صفحة الكاتب : محمد قاسم الطائي

في ذكرى عميد المنبر 
محمد قاسم الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


ذاتَ مرّةٍ تشرّفتُ بزيارةِ أحدِ مراجعِ الدينِ الكبارِ قبيلَ شهرِ محرّمٍ، كانَ الجوُّ مناسبًا جدًّا للحديثِ عن موسمِ عاشوراءِ، وعن أهميّةِ دورِ الخطباءِ التبليغيّ. تحدّثَ سماحةُ المرجعِ عن دورِ الشيخِ أحمدَ الوائليِّ وإخلاصِه في خدمةِ القضيّةِ الحسينيّةِ، وذكرَ لنا قصّةً عن المرحومِ الشيخِ الوائليِّ لما كانَ يقرأُ في دولةِ الكويتِ، قد جاءَ إليهِ أحدُ التجّارِ الأثرياءِ بعدَ أنِ انتهتْ مجالسُهُ الحسينيّةُ، وقد أعطاهُ صكًّا فيهِ مبلغٌ ضخمٌ من المالِ، وفي الأثناءِ ما كانَ الشيخُ الوائليُّ واقفًا، جاءَ إليهِ رجلٌ يشكو إصابةَ ابنتِهِ بمرضٍ خطيرٍ، وليسَ لديهِ المالُ الكافي لمعالجتِها، قالَ: فالشيخُ الوائليُّ مباشرةً وبدونِ أنْ يحسبَ المالَ قامَ بإعطائِه لذلكَ الرجلِ صاحبِ البنتِ، وقالَ: اذهبْ لعلاجِها، فالتاجرُ الكويتيُّ كانَ ينظرُ، فانزعجَ، قالَ لهُ: شيخَنا، لماذا تعطيهِ كلَّه؟! أنا أعطيهِ! قالَ لهُ المرحومُ الوائليُّ: هذهِ من مائدةِ الحسينِ، وقد أصبحتْ لي، وأنا حرٌّ بإنفاقِها.

ثمّ أضافَ ذلكَ المرجعُ (شافاهُ اللهُ وعافاهُ)، وهوَ بعمرٍ يُقاربُ التسعينَ عامًا، أنَّ الوائليَّ هوَ الذي نوّرَ العالَمَ بنشرِ نورِ أهلِ البيتِ عليهمُ السلامُ، وبيانِ أحقّيّتِهم وفضائلِهم، وإيضاحِ مظلوميّتِهم التاريخيّةِ للناسِ، من خلالِ طرحِه المتزنِ والمعتدلِ.

الشيخُ أحمدُ الوائليُّ، رضوانُ اللهِ عليهِ، أجهدَ نفسَه كثيرًا في خدمةِ المنبرِ الحسينيِّ، فأصبحَ علامةً فارقةً في تاريخِه، وعميدَهُ الذي لا يُشقُّ لهُ غبارٌ.الشيخُ الوائليُّ مرَّ بتجاربَ عديدةٍ، وكثرةُ التجاربِ من شأنِها أنْ تُصقلَ الموهبةَ، وتُضفي لصاحبِها الخبرةَ والنضوجَ. لا يُنكرُ أنَّ الوائليَّ تميّزَ بمواهبَ شخصيّةٍ كقوّةِ الحافظةِ والشاعريّةِ، وجهوريّةِ الصوتِ التي تشدُّ السامعَ، حتّى قالَ بعضُهم: إنَّ سرَّ نجاحِ الوائليِّ بهذهِ الجهوريّةِ التي تجذبُ السامعَ إليهِ، فإذا سمعَ منهُ كلمةً انتظرَ الأخرى، وهكذا حتّى ينتهيَ حديثُه.لكنَّ الشيخَ الوائليَّ لم يكتفِ عند حدودِ مواهبِه فحسبُ، بل طوّرَ قدراتِه الخطابيّةَ بالتزوّدِ المعرفيِّ والانفتاحِ على الثقافاتِ الأخرى، ومن خلالِ محاضراتِه يلاحظُ المستمعُ سعةَ الاطلاعِ، وجمالَ التحليلِ، ورزانةَ الفهمِ، والتعقّلَ. وهذهِ المزايا جعلتْهُ صاحبَ مدرسةٍ كبيرةٍ في المنبرِ الحسينيِّ.

مضافًا أنَّ الشيخَ الوائليَّ رحمهُ اللهُ، خلالَ سفراتِه في بعضِ البلدانِ العربيّةِ والإسلاميّةِ، وخلالَ معاشرتِه وحواراتِه مع بعضِ أبناءِ المذاهبِ الإسلاميّةِ، أكسبتْهُ ذلكَ دقّةَ التبصّرِ بالأوضاعِ المحيطةِ بهِ، والعارفيّةَ بشأنِ زمانِه وظروفِه، فكانَ صاحبَ حسٍّ خطابيٍّ متميّزٍ ورائعٍ، كما جمعَ بينَ أصالةِ التراثِ ومعاصرةِ الواقعِ المعاشِ.

رحمَ اللهُ شيخَنا الوائليَّ، وأسكنَهُ فسيحَ جنّاتِه، وحشرَهُ مع مَن أحبَّهم وخدمَهم محمّدٍ وآلِه الطاهرينَ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد قاسم الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/16



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى عميد المنبر 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net