صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

استراتيجية الترقّب والرّد الإستراتيجي
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بين قائل متى وكيف سيكون الردّ على جريمة اغتيال الشهيد هنيّة؟ وبين مترقّب ذلك من أطراف مختلفة ومتباينة في المواقف، بدت فرضيّة الردّ الإيراني على جرائم الكيان الصهيوني، مفرّقة أو مجتمعة آخرها اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، في طهران بالذّات، جاء ضيف شرف، لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب (مسعود بزشكيان)، في عمل استفزازي قبيح، استُدرجت به إيران، فاستفزّها وأغضبها العمل الإجرامي الذي وقع على أراضيها، وكانت على أبواب أن تبادر بردّ سريع عليه، لكنّه لم يقع لأسباب أحاول شرحها هنا في هذا المقال.

بالنظر إلى شخصيّة الشهيد السعيد، فإنّ عملية اغتياله كانت ستكون أسهل بكثير، لو وقع تنفيذها من طرف عناصر الإستخبارات الصهيونية خارج إيران، في تركيا مثلا أو في قطر أو في مصر، فذلك لا يكلّفها أي عناء في سهولة القيام به، ولكن يبدو أن الهدف من الاغتيال أكبر من الشخصيّة نفسها، في الجانب المادّي للعملية، فهي تحمل بين طيّاتها استدراج صهيو أمريكي، لتوجيه ضربة عسكرية على إيران، تأتي بعد أن تقوم إيران بالانتقام على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، وهذا لا يخيف إيران فهي قد أعدّت نفسها لجميع الإحتمالات، واضعة في حسبانها حربا مواسعة النطاق، ليس مع أمريكا وحدها، بل مع الدول المشاركة في حلف الناتو.

وفي الجانب المعنوي الدّعائي، فيهدف إلى توريط إيران باتهامها أوّلا بالتقصير في حماية ضيفها القائد الحمساوي، وخلق أزمة ثقة بينها وبين حركة حماس، قد تلحق ضررا بالعلاقات مع بقية الفصائل الفلسطينية، يكون مقدّمة لخطة صهيو أمريكية خبيثة تمتد إلى عمليات اغتيال أخرى تقع في إيران، قد تطال شخصيات فلسطينية ولبنانية ويمنية وعراقية، تحدث زعزعة في مجال العلاقات بين مختلف قوى المقاومة وإيران.

وجني ثمار ذلك كلّه في استدراج إيران للرّد على عملية الإغتيال، انقاذا للوضع العسكري الصهيوني في غزّة، بالالتفاف على ايران في ردّها السريع، بردّ مبرمج من المحتمل أن يكون أكبر مما تتوقّعه، وبالتالي الاضرار بها بشكل عسكري كبير، وقد شاهدنا تحشيدا عسكريا، حيث جُمِعت له الأساطيل البحرية، من حاملات طائرات ومدمرات وغواصات أمريكية وبريطانية وغربية أخرى جاءت لتدافع عن كيان صهيوني لقيط مجرم لا يعيش الا على العدوان وانتهاك حقوق شعوب المنطقة.

عملية الأربعين

جاء في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بمناسبة ذكرى أربعين الامام الحسين عليه السلام يوم الأحد:  كنا مستعدين للرد منذ اليوم الأول لشهادة السيد محسن، ولكن كما قلنا سابقا إن الرد هو جزء من العقاب، وكنا نحتاج بعض الوقت، لدراسة ما إذا كان المحور سيرد كله، أو كل جبهة لوحدها، وتريثنا لاعطاء الفرصة للمفاوضات، لأن هدفنا هو وقف العدوان على غزة. (1)

وقال "من الواضح أن المفاوضات طويلة ونتنياهو بدأ بفرض شروط جديدة على المقاومة في غزة. وضعنا ضوابط للرد منها أن لا يكون الرد "مدنيًا علمًا" أن لدينا الحق بضرب "المدنيين" ولا بنى تحتية بل أن يكون الهدف عسكريًا على صلة بعملة الاغتيال إما قاعدة استخبارات وسلاح الجو وأن يكون الهدف قريبًا جدًا من "تل أبيب". (2)

وعن أهداف العملية، قال سيّد المقاومة بلبنان: أننا حددنا مجموعة من الأهداف وفق مواصفاتنا، أي أن تكون قُرب تل أبيب، وحددنا قاعدة غليلوت وهي قاعدة مركزية للاستخبارات الإسرائيلية تضم الوحدة 8200، وتبعد عن حدود لبنان 110 كلم وعن حدود تل أبيب 1500 متر فقط، ما يعني أنها من ضواحي تل أبيب. كما وضعنا قاعدة عين شيمرا ضمن الاستهداف وهي تبعد 75 كلم عن لبنان و40 كلم عن تل أبيب. كما استهدفنا المواقع والثكنات لاستنزاف القبة الحديدية والصواريخ الاعتراضية، ما أتاح للمسيّرات على أنواعها وأحجامها العبور نحو أهدافها.(3)

لقد برهن هذا الرّدّ النوعي والدقيق، على اغتيال القائد الشهيد محسن شكر، على قوّة المقاومة على الجبهة اللبنانية، ومقدرتها على الرفع من مستوى أدائها، وزيادة وتيرة نوعيّة صواريخها، وشكّلت عملية مناسبة أربعين الامام الحسين عليه السلام، وجبة أولى على طريق تحرير القدس الشريف، يدرك العدوّ الصهيوني مدى تأثيرها عليه، فيلتجئ إلى استعمال أساليب تضليل رايه العام الداخلي، بالمراوغة  في إخفاء نتائج هجمات الحزب، كلما كانت الإصابات دقيقة ومؤثرة، ولم تملك قيادة العدوّ سوى الردّ بقصف مناطق مخلاة في الجنوب، دون أن يحدث أي خسائر تذكر.

دخول حزب الله في مواجهات عسكرية وتبادل قصف وغارات بينه وبين العدوّ الصهيوني أملاه واجب مساندة اخوانه المقاومين في غزّة، وحدّد وقف القتال والقصف بوقف العدوان على غزّة، هذا الواجب الذي تخلى عنه حكام العرب بجيوشهم وأسلحتهم، يدعونا إلى التساؤل لمن هذه الجيوش وتلك الأسلحة المختلفة برية وبحرية وجوية، اذا لم تسخّر للدفاع عن غزّة وفلسطين، أليست فلسطين معدودة أرضنا وفيها مقدساتنا؟ يبدو أنّ السؤال محرج للأنظمة العربية والاسلامية، حيث لا اعتقد أنها ستردّ عليه، وستلوذ بالصمت ازاءه، يبدو واقعا أن دور الجيوش العربية والاسلامية باستثناء ايران الاسلامية، هو دور حفظ الانظمة وحدودها فقط، مع ترجيح أن تُسخّر أمريكا جيوشا عربية كالأردن مثلا، في الدفاع عن الكيان الصهيوني، وقد يشترك جنبا إلى جنب مع قوات الإحتلال، في حرب قادمة لا محالة، هذا الحسبان ليس تكهّنا، وإنّما هو واقع سيظهر قريبا.

المراجع

1 – https://www.alahednews.com.lb/fastnewsdetails.php?fstid=269623

2 – نصر الله: اليوم ذكرى أربعينية الإمام الحسين ولهذا السبب اخترنا توقيت عمليتنا

https://www.elbalad.news/6302455

3 – نصر الله: المهمّة أنجزت والعدوّ قصف مناطق مخلات

https://www.al-akhbar.com/Lebanon/386129/88

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/08/27



كتابة تعليق لموضوع : استراتيجية الترقّب والرّد الإستراتيجي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net