العجز عن مواجهة الذات
صالح حميد الحسناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح حميد الحسناوي

ما نفع أن نترجم للناس كتب الفلسفة الالحادية وبهذه الدقة؟
ونعد الفكر التخصصي إلى العقلية الشمولية، هل نريد أن نكشف واقعهم الإلحادي المريض أم نبني لهم واقعا فكريا قد يتأثر به الشاب؟
هل نصدر لهم الفكر المسلم؟
أم نستورد منهم الفكر الفلسفي الملحد؟
هذا جانب أما الجانب الآخر نجد هناك عملية تضخيم لظاهرة الإلحاد واعتبارها ظاهرة خطيرة، يصفها البعض بأنها ظاهرة تقدم نفسها بقوة، باعتبارها هجمة شرسة تستهدف الإسلام وتشويه صورته، ودفع شبابنا للانفصال الروحي
الملحدون في العراق هذا الكلام كبير عليهم، لا أحد منهم عرف معنى الإلحاد بهذا العمق الذي نقرأه اليوم، كان أحدنا يقسم بالله العظيم بأنه ملحد، ولكل واحد منا إيمانه بالله وقناعته بوجود الله سبحانه بل كان يدعو الرحمة والرزق، لكننا حين نلتقي نردد الكلمات السطحية للألحاد، نريد أن نعلن أننا نعيش حياتنا بلا هدف وبقناعتنا، بلا شغف وبلا حماس فقدنا معنى وجودنا، الآن أفكر جادا هل كنا نكذب على الناس أم على انفسنا؟
ولذلك كنا لا نستطيع مواجهة الذات، كان الأمر في دواخلنا يختلف عما نقول، كنا دائما نصطدم بالموت، مات لدينا رفيق، حضرنا إلى مأتمه وقرأنا له القرآن، وزعنا الثواب على روحه وطلبنا من الناس قراءة سورة الفاتحة، والترحم على روحه، وسألنا الله الرحمة ونحن ندعي الالحاد، ليس فينا من يعلن إلحاده لنفسه، تصرفنا كملحدين من أجل مشاكسة الناس، مخالفة أفكارهم، أغلبنا كان يريد أن ينغمس في الملذات دون رادع من دين، كنا نفرح حين يشعرنا أحد من الخطباء بخطورتنا، أو يعمق تفكيرنا فيبالغ بتضخيم إمكانياتنا ويقدمنا للناس باعتبارنا قوة خطيرة قادرة على إزاحة إيمان الشعوب، أحد الشيوخ كان يصفنا بأننا أشرس أعداء الإسلام ويشخص العلة بأن مسلما جاهلا يتعصب لجهله وبأفعاله يشوه ويدمر الإسلام الحقيقي، وأنا أرى كوني صاحب تجربة أن الإسلام لا يشوه مهما افتعلنا ضده الأباطيل
كنا نخاف من المؤمن الحقيقي، لكن الذي يهدد الإسلام هو عدم مصداقية المسلم الذي يعلن أشهد أن لا إله إلا الله، ويسرق ويكذب ويخون اليوم وبعد انتشار الانترنت، تابعت وجود الملحدين فوجدتهم منهم من يستخدم صفحته ليكتب فيها أشياء تعبر عن محتواه، و هناك مواقع الحادية مثل موقع إيلاف والحوار المتمدن وعشرات المواقع العلمانية، تقدم قشور فلسفية يتمنطقون بها تقليدا لدراسات المترجمة، أما نحن كنا ندون بعض المفاهيم الغير ناضجة، مثل خلق الكون بالصدفة، ولا نقر بالثوابت الدينية الراسخة، فإذا صرحنا بالأيمان بها ماذا يبقى لدينا، مثلا كنت دائما أقول للأصدقاء أن هناك فارق كبير بين الدين والعقل، العجيب أني لم أجد من يرشدني حينها أن الدين الإسلامي يدعو إلى التدبر والتفكر وقراءة النفس والكون، وإذا كانت الكنيسة تحارب الفكر والعلم فالمساجد كانت وما تزال مدارس علمية خرجت الكثير من علماء الدين والعلوم منها الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلسفة ولو هيء الله لي من يعلمني هل كنت أقتنع؟
ومن الأشياء الطريفة التي أحتفظ بها كنت أكره أشد الكره حين أسمع مسلما يكفر بالله صاحب الجلالة وكنت أزعل وتصيبني القشعريرة، وحينها أنتبه لمحاسبة نفسي، كيف بك وأنت تنكر رب العرش، واعتقد أن المنابر الحسينية كانت منابرا فاعلة لكن محدودية نشرها أفقدتنا الهداية، اليوم يتمتع الملحدون بالشرذمة، التقوقع تحت المصطلحات المضببة والتي تشعرهم بأهمية ما ينظرون ن ونضخم لهم الازمات النفسية، كنا نخدع انفسنا بمصطلحات هي نفسها اليوم تسوق عبر الوسائط الالكترونية، مثل الاقتناع بالقناعة، ترى بعض الأكاديميات أن القناعات لا تكذب وهذه أحدى أهم الخدع التي كنا نمررها على أنفسنا واكتشفنا أن معظم القناعات هي واهمة مزيفة خاوية، وإلا فكل الجهات التي تتعامل وتقاتل بقناعة الباطل والحق، يكتب المنظرون أن القناعات لا تشكل موفقا لإرادة الإنسان ولا تتبع قرارته لو هذا هو الزيف الذي كانوا وما زالوا يخادعونا به
علينا أولا الإيمان بفسحة العقل، أغلب الملحدين العراقيين هم مقتنعون بوجود الله سبحانه تعالى، ويعد علماء النفس وجود شخصية تنكر ما تؤمن به هي شخصية انفصامية وهذه هي السمة الغالبة على جميع الملاحدة المسلمين يؤمنون ويلحدون بنفس الوقت، وهذا الأمر يجعلهم ليسوا من أصحاب العقل السليم، أو بمعنى أقرب، أننا كنا ندعي الإلحاد أكثر مما نؤمن به، الله سبحانه موجود وهذا الأمر نؤمن به، وأما من لا يؤمن به يعني أنه عجز عن إدراك قدرة الله تعالى، وتحرر من الأخلاق لهذا لو عدنا إلى الشعارات التي كنا نرفعها لخجلنا اليوم من ذكرها، والحمد لله على نعمة الهداية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat