عاشوراء يوم الأسى والدموع
محمد قاسم الطائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد قاسم الطائي

كان يوماً كل شيء فيه مختلف . في خَطب العزاء والمشاعر والوجوه التي لا تفارق محياها لوعة الحزن القاتم .احاسيس مدهشة، حتى أن الماء والهواء مختلف، ثمة شعور أن كآبة طاغية على الكون بلونٍ دامي وحزن عميق منحدر من صدى الطفوف.
عاشوراء كانت يوماً مختنقاً، ووجعاً لا يشبه وجع الأيام الأخرى، لا من حيث موقف النهضة ولا من حيث مشهد الفاجعة المذهل. اليوم الذي ضجت فيه ملائك السماء بالبكاء والنحيب، وبكت فيه الأرض والسماء بنشيجٍ عالي لا يوم كيومك يا حسين، لا يوم كيومك أيها السبط يا سليل النبوة وحفيد الرجالات الطاهرة، لا يوم كيومك يا أبا الأحرار، وقد خيرك احفاد ابن آكلة الاكباد بين السلّة والذلة، فجسدت شامخاً هيهات من الذلة، لم تعطهم باليد إعطاء الذليل، ولم تقر اقرار العبيد في مداهنة باطلهم وانحرافهم الهادم لقيم الاسلام العليا.
أن مأساة يوم العاشر من محرم تكمن في هتك حرمة الاسلام وهتك حرمة نبي الاسلام بشكل لا سابق له ولا نظير، وهذا ما يفسره حديث الامام الرضا عليه السلام للريان بن شبيب الذي قال له: يا ابن شبيب، إنّ المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يُحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمّة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً .. ثم قال له الامام: يا ابن شبيب، إنّ كنت باكيًا لشيءٍ فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ..»[عيون أخبار الرضا ج1:ص268-269]
الغريب والمثير للتعجب والاستفهام أن أهل الجاهلية كانوا يعظمون حرمة شهر محرم ويحرمون فيه القتال وكل اعتداء حربي فيما بينهم، وهذه الأمة التي لا تتجاوز عن وفاة نبيها سوى بعض بضعة سنين قد فعلت ما فعلت بأهل بيت نبيها كما حصل في فاجعة كربلاء! والمؤسف أكثر أن بعضهم رأى النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" وسمع منه مباشرة أحاديث مخصوصة بحق الحسن والحسين عليهم السلام، وهولاء الذين سمعوا منه كانوا موجودين بين اظهرهم أحياء مثل زيد بن أرقم وغيره، وهذا بنفسه منبه ودليل كاشف أن الأمويين بلغوا من الفجور والتسافل أشد مراتباً ممن كان في عصر الجاهلية؛ تخيل أن أشخاصاً مثل يزيد ومروان وابن مرجانة يحافظون على قيم الاسلام ويكونون خلفاء للنبي في حفظ الشريعة؟! لا أدري أي كارثة وفاجعة ستحل بنا وبالاسلام لو كان قادة الدين هولاء!، ولذلك كان مقصد نهضة سيد الشهداء الأساسي هو الحفاظ على هوية الاسلام بكل جذوره وبقاء نهجه حياً في النفوس.السلام عليك يا أبا عبد الله، وعلى الأرواح التي حلّت بفِنائك ، وأناخت برحِلك ، عليكم مني سلامُ الله أبداً ما بقيتُ وبقي الليل والنهار، ولا جعله اللهُ آخر العهدِ مني لزيارتكم أهل البيت - السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat