صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

الشيعة وفلسطين : الحلقة الثالثة، الصراع الشيعي – الصهيوني
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كان انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة المرجع الديني العظيم السيد روح الله الموسوي الخميني (نور الله مرقده) ايذاناً بتحول سياسي في منطقة الشرق الاوسط التي كانت تنام على ترنيمة الشرق والغرب، اذ كان الصراع السوفيتي – الغربي هو المحرك الاساس لكل الصراعات  الداخلية في بلدان المنطقة، فالانجليز لما رأوا عجز الحكومة الملكية في العراق من التصدي للمد الناصري غضوا النظر عن حركة ما عرف بالضباط الاحرار التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم وانهت الحكم الملكي واعلنت قيام الجمهورية العراقية، التي ما لبث ان  ازعجت الغرب نتبجة تمدد النفوذ الشيوعي في العراق فدعموا الانقلاب الذي قاده القوميون الناصريون بقيادة المشير عبد السلام عارف، والذي فشل في خطب ود عبد الناصر ثم لم يلبث القطار الانجلو - امريكي ان جاء بالبعثيين لسدة الحكم، وفي مثل هذه الظروف عاشت بقية بلدان المنطقة التي كانت شعوبها تتحرك لتغيير النظم كما في مصر وليبيا واليمن وسوريا وايران – في نهاية عهد القاجار والعهد البهلوي -.
شعر الغربيون بخطر كبير نتيجة انتصار الثورة الاسلامية في ايران، فهم لم يصنعوا هذه الثورة وليست بايديهم خيوط حركتها، وبإنهيار حكم الشاه محمد رضا بهلوي واعلان الحكومة الاسلامية في ايران، اصبحت المصالح الغربية في ايران في خطر، فايران الدولة التي تمكن الانجليز ومن ثم الروس من النفوذ فيها ايام الحكم القاجاري ثم خلفهم في النفوذ الامريكان، اصبحت في لحظة ترفع شعار لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية، في الوقت الذي كان المد الاسلامي الجماهيري قد ترسخ في وجدان الشعوب نتيجة ظهور الحركات السياسية الاسلامية التي دعت الى انتهاج الاسلام سبيلا ودستوراً للحكم وادارة الدولة، مع دور المؤسسة الدينية كالازهر في مصر والحوزة العلمية في النجف وقم في رفد المجتمع الاسلامي بما يحفظ روح الارتباط بمفاهيم الاسلام - عقيدةً وتشريعاً - نابضة بالحياة. 
واعلن الغرب بقيادة امريكا العداء الواضح لايران نتيجة للتهديد الذي مثله قيام الحكم الاسلامي في ايران للمصالح الغربية في المنطقة حيث كانت ايران سياسياً اهم حليف لامريكا في المنطقة، مضافاً الى كونها الطريق الرابط بين الخصم التقليدي للغرب – روسيا – والمياه الدافئة، وقدرتها على التأثير على الامدادات النفطية التي تصدر من دول الخليج الى العالم لهيمنتها على الضفة المقابلة لدول الخليج العربية، وامكانية تأثيرها على المجتمع المسلم الذي يشكل جغرافياً قلب العالم. يضاف الى ذلك ان القيادة الايرانية ابرزت للعالم فهمها الدقيق لواقع الصراع الحضاري بين الاستعمار الغربي والمجتمع الاسلامي وهدف الغرب في قتل اي فكرة او نظام من شأنه العمل على توحيد العالم الاسلامي بإيجاد اسرائيل والعمل على ان تكون صاحبة اليد العليا في المنطقة، وقد ترجمت ذلك بإعلانها وجوب ازالة اسرائيل من الوجود، واعتبار اخر جمعة في شهر رمضان يوماً عالمياً للقدس، واغلاق سفارة اسرائيل في طهران وابدالها بسفارة فلسطين.
عمل الغرب على الاطاحة بالنظام الاسلامي في ايران، وحاولوا ذلك داخلياً ولكنهم فشلوا، فقرروا دفع النظام البعثي في العراق لخوض حرب ضد ايران، يمكنهم من خلالها تحقيق عدة اهداف الاول اسقاط النظام الايراني، فإن لم يتمكنوا من ذلك فإيقاف الروح الثورية في ايران والمنطقة نتيجة تكاليف الحرب الباهضة بشرياً ومادياً واجتماعياً، اضعاف الروح الاسلامية الناشئة في العراق والتي اثر فيها نجاح الثورة الاسلامية في ايران تأثيراً واضحاً، وكذلك السيطرة على الحركات الثورية التي اخذت تظهر في مختلف البلدان الاسلامية خاصة الخليجية منها والتي يسكنها عدد غير قليل من الشيعة.
كان ابرز اثر لانتصار الثورة الاسلامية في ايران فيما يتعلق بالمسائل المرتبطة بالقضية الفلسطينية، قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، واعلان ان القضاء على دولة اسرائيل من اهداف الثورة الاسلامية، وانشاء ودعم حركة المقاومة الاسلامية المعروفة بحزب الله في لبنان، ودعم الحركات السياسية والجهادية الفلسطينية بالنحو الذي شهد انتقالاً عظيماً في طبيعة الصراع بين الكيان الصهيوني والفصائل الفلسطينية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/11/01



كتابة تعليق لموضوع : الشيعة وفلسطين : الحلقة الثالثة، الصراع الشيعي – الصهيوني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net