صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

اسس اصطفاء الافراد والجماعات في القرآن الكريم الحلقة السابعة
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اصطفاء النبي (صلى الله عليه واله) 
من الخصوصيات العظيمة للنبي (صلى الله عليه واله) التي نص عليها الكتاب العزيز، ان التقدير الإلهي - منذ اقتضت الارادة الإلهية ايجاد الكون - قد انطوى على ان يكون (صلى الله عليه واله) خاتم الانبياء وان تكون رسالته خاتمة الرسالات وان يبشر به الانبياء الذين سبقوه -في سلسلة الوجود الدنيوي- فحدّث القرآن الكريم عن ذلك على لسان النبي ابراهيم (عليه السلام) في قوله تعالى: 
﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ֍ ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ֍ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ֍ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ֍  إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ֍ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ 
وهذا الدعاء من النبي ابراهيم (عليه السلام) في ان يبعث الله فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم الآيات ويزكيهم لم يكن مجرد أمنية مرت في خاطره (عليه السلام)، بل لما علم من ان هذه البقعة المباركة سينبعث منها نور النبي محمد (صلى الله عليه واله)، فأدعية الانبياء مليئة بالأسرار الربانية والعلوم الغيبية، وبهذا الأمر كانت وصية النبي ابراهيم ويعقوب (عليهما السلام) لبنيهما فاوصياهم الا يموتوا الا وهم مسلّمون بما يأمرهم به الله، كما نص القرآن الكريم على بشارة النبي موسى بالنبي محمد (صلى الله عليه واله) حيث حكى عنه القرآن الكريم:
﴿واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ֍ واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ֍ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾ 
فالقرآن الكريم في هذه المقطع من آياته الكريمة يبشر بظهور النبي (صلى الله عليه واله) والذي نعته الكتاب العزيز بالنبي الأمي وان المتقين الذين يستحقون الرحمة الالهية التي وسعت كل شيء ستكون من نصيب من يؤمن بالنبي الامي ويتبعه ويتبع النور الذي أُنزل معه ، وكذا نص القرآن الكريم على البشارة التي اطلقها النبي عيسى (عليه السلام) وقد حكى ذلك في قوله تعالى: 
﴿وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ֍ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين ֍ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ֍ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون﴾ 
فهذه الآيات الكريمة واضحة الدلالة في ان النبي (صلى الله عليه واله) خاتم الانبياء وان دينه سيظهر على الدين كله وان الله شاء ان يتم نوره على الأرض بهذا الدين الخاتم وان كره الكافرون.
فالقران الكريم عندما وصف التوراة بين ان فيها حكم الله يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا، وعندما تحدث عن رسالة عيسى (عليه السلام) قال: 
﴿إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين ֍ ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين ֍ قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ֍ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ֍ ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ֍ ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون ֍ إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم﴾ 
فالآيات الكريمة تنص على ان عيسى (عليه السلام) رسول الى بني اسرائيل، كما نصت الآيات السابقة الى كونه مبشراً بالنبي الذي يأتي من بعده واسمه احمد.
اما عند حديث القرآن عن النبي محمد (صلى الله عليه واله) فانه ينص على ان دينه سيظهره الله على الدين كله، اي انه الدين الذي ستكون له الحاكمية المطلقة على الأديان وتكون شريعته خاتمة الشرائع، وان الرحمة الإلهية التي وسعت كل شيء سيكتبها الله للمتقين الذين يؤمنون بالنبي الأمي والنور الذي انزل معه ويتبعونهما.
فالآيات الشريفة مبينة للخصوصية التي تميز بها اصطفاء النبي محمد (صلى الله عليه واله) والنور الذي انزل معه، فالنبي والنور الذي انزل معه علاوة على اتصافهما بكل الصفات التي كانت للانبياء (عليهم السلام) فإن للنبي (صلى الله عليه واله) مرتبة ختم النبوات والرسالات الإلهية، اي ان النور الذي انزل معه لن تكون له مرتبة النبوة، كما ان النبي (صلى الله عليه واله) والنور الذي انزل معه سيكون على ايديهم نشر الدين الذي سيظهره الله على الدين كله، وسيتم الله تعالى نوره على الارض بهذا الدين الخاتم واحكامه، وان حاكمية الصالحين للأرض ستتحق على يد الذرية الطاهرة للنبي (صلى الله عليه واله) ليتحقق الوعد الإلهي الذي كتبه في التوراة والزبور:
﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون﴾
وهذه الحاكمية على الأرض التي نص عليها الكتاب العزيز ستكون كما بشرت بها الأحاديث المتواترة عن النبي (صلى الله عليه واله) على يد المهدي من آل محمد الذي سيملأ الارض قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلماً وجوراً.
فمن النص المتقدم يظهر جلياً ان الاسلام خاتم الديانات، وان النبي محمد (صلى الله عليه واله) خاتم الانبياء، وان الاسلام اكمل الاديان وان النبي (صلى الله عليه واله) سيد المرسلين واكملهم وافضلهم واقربهم منزلة من الله تعالى، وان الاسلام كما نصت على ذلك الروايات المتواترة هو الدين الذي سيعم به العدل والانصاف والقسط على يد آخر الاوصياء المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/11



كتابة تعليق لموضوع : اسس اصطفاء الافراد والجماعات في القرآن الكريم الحلقة السابعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net