بين بعضِ البشرِ والدوابِّ
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

شاهدتُ ڤيديو يُوثِّقُ لأَبٍ عربيٍّ يوجِّه ولدَيه الشابَّين الصامتَين أَمامَه - وهما بعمرِ الزهورِ كما يُقالُ - لتفجيرِ نفسَيهما بالسياراتِ المفخخةِ التي تُزهِقُ أَرواحَ الأَبرياءِ وهو يُضلِّلُهما - ويُضلِّلُ المشاهدين المقصودين بنشرِ هٰذا الڤيديو - بأَنهما سيحظيانِ برضا اللٰهِ تعالى ، والزواجِ بالحورِ العِينِ ؛ فكتبتُ ردًّا:
﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِندَ اللٰهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذينَ لا يَعقِلونَ﴾ [الأنفال/٢٢].
فهذا الشابَّان المُدرِكانِ الحياةَ ووُجودَهما ، المكرَّمان بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿ولقد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا﴾ [الإسراء/٧٠] شرُّ الدوابِّ عند اللٰهِ ؛ فكلٌّ منهما أَصمُّ أَبكمُ لا يَعقِلُ ؛ لأَنهما لم يسمعا صوتَ الحقِّ والسلامِ ، ولم يرُدَّا على صوتِ الباطلِ والظلامِ !
ولو كان عندهما ذرةٌ من عقلٍ يفهمانِ به سببَ وجودِهما في الحياةِ وأَنهما خُلِقا مع جنسِهِما البشريِّ لعِمارةِ الأَرضِ وتطويرِ مرافقِ الحياةِ كلِّها بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿...هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ واستَعمَرَكُم فيها فاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِليهِ إِنَّ ربِّي قَريبٌ مُجيبٌ﴾ [هود/٦١] وليس لنحرِ البدنِ وإِزهاقِ النفسِ ، ولا لتدميرِ الأَرضِ وقتلِ الأَبرياءِ ؛ لَمَا كانا بهٰذا الخنوعِ والخضوعِ لتوجيهِ هذا الأَبِ المنحرفِ القاتلِ المجرم.
وكم من مغسولٍ عقلُه مثلِ هٰذَين الشابَّين ؛ فصار شرَّ الدوابِّ التي في الأَرضِ !
نعم إِنَّ من الدوابِّ التي نعرفُها بالمواشي ما هو خيرٌ للبشرِ وللأَرضِ على حدٍّ سواءٍ ؛ فمن الدوابِّ التي نعرفُها ما هو خيرٌ عند اللٰهِ ، ومنها التي نعرفُها بالبشرِ مَن هو شرٌّ عند اللٰهِ.
إِنَّ اللٰهَ سبحانَه ، والنبيَّ ذا الخُلُقِ العظيمِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بريئانِ من هٰذه الجريمةِ التوجيهيةِ وبريئان مِمَّن يقولُ بها ويُنفِّذُها. وكذلك الإِسلامُ ، والأَخلاقُ الإِنسانيةُ ، والقِيَمُ والشمائلُ والخِصالُ العربيةُ تأبَىٰ أَنْ يكونَ من البشرِ مَن هو موجِّهٌ مجرِمٌ وموجَّهٌ أَصمُّ أَبكمُ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat