صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

صلح الحديبية والقرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن الحديبية: وكان لهذه المعاهدة نتائج وآثار بعيدة المدى، كان من أبرزها وأهمها: 1- تهيّأت الأرضية لنشر الإسلام في المناطق المختلفة، بعد استقرار الأمن والسلام بين المسلمين وقريش، فقد كان يقضي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر وقته في العمل على إفشال المؤامرات والدفاع عن المدينة والدخول في حروب. 2- كان لاعتراف قريش بالكيان الإسلامي رسمياً، دوره في منح القبائل حريتها في الانضمام إلى المسلمين إذا شاءوا. 3- زال الستار الحديدي الذي ضربه المشركون حول المسلمين في المدينة، فتمكن الناس من الارتحال إلى المدينة والتعرف عليها وعلى تعاليم الإسلام العليا، ممّا فسح المجال لهم في اعتناق الإسلام كما تمكن المسلمون من السفر إلى مكة وأجزاء أُخرى، ممّا ساعد في نشر الإسلام في تلك الجهات. 4- التحق عددٌ كبير من رؤوس الشرك والكفر كخالد بن الوليد و عمرو ابن العاص بالمسلمين واعتنقوا الإسلام قبل فتح مكة. 5- زال الحاجزُ النفسي بين قريش و المسلمين، حين أثبت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لهم بأنّه معدن عظيم من معادن الخلق الإنساني الكريم، بعد صبره وتجلده وتحمّله تصلّب قادة المشركين وتعنّتهم. فقد شاهدوا موقف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في مخالفته لآراء المعرضين من جماعته لبعض البنود عند توقيع العقد، وذلك في رغبة صادقة منه لإقرار السلام بين الجانبين،فأبطل بذلك كلّ الدعايات والإشاعات المغرضة التي رُوِّجت ضدّه و ضدّ دعوته المباركة، وأثبت أنّه حقّاً رجل سلام وداعية خير للبشرية، حتى لو سيطر على مقاليد الجزيرة العربية، فإنّه سيعامل أعداءه باللطف والحسنى والتسامح. ويؤكد ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام بعد ذلك: "وما كان قضية أعظم بركة منها". إذ لم يكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصل إلى المدينة حتى نزلت سورة الفتح التي وعدت المسلمين وبشّرتهم بالانتصار، ممّا اعتبر مقدمة لفتح مكة "إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبيناً" (الفتح 1).

عن الألوكة الثقافية ما نزل في صلح الحديبية من القرآن للدكتور محمد منير الجنباز: "لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا" (الفتح 27)، رأى النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية رؤيا أسعدته، ورؤيا الأنبياء حق، بأنه وأصحابه دخلوا المسجد الحرام آمنين فأدَّوُا العمرة، وكانوا ما بين محلِّق ومقصِّر، كما بشَّرهم بالفتح، لكن لما صُدوا عن المسجد الحرام وعقدوا صلح الحديبية وأن عمرتهم قد تأجلت إلى قابل، شق عليهم، فقال المنافقون: والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لم أقل هذا العام)، ثم أخبر القُرْآن الكريم عن مجريات الصلح بدءًا من البيعة، فقال: " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" (الفتح 10)، ولكن البيعة تحت الشجرة كانت من قلوبٍ حملت الوفاء والإخلاص؛ لذلك مدحهم الله "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا" (الفتح 18)، وبعد البيعة استعد النبي صلى الله عليه وسلم لقتالهم: "وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" (الفتح 22-23)، وقد حاول القرشيون أن يختبروا قوة المسلمين، فطافت خيلهم بمعسكر المسلمين، فوقع ثمانون منهم في الأَسر، وفر الباقي، وأُخذ الأسرى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فعفا عنهم وأطلق سراحهم؛ ليبرهن لهم أنه إنما أتى للعمرة لا للقتال: "وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا" (الفتح 24)، ثم بيَّن أن المعتدين هم الذين يصدون الناس عن المسجد الحرام؛ حيث قدم المسلمون لأداء العمرة وكان هديهم معهم مقلدًا ومحبوسًا ينتظر أن يهدى في الحرم وينحر في مكانه المخصص، "هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" (الفتح 25)، لقد بيَّن الله تعالى أن هذا الكف كان بسبب وجود مسلمين ومسلمات في مكة وقد يتأذون من القتال ويصيبهم الأذى أو القتل وأنتم لا تعرفونهم؛ لأنهم يكتمون إسلامهم عن أهل مكة خشية الإيذاء، ولو تميزوا عن الكفار بعلامة معينة لسلطكم الله عندئذ على الكفار قتلًا وأَسرًا، ثم بين سبحانه وتعالى نفسية قريش وصلفهم في عدم السماح للمسلمين بالعمرة، وتلقي ذلك من قِبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر والسعي للصلح: "إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" (الفتح 26).

جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم‌ السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: صلح الحديبية معاهدة عُقدت بين مشركي قريش ورسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في سنة 6 هـ في منطقة الحديبية، وقد وردت الإشارة لها في سورة الفتح. وقع هذا الصلح بعد توجه المسلمين إلى مكة لأداء مناسك الحج فمنعتهم قريش من دخول مكة بعد أن أرسل لهم النبي الأكرم عثمان بن عفان ليخبرهم بمجئ المسلمين وسبب مجيئهم. وصل خبر للمسلمين عن مقتل موفدهم لقريش فاجتمعوا حول النبي وبايعوه تحت الشجرة على الموت وسميت هذه البيعة بـ(بيعة الرضوان)، وبعد أن تبين كذب خبر قتل عثمان بن عفان جاء وفد من قريش لرسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ووقّعوا معه معاهدة نصت على بعض الأمور ومنها عقد هدنة لمدة عشر سنوات بين الطرفين. لم يستمر صلح الحديبية كثيرا فقد نقضت قريش المعاهدة بعد عامين بمناصرتهم بني بكر بالسلاح وقتالهم معهم ضد خزاعة الذين كانوا من الداخلين في عقد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم. الحُدَيْبِيَةُ وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بويع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، تحتها، وقيل: أنها سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وبين الحديبية ومكة مرحلة، وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم. الخلفية والأسباب: في شهر ذي القعدة في سنة 6 هـ رأى رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في الرؤيا أنه دخل البيت الحرام وحلق رأسه ووقف في عرفات، وقد صدّق الله تعالى رؤيا نبيه بقوله: "لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذٰلِكَ فَتْحاً قَرِيباً" (الفتح 27) بعد هذا الوعد الإلهي استنفر رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم أهل المدينة والعرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه، وكان يخشى أن يعرض له قريش بحرب أو يصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثير من الأعراب، وخرج رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحِق به من العرب، وساق معه الهدي، وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له، وقال الشيخ المفيد: كان‏ اللواء يومئذ إلى أمير المؤمنينعليه السلام كما كان إليه في المشاهد قبلها.

جاء في کتاب موسوعة في ظلال شهداء الطف للشيخ حيدر الصمياني: إضافة لما رواه الفريقان في نبوع الماء من بين أصابعه الشريفة حتى سقى جيشاً كان يبلغ الفاً وخمسمائة رجل. فقد روت صحاح المسلمين كالبخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضوان الله عليه قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي’ بين يديه ركوة فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: مالكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا عشرة مائة. أقول: إذا كانت أصابع رسول الله’ قد سقت وأروت كل هذا العدد الكبير من الجيش، ولم نعترض عليه، أو نرى فيه محذوراً يمنعه، فلم نمنع أو نستكثر ان يتفجر من بين أصابعه الشريفة ما يمكن ان يغذي ولده الحسين عليه السلام. أن الحسين عليه السلام رضع من أُمّه فاطمة، دون غيرها من النساء، وإبهام رسول الله’، كما أشار إلى ذلك بعض العلماء، يقول السماوي في إبصار العين: كما صح في الأخبار أنه لم يرضع من غير ثدي أُمّه فاطمة وإبهام رسول الله’ تارة، وريقه تارة أخرى. وقد ورد في تفاسير أهل البيت، في تفسير الآية الكريمة من سورة هود: "بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (هود 86). حكاية عن حديث شعيب مع قومه، والتي سوف يقرأها الإمام المهدي عليه السلام بعد خروجه على قومه.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/22



كتابة تعليق لموضوع : صلح الحديبية والقرآن الكريم (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net