قواعد في القراءة القرآنية / ٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

القراءة في المصحف : قراءة القرآن الكريم في المصحف بالخصوص مما حثّت عليه النصوص الشريفة :
+ عن أبي عبدالله - الصادق - عليه السلام : ( من قرأ القرآن في المصحف مُتّع ببصره وخُفّف عن والديه وإن كانا كافرين ) . الكافي ج٢ ص٦١٣
+ وسأل إسحاق بن عمار الإمام الصادق عليه السلام : جعلت فداك اني أحفظ القرآن على ظهر قلبي فاقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف ..؟ فقال له الامام عليه السلام : بل أقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل ، أما علمت أن النظر في المصحف عبادة ) نفس المصدر .
فقد يحفظ أحدنا بعض الآيات والسور القرآنية ، ويقرأها وهو قاعد أو قائم او ماشي ، فهذا بنفسه عمل عبادي قرآني حسن ومطلوب ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من قرأ القرآن حتى يستظهره - حفظه عن ظهر قلب - ويحفظه أدخله الله الجنّة وشفّعه في عشرةٍ من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار ) .
وقد نرغب بالإستماع لأحد قرّاء القرآن الكريم وننصت إليه ونشنّف أسماعنا به ، وهذا أيضاً بنفسه عمل عبادي قرآني آخر نؤدّيه ونحصل على ثوابه ، قال تعالى ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ..
أما الفعل العبادي المسمّى بـ ( قراءة القرآن الكريم ) والذي هو متعلّق الأمر الإلهي الموجّه إلينا بقوله تعالى ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) هو عمل آخر ومغاير عمّا سبق ، كيّفيته هي أن نأتي بالمصحف الشريف ونضعه بين أيدينا وننظر إليه بأعيننا ونرتلّه بألسنتنا ، وهذا هو المتعارف عند المسلمين والطريقة الواصلة إلينا منهم جيلاً عن جيل ، ولعلّه هو القدر المتيقن من ( قراءة القرآن ) المانع - كقدر متيقن - من إرسال معنى القراءة - بمعناها الأكمل - إلى طرق أخرى نقرأ بها القرآن قد تُستفاد من صيغة الإطلاق في النصّ الشرعي الآمر بالقراءة .
فهيئة الجلوس مع المصحف الشريف وقراءته من خلال النظر الى حروفه وبصوت مسموع وبطريقة ذات ضوابط وآداب معيّنة .. هي الهيئة التي يرى العرف بأنها قراءة للقرآن الكريم ، ونستطيع تشبيهها - مع الفارق طبعاً - بالصلاة التي نؤدّيها والتي لها هيئة محددة من أقوال وأفعال موقوفة ، فكذلك يمكننا فهم النصوص الدالة على ( قراءة القرآن ) بأنها ذات هيئة بحيث لو أطلّع عليها الآخرون لقالوا عن القارىء بأنه يقرأ القرآن ..
قراءة القرآن الكريم تختلف عن قراءة أي كتاب آخر ، لأن القارىء يعقد مع القرآن مجلساً عبادياً خاصّا ، والقارىء يجلس بين يدي كتاب قد أعطاه الله تعالى صفة وشخصية معنوية وشرعية محددة ، وتترتب في هذه الجلسة بين القارىء والمقروء آثار معينة لا تحصل في أي جلسة قراءة أخرى ، قال تعالى ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) الإسراء ٤٥ .
وما يؤيّد هذه الكيفية المحددة لقراءة القرآن أيضاً هي الآداب التي وردتنا للقراءة والتي تنسجم مع هذه الطبيعة من ترتيل المصحف الشريف ، مثل الطهارة وإستقبال القبلة والبدء بالإستعاذة والقراءة بصوت حسن وحزين والتدبّر والإنصات لما يقوله القرآن والسجود في آيات السجدة .. الخ ، وأن أي خرق يحدث في هذه الآداب فإنه سيُنقص ركناً من أركان الصورة الكاملة لقراءة القرآن وقد يُنقص من ثوابها وبركاتها على جلّاسها .. يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat