صفحة الكاتب : رزنة صالح

مِن ميتٍ يسكن البرزخ، إلى حيٍّ نسيَ بأنَّهُ سيموت.
رزنة صالح

 دونَ أنْ أعصِر أفكاركَ بالمُقدماتِ، سأبدأ:

مرحبًا ...  قبل ترتيل السطور دعني أنفُضُ ثوب عُمري المُمتَلئ بالتراب، وأقوم بالبحث عن مرآة كي أضع ما يخفي التجاعيد التي رمتها على قميص ملامحي الأيام.
وضعتُ يدي على رأسي كي أُرتِّبَ خصلات شَعري المُتناثرة، لكي أصنع مظهرًا يليق بمقامكَ، ولكن للأسف لم أجد غير جُمجُمةٍ تسرَّب منها الشَّعر دون سابقِ إنذار!
هل تعلم! آلمني الأمر في البداية، ولكن حين فكرتُ بدقّة علمتُ بأنهُ شيءٌ مُريح، فمن أين لي مشطٌ في هذا المكان!
حتى الثياب هُنا شحيحة، كلما رتَّبتُ موضع جلستي أنشقَّ الثوب من أحد الجِهات،  وجدتَ خيطًا تسرَّب منهُ على وريد الورقة لا تجعل الشفقة تتسرَّب إلى ملامحكَ.. هل تعلم ان الوقت هُنا عقيمٌ جدًا، لذلك لا أعلم التوقيت بكُلِّ دقّة، ولن أكتب لكَ مساءَ الخير، أو حتى صباح.. أنا لا أسكُن عالمكَ وأنتَ لا تسكُن عالمي، ثمّةَ شيءٌ غريبٌ يتسرَّب مِن أحشاء الصمت، ولا أجدُ طفلًا يُتقِن الكلام..
حاولتُ البَحث عن دورةِ مياه لأتوضأ، لا يفرق أي فرضٍ من الخمسة، المُهم رغبتي الكبيرة في الصلاة، المُصيبةُ يا عزيزي بأنِّي لم أجد ماءً أو ترابًا حتى أتيمَّم، وبقيتُ دونَ صلاة!
يا للخيبةِ التي تسكُنُني، لذلك أرجوكَ صلِّ كثيرًا دونَ توقف، ولو سمحتْ لكَ الدقائق بأن تبقى عالقًا على كاهل الأرض إياكَ والتراجُع، أنا الآن أعرِف قيمةَ كل هذهِ الفروض التي فرطتُ بها لا تكُن مثلي.. جسد الليل نحيلٌ يا صديقي، وعمري يقضُم أظافر النَّدم، ولكن مهما فعلتُ لن أعود لتعويض ما تسرَّب منكَ.
حتى أناملي... تستعمرها الشيخوخة، حاولتُ كثيرًا تحريكها لتُسبِّح ولكن لا فائدة، أصابها الصدأ وذبُلتْ، لِذلك استُر خصر أناملكَ بالمسبحة، وإياكَ والتعرّي فأنّ المسبحة وشاحٌ لمن لا يمتلكُ وشاح.. لن تُصدِّق بأنَّ المآذِن عاريةً من المُصلين، لذلك ارتدِ ثوب مآذن القريةَ وكُن لها إمام.
قمتُ للبحث عن إبريق لكي أصنع لي القهوة و لم أجد إلا دموعي تملأُ إناء الساعات.. 
أعلمُ بأنّ العالم الذي تسكنهُ ممتلئٌ بالكثير من الكبَد والوحدة والظُلم والخيبات، ولكن يجب أن تؤمنَ بأنكَ في النهايةِ ستُغادِر، وتضعُ رأسكَ على صدرِ التُراب، أنا الآن يا صديقي أتحسَّسُ ملامِح الطريق لعلّي أجدُ المَخرج لأهربَ إليكَ، ولكن لا فائدة، أخرُج مِن مَمر لأعود إليه، وكأن الدروب عاقرة عن النهايات، اصطدمت أخيرًا بشيء، رفعتُ رأسي فإذا بي أجد عمودًا من عِظام، حتى ظِلّي يا رفيقي انخلعَ عني وراح يبحثُ عن الشمس! كُل شيءٍ هُنا يتخلّى عنكَ ، وحدهُ عملكَ من يُرافقكَ، يُضاجِعكَ ويقبل دربكَ الطويل..
والآن دعني أبثُّ لكَ ما تبقى من كلماتي في نهاية السطر: أنتَ مسؤولٌ عن كل ما سيحدُث معكَ حين تصِلُ إلى هذا المكان. اذا اردت ان تعمر هذا الخراب عمره وانت هناك ،.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رزنة صالح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/04/10



كتابة تعليق لموضوع : مِن ميتٍ يسكن البرزخ، إلى حيٍّ نسيَ بأنَّهُ سيموت.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net