القراءة في المصحف : قراءة القرآن الكريم في المصحف بالخصوص مما حثّت عليه النصوص الشريفة :
+ عن أبي عبدالله - الصادق - عليه السلام : ( من قرأ القرآن في المصحف مُتّع ببصره وخُفّف عن والديه وإن كانا كافرين ) . الكافي ج٢ ص٦١٣
+ وسأل إسحاق بن عمار الإمام الصادق عليه السلام : جعلت فداك اني أحفظ القرآن على ظهر قلبي فاقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف ..؟ فقال له الامام عليه السلام : بل أقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل ، أما علمت أن النظر في المصحف عبادة ) نفس المصدر .
فقد يحفظ أحدنا بعض الآيات والسور القرآنية ، ويقرأها وهو قاعد أو قائم او ماشي ، فهذا بنفسه عمل عبادي قرآني حسن ومطلوب ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من قرأ القرآن حتى يستظهره - حفظه عن ظهر قلب - ويحفظه أدخله الله الجنّة وشفّعه في عشرةٍ من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار ) .
وقد نرغب بالإستماع لأحد قرّاء القرآن الكريم وننصت إليه ونشنّف أسماعنا به ، وهذا أيضاً بنفسه عمل عبادي قرآني آخر نؤدّيه ونحصل على ثوابه ، قال تعالى ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ..
أما الفعل العبادي المسمّى بـ ( قراءة القرآن الكريم ) والذي هو متعلّق الأمر الإلهي الموجّه إلينا بقوله تعالى ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) هو عمل آخر ومغاير عمّا سبق ، كيّفيته هي أن نأتي بالمصحف الشريف ونضعه بين أيدينا وننظر إليه بأعيننا ونرتلّه بألسنتنا ، وهذا هو المتعارف عند المسلمين والطريقة الواصلة إلينا منهم جيلاً عن جيل ، ولعلّه هو القدر المتيقن من ( قراءة القرآن ) المانع - كقدر متيقن - من إرسال معنى القراءة - بمعناها الأكمل - إلى طرق أخرى نقرأ بها القرآن قد تُستفاد من صيغة الإطلاق في النصّ الشرعي الآمر بالقراءة .
فهيئة الجلوس مع المصحف الشريف وقراءته من خلال النظر الى حروفه وبصوت مسموع وبطريقة ذات ضوابط وآداب معيّنة .. هي الهيئة التي يرى العرف بأنها قراءة للقرآن الكريم ، ونستطيع تشبيهها - مع الفارق طبعاً - بالصلاة التي نؤدّيها والتي لها هيئة محددة من أقوال وأفعال موقوفة ، فكذلك يمكننا فهم النصوص الدالة على ( قراءة القرآن ) بأنها ذات هيئة بحيث لو أطلّع عليها الآخرون لقالوا عن القارىء بأنه يقرأ القرآن ..
قراءة القرآن الكريم تختلف عن قراءة أي كتاب آخر ، لأن القارىء يعقد مع القرآن مجلساً عبادياً خاصّا ، والقارىء يجلس بين يدي كتاب قد أعطاه الله تعالى صفة وشخصية معنوية وشرعية محددة ، وتترتب في هذه الجلسة بين القارىء والمقروء آثار معينة لا تحصل في أي جلسة قراءة أخرى ، قال تعالى ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) الإسراء ٤٥ .
وما يؤيّد هذه الكيفية المحددة لقراءة القرآن أيضاً هي الآداب التي وردتنا للقراءة والتي تنسجم مع هذه الطبيعة من ترتيل المصحف الشريف ، مثل الطهارة وإستقبال القبلة والبدء بالإستعاذة والقراءة بصوت حسن وحزين والتدبّر والإنصات لما يقوله القرآن والسجود في آيات السجدة .. الخ ، وأن أي خرق يحدث في هذه الآداب فإنه سيُنقص ركناً من أركان الصورة الكاملة لقراءة القرآن وقد يُنقص من ثوابها وبركاتها على جلّاسها .. يتبع

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!