صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

كيركغارد ومجالاته الثلاثة المتناقضة
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفيلسوف الدنماركي، الذي تنسب اليه الوجودية المؤمنة، كيركغارد، تحدث عن مسألة ( ذبح إبراهيم (ع) لولده)، وفي هذا السياق تحدث كيركغارد عن المجالات الثلاثة التي اعتبرها متناقضة ، متأثراً بذلك بثالوث الديالكتيك الهيغلي، الاطروحة والطباق والتركيب.
وهذه المجالات التي تحدث عنها كيركغارد واعتبرها متناقصةً هي:1- المجال الجمالي: ذبح الولد من ناحية جمالية ووفقاً لأحكام العقل العملي بالحسن والقبح، يعد فعلاً قبيحاً ، فكيف يقدم عليه النبي إبراهيم عليه السلام؟
2-المجال الثاني: هو المجال الأخلاقي، فذبح الولد البرئ فعل مشين أخلاقياً، ولايوجد اي تبرير اخلاقي له
3- المجال الديني: يعتبره كريكغاردمجالاً غير قابل للتفسير والفهم وإنما يفعله المؤمن تقرباً إلى الله تعالى.فعل ابراهيم عليه السلام مبرر في المجال الديني فقط.
أنا لا أعتبر أن المجالات الثلاثة التي اعتبرها كريكغارد متناقضة، متناقضةً بل أعتبرها مجالات متناسقة ومتناغمة فيما بينها، فالجمالي لايناقض الاخلاقي؛ لان الأخلاقي فيه جمال وحسن ورقة وذوق، وكذلك الديني لايتناقض مع الجمالي والأخلاقي؛ لان الديني في عقائده وتشريعاته وتكاليفه يتضمن الجمالي والأخلاقي، فتعاليم الدين صادرة من الجميل وهم أسم من أسماء الله، فما نراه في هذا الوجود هو رشحة من رشحات الجميل. والجمال في الوجود لايراه إلا الجميل؛ لذلك قال الشاعر: كن جميلاً. ترى الوجود جميلاً؛ فالنفس القبيحة لاترى الجمال. والمجال الديني لايتعارض مع المجال الجمالي والأخلاقي؛ لان الدين تضمن في عقائده وأصوله وفروعه وكل تشريعاته وتكاليفه الجمال والأخلاق. القتل قبيح من القاتل ، ولكن الإنسان المؤمن حينما يقدم على الشهادة بارادته ليحقق أهدافاً اكبر من ذاته ، فهذا جمال ، كما قالت السيدة زينب عليها السلام لابن زياد حينما سألها كيف رأيت صنع الله بأخيك والعتاة المردة من أهل بيتك قالت:(مارأيت إلا جميلاً)، بالنظر المادي السطحي، لايوجد جمال في عاشوراء، فالرؤوس المقطوعة والمرفوعة على أطراف الرماح، والأطراف المبتورة والطفولة المذبوحة من الوريد إلى الوريد، كل هذا المشهد لايوجد فيه جمال، وإنما الجمال الذي رأته السيدة زينب(ع) هو جمال في بعده المعنوي ، جمال التضحية في سبيل الله تعالى من اجل هدف أسمى وأعلى.
ونأتي إلى سؤال كيركغارد الذي اعتبر فعل الوالد إبراهيم عليه السلام فعلاً قبيحاً وفعلاً غير اخلاقي، وأعتبر البعض ان الإله الذي يأمر الوالد بذبح والده ، هذا الإله شرير وقبيح وليس إلهاً رحيماً. ولكن هذه المسألة قد اجيب عنها في علم أصول الفقه، بأن الأوامر على نوعين:1- أوامر يراد منها تحقيق المأمور به2- وأوامر لإيراد منها تحقيق المأمور به ، وهذا النوع من الأوامر يسمى في علم أصول الفقه بألاوامر الامتحانية. فالله تعالى لايريد من إبراهيم ذبح ولهده ولكنه أراد إظهار صدق إبراهيم عليه السلام ليظهر صدقه وجمال إخلاصه وأخلاقيته في طاعة الرب، لان من حق الرب على العبد الطاعة، الله لايريد ذبح إسماعيل بل أراد اختبار إبراهيم ونجح الوالد في الاختبار والولد كذلك. إذن لايوجد ذبح وقتل حتى يقال ان الحادثة في المجال الجمالي والمجال الأخلاقي غير مقبولة وأن الرب شرير ومتوحش. هذا الكلام لا يأتي ؛ لان الأمر كان أمراً إمتحانياًً.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/22



كتابة تعليق لموضوع : كيركغارد ومجالاته الثلاثة المتناقضة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net