الظاهرة وإبرازها إلى الوجود، وبدل أن ينهك الوعي الإسلامي زاد في صلابة المواجهة، مثلا لم يكن للجاليات الإسلامية الصوت المسموع، وبعد ظاهرة رشدي توحدت اصوات المسلمين ونظموا لجنة للعمل الإسلامي الذي أصبح (المجلس الإسلامي البريطاني)
وفي عام 1989 م وصف سلمان رشدي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأنه أحد العباقرة العظماء في تأريخ العالم، لكن لقب الفارس أجج الاحتجاجات، في عام 2022م تعرض لحادث طعن على يد شاب أمريكي من أصل لبناني اسمه (هادي مطر) عمره 24 سنة سدد له عدة طعنات في رقبته وأصيب على أثرها بتلف في الكبد، وقطعت أعصاب في ذراعه وعينه.
أثبت قضية سلمان رشدي أن الغرب لم يراع مشاعر الشعوب الأخرى الدينية والاجتماعية واستغلوا قضية سلمان رشدي سياسيا، ويعتبر هذا الحراك جزء من المسعى الإعلامي لتركيز خطى الإلحاد وإلا هل الغرب يؤمن بحرية التعبير؟
طبعا هذه الأمور الدعائية أسقطتها قضية مقتل الفنان العربي ناجي العلي الذي رحل قسرا من الكويت بضغط إلى لندن ليقتل على يد الموساد الإسرائيلي معتبرة عمله الفني يجرد الشرعية عن إسرائيل.
في معظم دول الاتحاد الأوربي يعتبر إهانة النسل الملكي جريمة يعاقب عليها القانون، وهذه الازدواجية في المعايير هي التي شجعت على العنف.
وفرنسا التي تعد دولة الحرية والمساواة هي التي قادت المفكر الفرنسي المسلم روجيه غارودي إلى المحكمة والسجن والغرامة لارتكابه جرائم ضد الانسانية، حيث طالب العالم بمراجعة علمية وتاريخية لعد العدد المزعوم من ضحايا مجزرة الهولوكوست التي ذكروا ضحاياها 6 مليون يهوديا منعوا الكتاب من التداول في سويسرا وحكموا ناشر الكتاب بالسجن، فاين هي حرية الغرب يا ترى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat