(غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

يُجمع المسلمون على أن قول الرب في سورة الفاتحة (غير المغضوب عليهم ولا الضالين). هم اليهود والنصارى. ومنذ ان نزلت هذه الآية التي جعلها الرب فاتحة الكتاب وجعلها مفتاح الصلاة ، فقد قدم اليهود والنصارى تبريرات تلو التبريرات للتملص من هذا النص الذي يعتبروه اهانة لهم وهو بمثابة حاجز يمنع انتماء من يرغب من المسلمين بأن يعتنق اليهودية او النصرانية. فكان الكثير من المسيحيين يضعون هذا النص بوجهي كإدانة للإسلام.
ولكن ما هي حقيقة المغضوب عليهم والضالين؟
قلت لأبحث في التوراة والإنجيل لأرى صحة ذلك، وهل الكتاب المقدس وصف هؤلاء فعلا بالمغضوب عليهم والضالين. ولدى البحث في الكتاب المقدس وجدته في أكثر من مكان يصف اليهود بأنهم من المغضوب عليهم (لابل غضب الرب عليهم ولعنهم). وعندما بحثت في الإنجيل وجدته يصف المسيحيين بأنهم ضالين فعرفت أن القرآن المقدس عندما ذكرهم بالغضب والضلالة ، فهو إنما يؤيد نصا موجودا في الكتاب المقدس ولا يخترع الاشياء او يزوّرها لكي يُسيء إلى فئة معينة. فكان الأحرى بالمعترضين ان يذهبوا ويبحثوا في الكتاب المقدس قبل الاعتراض على ما ورد في القرآن. فإن وجدوا ذلك فعليهم ان يُعيدوا حساباتهم ويتأملوا في تلك النصوص ويسألوا أنفسهم هل هم فعلا في ضلال وغضب الله أو لا . ولكنهم لم ولن يفعلوا.
أولا . التوراة ، حيث تصف اليهود بأنهم من المغضوب عليهم كما نقرأ ذلك في نصوص كثيرة مثل قوله في سفر التثنية 9: 8 (أسخطتم الرب، فغضب الرب عليكم).وقوله : (انزلت عليهم غضبي) وقوله : (يحل عليهم غضبي) وكذلك ما جاء في سفر حزقيال 17 : 36 : (إن بيت إسرائيل لمّا سكنوا أرضهم نجسوها بأفعالهم فسكبتُ غضبي عليهم). وكذلك قول الرب في سفر صموئيل الثاني 22: 8 (فارتجت الأرض وارتعشت. أسس السماوات لأنه غضب. فحمي غضب الرب على إسرائيل).سفر صموئيل الثاني 24: 1.
إذن اليهود أمةٌ مغضوب عليهم كما تخبرنا توراتهم. لا بل أن غضب الرب كان حاميا عليهم.فلماذا يتضايقون من وصف القرآن لهم بذلك.
وأما المسيحية فيكفي أن يسوع المسيح أوصاهم بعدم الضلالة ولكنهم ضلوا وعملوا الرجاسات في عيني الرب . ووصية يسوع نراها في نص لوقا حيث يقول في إنجیله 8 :21 (فقال انظروا لا تضلوا فإن كثيرين سيأتون باسمي فلا تذهبوا ورائهم). ولكن المسيحية لم تلتزم بهذه الوصية وركضت وراء كل من زعم أنه نبي فتركت ما جاء به يسوع ، واعتنقت خزعبلات بولص شاول واضرابه وركضوا وراء اكثر من سبعين نبيا زعموا أن الرب ارسلهم بعد يسوع.وهذا ما تصفه به رسالة بطرس الرسول الثانية 2: 15، التي تقول عنهم بأنهم ضلوا : (قد تركوا الطريق المستقيم، فضلوا، هذا ما ارتأوه فضلوا، لأن شرهم أعماهم).كذلك سفر الحكمة 2 : 21.
بولص الرسول يختصر الموضوع ويُبين اسباب ضلالهم فيقول في: رسالته على تيطس 3 : 3. (لأننا كنا أغبياء، غير طائعين، ضالين، مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة عائشين في الخبث والحسد).
هذه النصوص التي تصفهم بالضلال وأنهم مغضوب عليهم ارسلتها إلى العن قسيس برتبة عالية كان حقده غريبا على القرآن، بحيث كان يُمزقه. وكتبت له في أسفل هذه الرسالة : (جناب الاب الأقدس القس مار يعقوب منسي ، بعد قراءتك لهذه النصوص، أي كتاب احق بالتمزيق؟).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بعض المسلمين يرون أن المغضوب عليهم والضالين هم فئة من المسلمين انحرفوا بعد وفاة رسولهم وقد قرأت لهم احاديث صحيحة في ذلك . وفي رأيي ان هذا صحيح وبما أن هذا القول يسيء إلى فئة عظيمة من الصحابة عمدوا إلى رمي ذلك على اليهود والنصارى. فحرّفوا بذلك معنى الايات التي نزلت فيهم. وهذا بحث آخر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat